”نوال السعداوي”..المرأة التي هزت عرش المسكوت عنه بقلمها
الأكثر مشاهدة
تنبع القوة من بين ملامحها الثائرة على العادات والتقاليد المجتمعية، تستمد قوتها من قلمها الباحث عن الحرية، تعترض بكتبها على الأعراف العربية، التي تأبى على المرأة المجاهرة بها، الحروف التي تنبعث من قلمها أثارت الجدل، فتنوعت ألقابها بتنوع شخصيتها الجدلية، بداية من "سيمون دي بوفوار العرب"، إلى "المرأة الحديدية"، فأصبح قلم الأديبة والطبيبة "نوال السعداوي" كالمشرط الذي يضرب في جسد المجتمع، ليكشف أمراضه بحثاً عن دواءه.
محطة النشأة والأب الملهم
ولدت في 27 أكتوبر عام 1931 لعائله تقليدية ومحافظة بقرية "كفر طحلة" إحدى قرى مركز بنها التابع لمحافظة القليوبية، كانت الطفلة الثانية من بين تسعة أطفال، وكان والدها مسئول حكومي في وزارة التربية والتعليم ، وكان من الذين ثاروا ضد الاحتلال البريطاني لمصر والسودان كما شارك في ثورة 1919.
استمدت من والدها إدمان الأدب، وشغف القراءة والتهام الكتب، فكان يحلم أن يصبح ذات يوم أديباً كبيراً، وترعرت على مكتبة والدها التراثية، مما أدى إلى صقل شخصيتها الأديبة، فكان لوالدها تأثير كبير عليها، في ترسيخ الكثير من القيم والمثل والمبادئ في شخصيتها، و توفي كلا والديها في سن مبكر.
وقالت عن والدها في سيرتها الذاتية "أوراقي حياتي" : "أبي كان رجلا مستقيم الأخلاق ، لا يسكر ولا يخون أمي ، وسمعته يقول أن الله هو الصدق والاخلاص والعدل والحرية والحب والجمال ، وأنه كامن علي شكل "الضمير الحي" داخل كل إنسان ، رجل أو إمرأة ، دون تفرقة بينهما ، هكذا أصبح الإيمان ، في نظري ، هو العدل والصدق والحرية والحب والجمال والمساواة بين البشر".
محطة دراسة الطب التي لم تزيدها معرفة
تخرجت "نوال" من كلية الطب جامعة القاهرة في ديسمبر عام 1955، وحصلت على بكالوريوس الطب والجراحة وتخصصت في مجال الأمراض الصدرية وعملت كطبيبة امتياز بالقصر العيني،وقالت خلال إحدي حواراتها، وكان كتاب "المرأة والجنس"، الذي صدر 1969 السبب وراء فقدان وظيفتها في وزارة الصحة المصرية عام 1973م، من عام 1973 إلى عام 1976 إهتمت بدراسة شئون المرأة ومرض العصاب في كلية الطب بجامعة عين شمس.
محطة أزواجها الثلاثة التي انتهت بالطلاق
" زوجي الأول كان عظيماً، زميلي في كلية الطب، وكان رائعاً، والد ابنتي، لم يرد والدي مني أن أتزوجه لأنه غادر إلى السويس لمحاربة البريطانيين، لكن بعد ذلك تم خيانة المقاتلين، والكثير منهم تم حبسه، هذه الأزمة كسرته وأصبح مدمناً، وأخبرت أنني لو تزوجته، قد يوقف إدمانه، لكنه لم يفعل، حاول قتلي، لذا تركته " .
وزواجها الثاني كان من رجل قانون ولم يستمر هذا الزواج أيضاً، ونقدت زواجها الثاني في سيرتها الذاتية نقداً شديداً، وتحررت منه ايضاً، اما زوجها الثالث فوصفته بأنه "الرجل النسوي الوحيد على وجه الأرض"، وقالت عنه : " الزوج الثالث هو شريف حتاته، والد ابني، كان رجلا حراً جداً، ماركسي تم سجنه، عشت معه 43 عاماً، ثم بعد ذلك اضطررت للطلاق أيضاً، كان كاذباً".
محطة أعمالها التي شخصت أمراض المجتمع وعرضتها للقتل
تعتبر "السعداوي" من الشخصيات المثيرة للجدل والمعادية للحكومة المصرية، فكان كل عمل لها بمثابة القنبلة التي تفجر تابوهاً اجتماعياً مدفون في كهف العادات الخاطئة، فأصدرت نحو 40 كتاباً, أُعيد نشرها وترجمتها لأكثر من خمسة وثلاثين لغة.
ويعتبر "كتاب المرأة والجنس-1969" النص التأسيسي للموجة النسوية الثانية، حيث فتحت بهذا الكتاب جميع أنواع العنف التي تتعرض لها المرأة كالختان والطقوس الوحشية التي تقام في المجتمع الريفي للتأكد من عذرية الفتاة .
ومن أهم أعمالها المثيرة للجدل سيرتها الذاتية "أوراقي حياتي"، رواية "سقوط الإمام"، رواية "الحب في زمن النفط"، كتاب "الوجه العاري للمراْة العربية"، رواية "امرأة عند نقطة الصفر".
محطة الدين والاتهام بالإلحاد
"إن أنكرت الطفلة وجود العفاريت وآمنت بأن الله هو العدل والمساواة والصدق والحرية والحب والجمال فهل تكون ملحدة؟"، لخصت "السعداوي" عقيدتها في هذا التساؤل، ومن أهم التصريحات التي وضعتها في مأزق مع الحكومة والتيارات الدينية، " تهمة ازدراء الأديان مزيَّفة ومسيَّسة وسبوبة لهواة الشهرة ، كتبت "إلى الله وعمرى 7 سنوات، كل نظام سياسي يفسر الدين كما يشاء " .
محطة ضريبة الحرية والنفي خارج البلاد
أغلقت الحكومة مجلة الصحة، التي أسستها، وكانت تحررها لأكثر من 3 سنوات، ثم اعتقلت في عام 1981 لمعارضتها اتفاقية السلام مع إسرائيل، وأطلق سراحها في نهاية نوفمبر 1981، بعد شهرين من اغتيال السادات.
وتم رفع العديد من القضايا ضدها من قبل الإسلاميين مثل قضية الحسبة للتفريق بينها وبين زوجها، وضع اسمها على ما وصفت بـ"قائمة الموت للجماعات الإسلامية" حيث هددت بالموت.بداية من 1988 نهاية إلى 1993.
ووصل بها المطاف إلى السفر خارج مصر عام 1988، فقبلت عرض التدريس في جامعة ديوك وقسم اللغات الأفريقية في شمال كالورينا وأيضا جامعة واشنطن .
محطة العودة إلى مصر وتجديد نشاط الحركة النسوية
رجعت نوال إلى مصر بعد 8 سنوات أي في عام 1996، فور عودتها إلى مصر أكملت نشاطها وفكرت في دخول الإنتخابات المصرية في عام 2005 ولكن لم تقبل بسبب شروط التقديم الصارمة، وكانت من ضمن المتظاهرين في ميدان التحرير في ثورة يناير عام 2011.
ومن نتائج انخراطها في عالم الشباب والثورة، تم عمل الملتقي الشهري لنوال السعداوي، وحتى وقتنا هذا تم عقد 17 ملتقى في محافظات مصر المختلفة، يتم مناقشة كتاب من كتبها كل شهر.
كما تم الإعلان عن تأسيس "مركز نوال السعداوي للفكر و الابداع" خلال آخر ملتقي ، هو مركز غير هادف للربح، يهدف إلى تشجيع قيم الابداع و التمرد و الجدل و التفكير الحر و هدفه خلق ساحة حوار تدعم الفكر و الإبداع في مواجهة الافكار المتطرفة لتشجيع مجتمع يقوم علي قيم التعايش و التسامح.
الكاتب
سمر حسن
الأحد ٣٠ أكتوبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا