”نعمات أحمد فؤاد”...ابنة النيل وامرأة المعارك الوطنية
الأكثر مشاهدة
"الحصول علي ورقة يانصيب قيمتها بضعة آلاف من الجنيهات لذيذ ومريح، ولكني لا أتمني لكِ يا ابنتي أن تربحي ورقة يانصيب فمثل هذا المال يذهب بسهولة كما جاء، وإن مكث فلا طعم له ولا بركة فيه، إن خير المال المندي بالعرق"، هذه كلمات امرأة ذكية تمتلك من الهبات الكثير، قدرة علي الحفظ والتذكر، وبلاغة في التعبير، وسعة في الأفق، وشجاعة في الحق، فهي الأديبة" نعمات أحمد فؤاد" التي رحلت أمس عن عالمنا عن عمر يناهز 90 عاماً.
من مواليد مركز "مغاغة" بمحافظة المنيا، حفظت القرآن الكريم في طفولتها ثم انتقلت من مغاغة إلي ضاحية حلوان في القاهرة لتلتحق بالمدرسة الثانوية الداخلية للبنات في حلوان، وكانت أول فتاة تحصل على المركز الأول على القطر المصري في امتحانات التوجيهية (الثانوية العامة حاليا)، وحصلت على ليسانس الآداب جامعة القاهرة عام 1948، ثم حصلت على الماجستير في أدب المازني عام 1952، ثم الدكتوراه عام 1959 برسالة كان عنوانها "نهر النيل في الأدب المصري".
في منتصف الخمسينيات تزوجت الأستاذ محمد طاهر، الذي كان يمتلك مصنعاً للأدوية وداراً لنشر الكتب، وقبل لقائه بها كان عازفاً عن الزواج، وقال في إحدى المقابلات الصحفية : «منذ طفولتي الغراء كنت عاشقاً للقراءة التي كانت رفيقتي في كل لحظة، حتي إنني قررت عدم الزواج حتي لا أرتبط بامرأة تستشعر تفضيلي للقراءة عليها، ولكن سمحت لي الظروف أن ألتقي نعمات أثناء إنهائي بعض الأوراق في عملها بوزارة الثقافة، وكنت كلما ترددت عليها وجدتها تمسك بكتاب تقرأ فيه، فكان الحب والزواج في منتصف الخمسينيات.
شغلت العديد من المناصب الهامة من أهمها مدير عام المجلس الأعلى للثقافة، وأستاذ الدراسات العليا بجامعة حلوان لمادة فلسفة الحضارة، وأستاذ بالمعهد الدولي للاقتصاد والبنوك الإسلامية التابع للاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية.
وتعتبر مرحلة الثانوية هي مرحلة نمو الكتابة لدي "نعمات" من قبل مدرس اللغة العربية، الذي كثيراً ما كان يثني علي موضوعات التعبير التي أكتبها بعبارات مؤثرة في الصفحة الأولي من الكراسة.
"شيء كبير أن يكون للإنسان قلم ولكن شيئا نفيساً أن يكون للإنسان موقف"،صارعت وخاضت العديد من الحروب فارتبط اسم "نعمات أحمد فؤاد" بقضايا أثارت خلالها العديد من المعارك دفاعا عن مصر وحضارتها وشعبها، من أهمها قضية هضبة الأهرام وقضية دفن النفايات الذرية وقضية الآثار المصرية التي استولت عليها إسرائيل أثناء احتلالها سيناء.
كان رحيل والدها سببا في توطد علاقة "نعمات" بكل ما يستطيع منحها مشاعر الأبوة، ولهذا كانت صلتها بأحمد حسن الزيات الذي كان يراها امتداداً له، والعقاد الذي قدمت للمكتبة العربية مؤلفاً في أدبه، وغير هذين من أدباء جيل العمالقة، وهو ما قالت عنه في حوار سابق لها: «عندما اختفي الأب البطل من أمام الصغيرة توطدت علاقتي بآباء غيره، ولعل هذا سر ارتباطي بالنيل الذي اعتبرته الأب الأكبر منذ أن تفتحت عيناي علي الحياة، وزادت صلتي به عندما كنت أصحب والدي في مسيرته الصباحية المبكرة بجوار شاطئ النيل للمرور علي أرضه.
رحلت ولكنها تركت عدة مؤلفات أدبية، منها "آفاق إسلامية" و"آفاق مصرية" و"الإسلام وإنسان العصر" و"الجمال والحرية الشخصية في أدب العقاد" و"القاهرة في حياتي" و"اللص والكلاب محنة البنوك المصرية" و"النيل في التراث الشعبي" و"صناعة الجهل".
قالوا عنها إنها امرأة ما فتأت تخرج من معركة إلا لتدخل أخرى جديدة، لا يعنيها الجهد بقدر ما تعنيها النتيجة. تارة تحارب الفساد الذي أراد يوماً بيع هضبة الأهرام لمستثمر كندي لبناء منتجع سكني بها، وأخرى تحارب الجهل الذي لم يمانع في أن تكون مصر مدفناً للنفايات النووية، وثالثة تعادي الأمية التعليمية والثقافية علي صفحات الجرائد رافضة بيع العقل والموروث المصري.
الكاتب
سمر حسن
الأحد ٠٢ أكتوبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا