”فرح أياس”...مصورة تجولت بعدستها لالتقاط السعادة ونشر الفن بين الأطفال
الأكثر مشاهدة
شغفت بالتصوير منذ نعومة أظافرها، اتكأت في بداية مشوارها على الأدوات المهنية، فدخلت عالم التصوير الفوتوغرافي من باب الاحتراف وليس الهواية فقط، كانت الحرب بالنسبة إليها بداية جديدة وليس نهاية لقصة حياتها، أخرجت الجمال من رحم المعاناة بعدستها، حلقت بكاميراتها بين الأطفال لنشر رحيق الفن بينهم، لم يقتصر تصويرها على لون واحد فقط، فتتنوع لقطاتها بين فن تصوير الشوارع، وتصوير حفلات الأفراح، والحفلات الخارجية، تُستمد ملامح وجهها من اسمها، فترتسم الابتسامة على وجهها، تنظر إلى الحياة بنظارة الأمل لتحقيق الحلم، فهي المصورة السورية (فرح أياس).
شغفت بالتصوير منذ عامها الـ13 وبدأ تحقق الحلم في القاهرة
ابنة دمشق التي على مشارف إنهاء العقد الثالث من عمرها، قضت حياتها على الأراضي السورية، إلا أن ركام الحرب ابعدها عن موطنها عام 2013 قبيل إنهاء السنة الرابعة من كلية التجارة قسم المحاسبة، وجاءت إلى القاهرة :" يعني الوضع الجديد إللي في الشام وخطورته وخوف والدتي عليا، بما إني وحيدتها فقررنا نجي مصر"، بلهجة سورية وملامح شامية تحدثت "فرح" إلى موقع "احكي"، مسلطة الضوء على صعوبة التحاقها بالتعليم المفتوح إبان مجيئها إلى القاهرة لأنها كانت ستعود إلى العام الجامعي الثاني.
"من خلال الصورة بقدر وقف لحظة من الزمن ووثقها لسنين طويلة، بقدر من خلال الصورة اجسد الحزن بملامح الوجه والفرح والخوف والسعادة، الصورة طريقة تعبير عن الذات"، بدأت "فرح" بهذه الكلمات تعبر عن شغفها بالتصوير، الذي بدأ منذ عامها الثالث عشر، ولكن موهبتها لم تخرج إلى النور إلا عام 2009، وقالت:" بس للأسف ما كان متاح بدمشق تعلم التصوير الفوتوغرافي كعلم، فقط كان موجود كورسات تعليمية بسيطة أيام تحميض النيجاتيف والمواد الكيميائية.
وبدأ مشوارها في عالم التصوير بالعلم والموهبة، فامتلكت كاميرا، وبدأت تحضر العديد من الكورسات المتعلقة بالتصوير الفوتوغرافي، فحصلت على منحتين من" منظمة الأمم المتحدة لشئون اللاجئين- يو ان اتش سي ار"، لتدريب الأطفال والشباب على مبادئ التصوير الفوتوغرافي، بالإضافة إلى عملها في مصر بالشيخ زايد مع مدرسة "برايكس فور كيدز".
تتنوع اللقطات بين تصوير المناسبات الإجتماعية وشوارع دمشق
لم تغب "دمشق" بشوارعها العتيقة التي تملأها عبير الياسمين عن عدسة كاميراتها، فتارة تجولت بعدستها بين الحرف المهنية الدمشقية، وتارة أخرى يقودها حسها الإنساني إلى التقاط بعض الحالات الإنسانية الموجودة في الشارع السوري.
كما تجولت بين أروقة البرامج الدولية لتوثيقها، فقامت بتصوير العديد من البرامج التدريبية التابعة للأمم المتحدة " برنامج الأمم المتحدة لشئون اللاجئين- يو ان دي بي" وبرامج تدريبية لمؤسسة الجمعية السورية لرواد الاعمال الشباب، بالاضافة لتصوير برامج تدريبية للشباب الجامعيين يقدمها مركز "خطوة" المركز السوري الأوروبي للأعمال بالتعاون مع "جي سي اي".
وعندما أتت "فرح" إلى القاهرة، حلقت بكاميراتها بين العديد من المناسبات المختلفة فقامت بتصوير حفلات الزفاف، وأعياد الميلاد، بالإضافة إلى جلسات التصوير الخارجية والبورتريه، حتى تمكنت وتخصصت في التقاط أجمل الصور للمناسبات المختلفة.
وهناك بعض اللقطات التي لا تمحي من ذاكرة "فرح"، فصورة الشخص النائم في إحدي شوارع دمشق، وصورة "كلاون"، الذي يوزع الابتسامات على وجوهنا ووجوه الأطفال، بالإضافة إلى صور الوجوه المعبرة للأشخاص التي تؤثر فيها كثيرا، فتجعلها تدخل إلى أعماق النفس البشرية من خلال ملامحها المتجسدة على الكاميرا.
مشروع say cheese cairo
تحدثت "فرح" بانتباه وفخر عن هذا المشروع، وقالت أن مشروعها يقوم على تعليم الأطفال والشباب اليافع التقاط الصورة بوضعية صحيحة، بالإضافة إلى تعليمهم مبادىء التصوير الفوتوغرافي، وأنواع الكاميرات، ومصادر الإضاءة، وانواع التصوير، وخدع المسافة.
وشرحت طبيعة المشروع، موضحة أنه كان عبارة عن دروس تتقسم إلى جزء نظري وجزء عملي، ويرتكز الجزء العملي على التقاط العديد من الصور من قبل الأطفال، ثم تقوم "فرح" بشرح الأخطاء الموجودة في الصور، وتصحيحها، بالإضافة إلى أنها توصل إلى مرحلة تحليل الصورة للأطفال، وقالت فرح أنها تهدف من البرنامج :" كيف يقدروا الأطفال يحكوا قصة من خلال الصورة، وكيف يقدروا يناقشوا صورة من حيث الإضاءة و التكوين والجودة وجمالية التفاصيل".
ولم يقتصر المشروع على تعلم التصوير فقط، بل كشفت " فرح " أنها تستخدم التصويرلأهداف تعليمية متل الحفاظ على البيئة والتغذية الصحية والعادات السليمة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على بعض الظواهر المجتمعية، وفي نهاية المشروع أعطت لمحة سريعة عن برنامج الفوتوشوب.
وانتقلت فكرة "مشروع فرح" إلى المنظمات الدولية، فعندما فتح " برنامج الأمم المتحدة لشئون اللاجئين- يو ان دي بي" باب تقدم مشاريع صغيرة للشباب السوريين مدة المشروع 3 شهور، قامت فرح بتقديم الفكرة، وحظيت على إعجاب البرنامج ، وقبلت الفكرة مرتان، وبعد ذلك قامت بتنفيذ فكرة المشروع ولكن في شكل مشروع خاص بها ونفذته بمدرسة (briks for kids) لمدة ثلاثة أشهر.
" وبالأدوات إللي عندي كاميرتي وفلاشتي وكاميرا صغيرة بقيت بشتغل عليهم لوحدي مع مجموعات تانية جديدة" تحدثت فرح عن خروج مشروعها إلى النور.
سورية الهوى والهويّة
"أنا اتطوعت مع مركز تابع لليو ان اتش سي ار لتدريب اللاجئين والأطفال السوريين على مبادئ التصوير الفوتوغرافي كنوع من أنواع الدعم النفسي، وإخراجهم من الشدة النفسية إللي هم فيها، ومساعدتهم على التعبير عن نفسهم من خلال التصوير"، بدأت "فرح" تتحدث عن دعمها لبني شعبها، لافتة إلى قسوة التجربة التي يمر بها الشعب السوري.
ولكنها صارت عكس التيار المعتاد، وحولت الخوف والظروف الصعبة إلى تحدي وتحقيق هدفها "أول شي ساويناه حاولنا نساعد بعض كسوريين، ونحاول نندمج بالمجتمع الجديد"، وتحدثت على أنها بدأت المشوار من الصفر بالمجال الذي اختاره شغفها.
وفيما يتعلق بسؤالها عن صورة الطفل السوري "عمران" الذي أُنقذ من تحت الأنقاض، فوصفتها "فرح" بأنها صورة مختلفة وصادمة ومعبرة جدا، فسلطت الضوء على لحظة من الزمن، وهي لحظة خروج الطفل من تحت الركام من غير دموع، وقالت أن الصورة : "نقلت الصورة صمته وصدمته وعدم بكاؤه رغم الوجع والدم ونقلت معه رسالة عن عجز الإنسانية والعالم كله عن إيجاد حل لحماية الأطفال السوريين".
وبالنسبة للأزمة السورية، لفتت فرح في حوارها إلى أنه بالرغم من اليأس الذي يعيشوه إلا بصيص الأمل يقودها إلى رؤية سوريا بلا نزاعات ، ويعمها السلام ، ويعود جميع المهجرين السوريين لبلدهم ويعمروها.
حلم "فرح" بين تنمية الحس الفني للأطفال وأن تصبح مصورة معروفة
"أنا نفسي أتعرف أكتر في مصر كمصورة فوتوغرافية" قالت فرح وابتسامة أمل تنبعث من عيناها عن حلمها، مستكملة الحديث عن طموحها بعمل مدرسة فنون للأطفال واليافعين لتعليم التصوير الفوتوغرافي والموسيقي والرسم والمهن التي تنمي الفكر والحس الفني للأطفال.
وفيما يتعلق بحلم الأماكن لديها قالت :"ما بخفي انا بنبهر بجمال الطبيعة وبحبها اوي وبحب إني أسافر برفقة كاميراتي، إيطاليا واستراليا والنمسا وفرنسا كلها فيها طبيعة رائعة، وفيها مباني جميلة جدا".
الكاتب
سمر حسن
الخميس ٠١ سبتمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا