”نها”أصغر بائعة في سوق الخضار
الأكثر مشاهدة
تقف هنا منذ أن كانت في الحادية عشر من عمرها، تركت مدرستها وأصدقائها، لتمارس عمل والدتها وتقف محلها بسوق الخضار، هكذا أصبحت حياة "نها" بعد وفاة والدتها "لما امي اتوفت كنت لسة صغيرة معرفتش أعمل إيه بأخواتي وكان الحل الوحيد أقف واشتغل مكانها في السوق.."
نها؛ فتاة في الخامسة عشر من عمرها، تقف خلف خضارها..تنادي على المارة داعية للنظر إلى خضرواتها "الكرنب البلدي..الكرنب المعسّل.."
في بداية عملها حاولت "نها" أن تقف بعربة خضارها جانب السوق لتراها الموظفات، ضايقها الحي مراراً وتكراراً، فعملت "نها" بمبدأ هدى حداد "رزق الله عالعربيات وعلى أيام العربيات.." وانتقلت بعربة والدتها إلى السوق لتقف الطفلة صاحبة الإحدى عشر عاماً وسط البائعين وتنادي مثلهم وتذهب معهم لإحضار خضارها. تقول نها: "من ساعة ما وقفت مكان أمي وأنا بروح العبور الفجر مع باقي البياعين أجيب الخضار وأرجع معاهم، وكانت مشكلتي دايما في اخواتي اسيبهم مع مين في الفجرية ومين ممكن يستحمل 3 أطفال في الوقت ده..."
يحكى أن هناك فتاة في السادسة من عمرها، دخلت منزلها عائدة من المدرسة، فاليوم هو أول يوم دراسة لها، تطير الطفلة فرحاً، مترقبة لتقصّ على والدها حكايتها في أول يوم دراسة..دخلت المنزل لتجد والدتها جالسة بجانب أطفالها باكية، تسألها الطفلة عما حدث فتجيب : "أبوكي طفش وساب البيت.."
لم تعي كثيرا الطفلة معنى لحديث والدتها، لكنها قررت داخل قرارة نفسها الوقوف جانب والدتها "مفهمتش يعني إيه أبويا طفش..طب طفش ليه؟!، بس في جميع الحالات كان لازم اقف جنب أمي.."أخذت "نها" تعتني باخوتها إضافة لدراستها، فالأم تعمل كبائعة خضار . تحكي نها:"أمي كانت بتشتغل طول اليوم، اصل حملنا كان تقيل عليها وابويا سابنا في شقة إيجار ومن غير مليم يوحد ربنا..."
توالت الأيام وظلت الأم تعمل والابنة تساعد أخواتها وتتعلم، إلى أن جاء يوم آخر لم تعي "نها" معنى له إلا بكاء والدتها أيضا "رجعت في يوم لقيت أمي منزلتش السوق -وبتعيط- سألتها قلتلي ان جالها المرض الوحش..."
بدأت "نها" رحلة جديدة من المعاناة فهي الآن تراعي أخواتها إضافة لوالدتها بجانب الدراسة، هكذا قررت نها "كان لازم أراعي البيت كله، بس أمي كانت بتنزل تشتغل ساعات وجارتنا كانت بتساعدها وادي الحال ..."
وفي أحد الصباحات، صباح ينطبق عليه قول هدى حداد بأن "الشمس فيها كانت شارقة ووالعة"، تذهب "نها" لمدرستها مودعة والدتها وأخواتها، لتعود الفتاة بعد يوم دراسي طويل..متشوقة للعب مع أخواتها، وتجهيز طعام مختلف لوالدتها، تدخل الفتاة المنزل، لتجد الكثير من الجيران وأهالي السوق، وتقابلها إحداهما قائلة: "أمك ماتت يا نها ماتت..."
تجمدت الفتاة أمام الخبر، تبحث على أخواتها تجري عليهم محتضنة لهم، لتبكي في حضنهما، وتأخذ قرار آخر، "كان لازم أكمل واربي اخواتي وعشان اشتغل مكان أمي لازم أسيب المدرسة..."
تركت نها مدرستها، تفرقت عن أصدقائها، لم تذهب لوداعهم، بل تركتها وفقط، وبدأت مرحلة تعليمية جديدة، لكنها تختلف تماماً عن تعليم المدارس، "بدأت أتعلم من أهالي السوق ازاي أشتغل وأبيع خضار..الحي ضايقني كتير..لكن في الآخر أهالي السوق ساعدوني، أخواتي في المدارس وأنا بقيت تاجرة في السوق..اسألي بس على "نها" ألف مين يدلك.."
الكاتب
حسناء محمد
الأحد ٠٣ أبريل ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا