”انشراح الشال”...الغائبة بجسدها الحاضرة بعلمها
الأكثر مشاهدة
امرأة مرسومة ملامحها بتجاعيد الخبرة، تتنفس العلم مثل تنفسها للهواء، تمنح العطاء والعلم في آن واحد، قاعة العلم محرابها التي تفضله، فلم يمنعها عقدها الثامن من ألقاء المحاضرات، ظاهرة كالنجمة في الحقل الإعلامي، تتلمذ على يديها أجيال إعلامية، تتخذ نصيب من اسمها، فالبسمة لا تترك وجهها، فتشرح قلوب كل من يقف في حضرتها، لم يُفرق رحيل جسدها في 29 أغسطس الماضي مريدينها عن ذكرها دائما ، فهي الدكتورة (انشراح الشال) الحاضرة بعلمها وسط أروقة كلية الإعلام بجامعة القاهرة .
ولدت أم الإعلاميين العرب -كما لقبت-، بمنيل الروضة 4 يناير عام 1939، وهي متزوجة من "مصطفى مجاهد الشال" وأم لابنتان، الدكتورة "أميمة مصطفى الشال" ، و"آية مصطفى الشال" وبدأت حياتها المهنية معلمةً للغة الفرنسية، ثم التحقت بمعهد الإعلام وحصلت على الماجستير، ثم سافرت إلى فرنسا للحصول على الدكتوراه، وبالفعل حصلت على دكتوراه الدولة من فرنسا في (علم الاجتماع الإعلامي) وهى أرقى درجة للدكتوراه تمنحها الدولة الفرنسية.
كلية الإعلام بجامعة القاهرة موطنها الذي يستقر بقلبها، فتنبعث الفرحة من وجهها وهي تتكأ على عصاها وتخطو الدرجة الأولى من "سلم" الكلية، وبدأت مشوارها نحو الكلية بتعيينها معيدة بقسم الإذاعة عام 1972، ثم مدرس بمساعد بالقسم 1972، ثم وصلت إلى مدرسًا للإعلام في العام ،1983، ونالت العديد من الترقيات لتصل في النهاية إلى استاذ غير متفرغ بالقسم عام 2010 ولم يبعدها عن (إعلام القاهرة ) إلا الموت عام 2016.
تجولت (الشال) بعلمها حول العالم، فزارت من الدول العربية ( ليبيا وتونس والجزائر، المملكة العربية السعودية والبحرين والكويت والعراق ولبنان)، وذهبت إلى الغرب (فرنسا وبلجيكا وهولندا وسويسرا وإسبانيا وإيطاليا والفاتيكان واليونان وانجلترا، الاتحاد السوفييتي (سابقا) ويوغسلافيا وتشيكوسلوفاكي، وكانت ثمرة جولاتها، تأليف كتب عن (الإعلام من منظور اجتماعي في المملكة العربية السعودية ، وكتاب عن الإعلام في الهند ، وكتاب عن الإعلام في تشكسلوفاكيا).
تقلدت العديد من المناصب الرفيعة التي سجلت من خلالها مواقف لا تمحي من ذاكرة الشعوب، فعينت عضوا في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية عام 1988م، فنبهت في إحدى المؤتمرات إلى وصول البث المباشر الأجنبي إلى المنازل، وطالبت المؤتمر الثاني للمجلس الذي عقد في بغداد عام 1989م ، طالبت الرئيس العراقي السابق "صدام حسين" بالإفراج عن الأسرى الإيرانيين، وبعد غزو العراق للكويت في حرب الخليج الثانية ، طالبت الجانب العراقي في خطابات مفتوحة في الصحف بالإفراج عن الأسرى الكويتيين.
لها العديد من الإسهامات العلمية التي من الصعب حصرها، فهي أول من أشارت إلى "العولمة" في بداية السبعينيات، وأول من نبهت إلى تطلعات الشباب للهجرة الخارجية، وأول من حلل وكتب عن رسوم الطفل، ولها أكثر من خمسين بحثا منشورين باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية.
تخرج من تحت مظلة علمها العديد من الباحثين، فأشرفت على عديد من رسائل الماجستير والدكتوراه في كلية الإعلام وكليـات بجامعات أخرى، فأشرفت على أكثر من عشرين رسالة علمية.
توجت مسيرتها بالعديد من الجوائز والألقاب، فحصلت على جائزة "مدرس مثالي" على مستوى الجمهورية في عيد العلم عام 1984، وحصلت على درع جامعة العريش عام 2009م، ولقب أستاذة مثالية بجامعة القاهرة عام 2004م، و الأم المثالية لكلية الإعلام عام 2004م ، وهي من الشخصيات العامة التي ذكر نشاطها في الموسوعة التي أصدرتها الهيئة العامة للاستعلامات، وهي أول امرأة تشارك في ندوة مفتوحة في صحن مسجد، وشاركت فيها فضيلة الشيخ الراحل محمد الغزالي، وذهبت إلى معظم الإذاعات الدولية.
الكاتب
سمر حسن
الأربعاء ٠٧ سبتمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا