”جهاد حمدي”...فتاة الكاميرا المتوجة بجائزة ” أندريا ستينين”
الأكثر مشاهدة
فتاة وصلت بحلمها إلى العالمية رغم صغر سنها، تعرفت على شغف الكاميرا منذ نعومة أظافرها، جعلت الترحال بين دول العالم هدفها، اللقطة بالنسبة إليها حياتها، إبراز تفاصيل الحدث وتوثيقه عملها، قادتها ثورة 25 يناير إلى بناء الخطوة الأولي في حلمها، فهي المصورة الشابة "جهاد حمدي" التي فازت بالمركز الثاني في مسابقة "أندريا ستينين" الروسية الدولية للتصوير الصحفي.
"جهاد" ذهبت إلى عالم التصوير منذ الصغر
تحدثت الفتاة العشرينية عن خطواتها الأولي نحو عالم التصوير الفوتوغرافي بشغف يصحبه تحدي، فقالت "جهاد" أنها اتجهت نحو التصوير عقب انتهاؤها من الثانوية العامة، وقررت أن تدعم حبها للتصوير بالإلتحاق بـ"معهد السينما" وتتخصص قسم تصوير، ولكن لم تسطيع، لافتة إلى أن السبب عدم وجود وسطة لديها.
"أخدت الموضوع تحدي، بعد مقدرتش أدخل معهد سينما و قررت أنى هصور و ده هيبقى مجالى، وهدخل معهد لغات وترجمة " عبرت "جهات" بهذه الكلمات عن توجيه قبلتها نحو معهد اللغات والترجمة بدلا من السينما، ورفض قبولها في معهد السينما ستتخذ منه دافعاً لتحقيق حلمها في عالم التصوير، ولفتت أن اللغة سوف تساعدها على تحقيق تلك الحلم.
وعلى عكس التيار السائد لرفض الأهل للمهن التي تمثل خطراً على البنات مثل مهنة "التصوير الصحفي"، كان أهل "جهاد" خير عون وسند لها، فقالت أن والدتها كانت تتابع الفاعليات والأحداث وتبلغ جهاد لكي تقوم بتوثيقها، وكان والدها هو السند المادي والمعنوي لها، وعندما تتقدم خطوة بحصولها على جائزة أو التقديم في مسابقة، يشجعها ويساندها.
ثورة 25 يناير حافز جهاد نحو التصوير
وكانت ثورة 25 يناير هي البداية الحقيقة لظهور حلم "جهاد" إلى النور: "ابتديت أنزل اشتغل بشكل حر فى الشارع، وأوثق الأحداث إلي بتحصل، لأن التاريخ بيتكتب في شوارع مصر، و فضلت حوالى سنة و نص أو اتنين بشتغل حرة بصور لنفسى و أوثق الأحداث لنفسي و بس عشان اتعلم".
وفي آواخر 2012 التحقت "جهاد" بجريدة الفجر، ثم انتقلت إلى موقع فيس مصر وتولت رئاسة قسم التصوير، وخططت أنها لا تكون رهينة لأى مكان ولابد أن تحلق خارج المكان لكي تنجز خطوات حلمها فقالت: "و فى الحالتين خدت قرار إنى مش هخلى علاقتى بالتصوير عن طريق المكان إلى بشتغل فيه و بس لازم اتعلم اكتر و اشتغل اكتر وأشارك فى مسابقات محلية و دولية عشان أعمل لنفسي اسم فى مجالى محلياً و دولياً و عشان صور مصر تنتشر بشكل أكبر".
الكاميرا تجعل بين جهاد والموت متر واحد فقط
وفي ظل الانتهاكات والمخاطر الجسيمة التي يتعرض لها المصورون الصحفيون في الميدان التي تصل إلى حد الوفاة، حيث توفي عام 2012 74 صحفياً، وفي عام 2013 70 صحفياً، و60 صحفياً في عام 2014، وعن انتهاكات 2015 وفقا للتقرير الصادر عن " لجنة الحريات بنقابة الصحفيين" رصد التقرير 782 انتهاكا تنوعت ما بين حبس السجن والحبس والحبس الاحتياطي، والتوقيف، واقتحام المنازل للقبض، علقت "جهاد" في حوارها مع موقع "احكي" أن خوفها كان يزداد في ظل تلك الانتهاكات الخطيرة التي يتعرض كل ما له علاقة بمهنة الصحافة، ووصل بها الحال إلى أنها تتراجع عن مزاولة "التصوير الصحفي"، ولكنها لفتت إلى أن هذا القرار كان في لحظة غفلة وسرعان ما تتراجع عنه، وفسرت تلك الانتهاكات التي تلاحقهم بأنهم "عيون الحقيقة"، والغرض منها منع التوثيق، وقالت:" إنى لازم استمر فى دة أياً كانت المتاعب، فإيماني بمهنتني و إصراري على تحقيق هدفى فيها بيزيد".
وكان تغطية فض اعتصام رابعة أغسطس 2013 فى ميدان مصطفى محمود،بمثابة مشهد موت بالنسبة لجهاد، فقالت أنها كان بينها وبين الموت متر، فكان يوجد ضرب نار من عمارة عالية، و كانت تتحدث مع شخص مدني، و بعدت عنه متر واحد عنه، وكانت النتيجة أن الرجل إصيب بطلق ناري فى عنقه و مات فى نفس اللحظة التي كانت تقف فيها جهاد .
وتعاملت مع تلك الموقف فأنها تختفي داخل إحدى الجراجات، وفي المستشفى الميداني لمصطفى محمود اتحبست بالغلط مع جثتين فى غرفة صغيرة جداً لا تتعدى عن " متر& متر"، وعندما خرجت هي وزملائها تم تهديدها بسلاح.
و من المواقف التي لا تمحو من ذاكرة "جهاد" أنها في يوم 16-8 -2013 فى المطرية، المتزامن مع الجمعة الأولى عقب فض الاعتصام، تم تهديدها من قبل مجموعة مسلحة كانت فى مسيرة جماعة الإخوان المسلمين، فتخفت عن نظرهم على رصيف أمام محل فاكهة، وعندما وجدوا معها "الكاميرا"، قام شخص منهم بتصويب طلقة في قفص الفاكهة الذي كان يجاورها، و قال لها نصاً " لو جدعة صوري"، بعدها اغلقت الكاميرا وتركت المكان.
ويمثل يوم 6 اكتوبر 2013 في الدقى أحداث ما بعد فض الاعتصام، مشهد آخر من مغامرات جهاد في عالم التصوير، فطلع عليها هي وزملاؤها مجموعة من المواطنين أو "البلطجية" -على حد وصفها-، وهددوهم بالأسلحة البيضاء، بأن يسلموا جميع أجهزتهم ، وكان تقمص جهاد لشخصية البنت الخائفة والتي تبكي بشدة هو المنقذ لها، ولكن أخذوا زميلها وتم اعتقاله في نفس اليوم.
وإلى جانب ذلك تعرضت جهاد إلي الإصابة بالخرطوش في مواقف عديدة، وتم القبض عليها أكثر من مرة خلال تغطياتها الميدانية، ولكنه لم يكن قبض رسمي أي لا يصل إلى القسم والتحقيق.
"مفيش صورة تستاهل حياة المصور" كانت هذه نصيحة جهاد إلى المصورين الصحفيين، وقالت أن السلامة والآمان للمصور أهم شىء، أى هم من ينقلون الأحداث والأخبار وليس الأخبار هي من تنقل إصاباتهم واعتقالهم، ولابد أن يكون لديهم دراية كافية بقواعد السلامة المهنية، وأن يتحركوا في محموعات خلال التغطية، ويدرسون جغرافية المكان جيداً من أجل التوصل إلى نقاط الآمان التي يلجأوا أليها وقت الخطر.
مصورون وصور لا تمحو من ذاكرة جهاد
يرتقي حلم "جهاد" للعالمية، وتظر دائما إلى مدارس التصوير الغربية، فقالت أن المصور الأسباني بوكالة الأسوشيتد برس " مانو برابو" هو مثلها الأعلى، لأنه بدأ التصوير و هو عنده 19 سنة، وقام بتصوي معظم الحروب الحالية فى الفترة الحديثة و معظم الأحداث القوية التي حدثت بالعالم, وعلى صعيد مصر فالمصور الصحفي "حسام دياب" بصحيفة الأهرام وشغفه بالتصوير واهتمامه بسلامة المصورين يمثل حافز هام لها أيضاً.
وعن اللقطات المصورة التي لا تمحو من ذاكرة جهاد، صورة "فتى المدرعة" تصوير" طارق وجيه" المصور بالمصري اليوم فى جمعة الغضب أمام القصر العيني، ومن الصور الآخري على الصعيد الدولي صورة "كيفن كارتر" عندما كان يغطى "مجاعة السودان" نتيجة الحروب الأهلية.
وقالت بحماس شديد وتغيرت نبرة صوتها، أن أكثر صورة أثرت فيها وفي الرأى العام العالمي صورة الطفل الفلسطيني الشهيد "محمد الدرة".
وانتقلت جهاد بعد ذلك إلى ذكر أنواع التصوير، وقالت أن هناك عدد كبير جدا لأنواع التصوير فهناك (التصوير الصحفى و الوثائقي، تصوير الطبيعة، تصوير الحياة اليومية و الشارع، تصوير الوجوه "البورتريه"، تصوير الماكرو (الصور التقريبية للكائنات و الحاجات الدقيقة)، تصوير برى (حياة الأدغال و الحياة البرية )، تصوير الرياضة والتجريدي، والحركي والمعماري والليلي).
جهاد تصل إلى العالمية وتفوز بالمركز الثاني في مسابقة " أندريا ستينين"
منذ أن اتخذت " جهاد" قرار الإلتحاق بمنطقة التصوير التي تخاف منها الكثيرات، إلا أن حلم العالمية أصبح رفيق لها، ووصلت أليه بتتويجها بالمركز الثاني في مسابقة "أندريا ستينين" الروسية الدولية للتصوير الصحفي، بالإضافة لفوزها بالمركز الأول في المسابقة في تصويت الجمهور، عن صورتها لاحتفالات نادي الزمالك بدرع الدوري.
و"جهاد"، هي المصرية الوحيدة المتأهلة للنهائيات في المسابقة، و3 مصورين عرب، بالإضافة إلى 71مرشح آخر من 38 دولة، وتم اختيار 25 صورة مقسمين على 5 فروع للتأهل للنهائيات من أصل 6000 صورة، بينها صورة جهاد في فرع "الرياضة".
وشكلت لجنة التحكيم من عدد من أساتذة التصوير في العالم، والمسئول عن فرع "الرياضة" الذي تأهلت فيه جهاد هو "دينيس باكين" المصور الرسمي لكأس العالم لكرة القدم والألعاب الأوليمبية.
ورغم المسابقة الدولي التي وصلت لها "جهاد" إلا أنها تفتقر إلى دعم الدولة مادياً ومعنوياً، وحتي الاجراءات لا تسطيه إنهاؤها، وهي من تتحمل كل شىء بمفردها.
وجدير بالذكر أن هذه المسابقة تكريمًا لروح المصور الصحفي الروسي "أندريا ستينين"، الذي لقي مصرعه أثناء تأدية عمله في 2014، بعد اختطافه من قبل القوات الأوكرانية، والعثور على سيارته متفحمة وهو بداخلها.
واستكملت "جهاد" أن نفس الصورة حصلت على المركز الثاني التشجيعى فى مسابقة نقابة الصحفيين و مركز ثانى فى مسابقة "شوكان" للتصوير الصحفي برأى لجنة التحكيم، و مركز أول فى مسابقة شوكان برأى الجمهور، كما فازت فى مسابقة (جولة الكاميرا) التابعة لاتحاد المصورين العرب - مكتب مصر.
حلمي اصور في الشارع بحرية
"نقدر نصور فى الشارع بحرية و المجتمع يتفهم ثقافة التصوير الصحفي وأن الانتهاكات إلي بتحصل للمصورين الصحفيين تنتهى، وإني اقدر أوصل صور مصر للعالم كله" عبرت تلك الكلمات عن أحلام جهاد المشروعة منطقياً والمحرمة اجتماعياً.
وعبرت جهاد عن حلمها بأن تغطي الأحداث بسوريا وفلسطين، واستطيع التنقل بين بلدان العالم وأصور أنماط الحياة المختلفة، ومن أهم تلك البلاد (جنوب إفريقيا و تايلاند و المالديف و الصين)، وعن الجوائز التي تحلم بأن تصل أليها هم ، "البوليتير politizer و الورلد برس فوتو wpp ".
ووجهت جهاد في نهاية حوارها مع "احكي" رسالة للفتيات، فنصحتهن بأن لا يتركن أحلامهن عرضة للهلاك من قبل المجتمع، ولكن السعي وراء أحلامهمن من أجل تحقيقها يكون ذلك هدفهن، وأن تكون النظرة المجتمعية بمثابة التحدي والإصرار نحو تحقيق الهدف:" البنت تقدر تنافس في أي مجال ماه ما كان سنها وجنسها، وعندما تنجح ستجد من يهاجمها بيهنيها ويتقرب منها".
الكاتب
سمر حسن
الأربعاء ٢٤ أغسطس ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا