فاطمة تحكي: ”قتلت السرطان بالسمسمية”

شفت القمر على صدر الجميل.. ياكل حلاوة ثم يشرب خمير... يا طالعين القصر لفوق ..يا نازلين سلمولي على غزال وعيونه السود هو السبب فى سقم حالي...

 

قهوة صبحي محافظة قنا، إزدحام وتجمع حول القهوة؛ تنظر بعيناك محاولًا استكشاف سبب التجمع.. تنتقل إلى أذنيك بعض نغمات الموسيقى الوترية وكلمات لم تفسرها بعد، "هو فيه إيه يا حاج" يرد "دي السمسية حَدانا".

قولي يا شاعر قولي كمان..خلى كلامك ناب وسنان..يكبش يهبش قلب الخونه..يطلع فجرى سلام وأمان؛  وتستمر السمسمية في عزفها، لتصل عيناك لصاحبة الصوت والغناء، فتجدها جالسة مُرتدية زي الفرقة لتجمع بين الأزرق السماوي والأبيض الملائكي وتصدح بصوتها الجهور بكلمات السمسمية الشعبية لتقص تراث مدن القناة والعدوان الثلاثي.

"السمسمية طول عمرها وسيلة حكي، حكينا بيها تراثنا.. حررتنا أيام الحرب..بنحكي بيها شكوانا"، وهكذا كانت السمسمية لفاطمة أداة تحكي من خلالها حكايتها.

جبت الأقرع يونسني كشف عن قرعته وفجعني..

بصوتٍ مُنغم تقول: "اتعلمت السمسمية بعد ما عرفت بالسرطان، وقتها جوزي طلقني " وتوضح ضاحكة "قالي مبقتيش تلزميني في حاجة"، فاطمة امرأة في مقتبل الأربعينات من عمرها، تزوجت في منتصف العشرينات، أملت أن تأتي من زواجها بأطفال "يملوا عليّ حياتي"، لكن لسوء الحظ أو لحسنه زوجها لم يكن لديه القدرة على الإنجاب.

"صِبرت معاه وقلت  عيال أخواتي أولادي..وهو قرر اني ملزمهوش في حاجة !" خرجت فاطمة من التجربة تائهة لم تعرف بعد ماذا تفعل؟، إلى أين تذهب؟، عادت لمنزل والدها لكن من يستطيع تحمّل عبء إضافي في منزل من غرفتين وحمام فقط، "أخويا عايش في بيت العيلة اللي هو من اوضتين وحمام بعد وفاة والدي..مين هيستحملني " .

فلا تندم على لحظة حب عشتها..

لم تندم فاطمة بعد على حبها أو ما مر من عُمرها، تقبلت تطورات حكايتها بسعة صدر سريعًا، وبدأت البحث عن منزل كملجأ لها، "هفضل ابكي واندب حظي كتير..خلاص ده بقى أمر واقع"، بدأت سنتها الدراسية الجديدة وعادت لعملها كمُعلمة، لكن المرض والعلاج يتركان أثرهما عليها يوما بعد يوم، "خدت قرار اني لازم اسيب شغلي..انا مبقاش عندي طاقة للتعليم في وقت محتاجة فيه اللي يعلمني ازاي استحمل".

حضرت صُدفة حفل للسمسمية في بلدتها الحبيب السويس، شعرت بسعادة عارمة، تحول حزنها وآلمها لبهجة، "هنا بس عرفت شفائي..ومن ساعتها بدأت اتعلم السمسمية والموسيقى"، حاربت مرضها وانتصرت عليه بالموسيقى والسمسمية، "انا قتلت السرطان بالسمسمية".

أه يا لالى .. يا لالى .. يا لالى .. يا أبو العيون السود يا خلى ..أه يا لالى .. يا لالى .. يا لالى .. خليك على كيفك تملى .. يا عينى يا لالالى .. يا سيدى يا لالالى..