”سارة قويسي”..جمعت محبي السيدة ”رضوى” في رحاب صفحتها
الأكثر مشاهدة
"في صغري تعرفت على الموت بطريقة مشوشة، تأكدت أنه ينتزع مني أشخاص أعزاء، لم أعرف معنى الفقد والمحبة بتلك الطريقة التي أعرفهما بها الآن، كان الفقد الأول حالة من التشويش والاضطراب، وجاء الفقد الثاني قبل أن أعي أنني فقدت عزيزاً، حتى هذه اللحظة لم أعرف طريقا إلى فهم الموت، حتي جاء فقدك يا رضوى تلك كانت ضربة قاسمة"، بدأت الفتاة الإسكندرانية الباحثة "سارة قويسي" بصوت ممزوج بلوعة الشوق بالحديث عن علاقاتها بالطنطورية "رضوى عاشور"، وعادت بذاكراتها ست سنوات للخلف، لكي تسرد لموقع "احكي" محطات العلاقة بينها وبين "عاشور" التي لم تصفها بالانتهاء.
رسالة الماجستير محطة المعرفة الأولى بين "قويسي" و"السيدة "
"أتدرين يا رضوى كم من الحكايا أخفيتها كي أسردها على مسامعك، وأنا أجلس بين يديك أقرأ ما كتبت لكِ عن أعمالك؟ كنت أود أن أحكي حكاياتي عن اختيارك موضوعًا للبحث"، بدأت "قويسي" تتحدث بحنين جارف عن فصلها الأول في حكاياتها معها، فلفتت إلى أن رسالة الماجستير الخاصة بها كانت بوابة دخولها إلى التعرف على "رضوى عاشور"، وبعد ما عكفت على قراءة موضوع آخر لمدة ستة أشهر، عرض عليها المشرف أن تتطبق دراساتها البحثية عن السيدة "رضوى عاشور"، فلم تمنح عقلها أن يفكر لحظة واحدة ووافقت على الفور.
وكان صباح يوم الأحد الموافق 6/7/2010، يوم محفور في ذاكرة "سارة"، فهو يوم انعقاد المجلس الذى يناقش خطتها البحثية عن الكتابة والرواية النسائية، التي اجتازات كل الأسئلة بتفوق "نظرة بعضهم لي على أنني تلك الصغيرة التي يحمل وجهها ملامح فتاة في الثانوية وهي تناطح الأساتذة".
(الخطاب السردي المعاصر في الرواية النسائية- رضوى عاشور نموذجاً)، كان هذا العنوان البحثي لرسالة ماجستير "قويسي"، التي انتهت منها في عام 2014، محاولة أن توازن الفجوة البحثية بين الكتابات الذكورية والنسائية، فلفتت إلى أن معظم الرسائل تتناول الكتاب والروائيين الذكور، وإهمال العنصر النسائي الذي ترك بصمة هائلة في العالم الروائي، مدللة بالروائية "رضوى عاشور"، التي عبرت بأعمالها عبر الأزمنة والأمكنة المختلفة، كانت النموذج النسائي المطبق عليه دراسة "سارة".
ولخصت سارة العلاقة بين بحثها والسيدة في هذه المقولة: "من تحدثت إليها عبر الورق وكتبت عنها كتاب ضخم تجاوز الـ400، كنت أعتني بكافة تفاصيله وكأنه صغيري الذي جلب للحياة، كنت انتقي مراجعي وكأنني أجهز عروسا، وأدقق في التفاصيل حتى فقدت القدرة على التركيز، ولم أعد أفكر سوى في بحثي الذي أفقدني العقل والصواب".
"صفحة رضوى عاشور..الفصل الثاني في الحكاية"
"هذه الصفحة لا تعبر بأي حال من الأحوال عن المبدعة رضوى عاشور، ولكنها محاولة للتعرف إليها"، بينت سارة أنها بدأت تنشر على صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" اقتباسات من أعمال "رضوي عاشور"، ووجدت أنها حظت بقدر كبير من التفاعل من قبل زملاؤها، وقادها الفكر بأن لماذا لا تطلق صفحة خاصة عن "السيدة رضوي؟"، وبالفعل دشنت صفحة تحمل اسم "رضوى عاشور" على "الفيس بوك" عام 2010، وقالت أن الصفحة في بداية الأمر كانت التفاعل عليها بطىء؛ حيث بدأت 100 و200 إعجاب (لايك) فقط، ولكن سرعان ما انتشرت الصفحة ، ووصلت حالياً إلى 126 ألف لايك.
وانتقلت "سارة" إلى أهداف الصفحة التى تمثلت في ثلاثة أهداف رئيسية وهم، معرفة الناس بمن هي "رضوى عاشور" من خلال أعمالها، مبينة أن الكلمة أثرها يفوق أي شىء آخر، وتعبر بالإنسان الحدود، والهدف الثاني لفت الانتباه إلى أن أعمال السيدة "رضوي" لا تتوقف عند حد رواية " ثلاثية غرناطة" ورواية "الطنطورية"؛ فبينت سارة أن معظم من يقرأ لـ"رضوى" يقتصر عند هاتين الروايتين.
مردفة حديثها بأن جميع أعمال "عاشور" بداية من رواية " الرحلة ..أيام طالبة في أمريكا- 1983" إلى العمل الأخير لها (الصرخة -2015)، تأصيل للفترات الزمنية المختلفة وأهم الأحداث التي مرت بها الأمة العربية منذ مظاهرات الطلبة أعلى كوبري عباس المقابل لمنزل والد "رضوي"، مروروا بالقضية الفلسطينية وسقوط بغداد وسقوط الأندلس، ومظاهرات الطلبة، وأحداث ثورة 25 يناير التي وثقتها في روايتي "أثقل من رضوى" ورواية "الصرخة"، وكان الهدف الأخير للصفحة هو تشجيع رواد الصفحة على القرءة بشكل عام، وبينت سارة أن معظم رواد الصفحة منفئة الشباب وخاصة "الإناث"، فهم أكثر تفاعلا ومشاركة.
وعن إدارة الصفحة، وضحت "سارة قويسي" أنها الأدمن الرئيسي للصفحة، وأنضم أليها صحفية مصرية وباحثتين إحدهما فلسطينية، وكانت المفاجأة لسارة انضمام حبيب رضوى وزوجها الشاعر الفلسطيني "مريد البرغوثي"؛ وذلك عقب رسالة ثناء وشكر من قبل مريد لأدمن الصفحة على المجهود الرائع –حسب وصفه- للصفحة.
اقتباسات الصفحة تربط بين أعمال رضوى والأحداث المجتمعية
عن محتوى الصفحة، قالت سارة أنها حريصة على التنوع بين الاقتباسات من الروايات المختلفة، والربط بين تلك الاقتباسات والأحداث المجتمعية، فتختار الاقتباس التي يتناسب مع الوقت الراهن للمجتمع، ونشر الروايات المختلفة بخلاف "الطنطورية" و"ثلاثية غرناطة"، بالإضافة إلى علاقة "مريد" بـ"رضوي" التي أكدت سارة أنها من أهم المنشورات التي ياتي عليها تفاعل بشكل كبير ويتم نشرها إلى أوسع نطاق ممكن.
"في الليل يغلق الباب عليه وعلى الحنين. تأتيه غرناطة.. يقول يا غربتي. ولكن يطلع عليه النهار"، "لا وحشة في قبر مريمة"، "أنتِ جميلة كوطن محرر، وأنا متعب كوطن محتل، أنتِ حزينة كمخذول يقاوم، وأنا مستنهض كحرب وشيكة" من قصيدة "أنتِ وأنا..إلى رضوى عاشور"، من أكثر الاقتباسات التي حظت بقدر كبير من المشاركة والتفاعل من قبل رواد الصفحة.
لا وحشة في قبر رضوى.. فمن يخلف الحب لا يرحل
"كان عزائي أني سأسمع رأيك في نهاية المطاف خشيت أن أدعوك للمناقشة وقت مرضك واستحضرت النية في أرسال نسخة وانتظار لتعليقاتك، ولكن القدر لم يمهلني في تلك اللحظة شعرت بأن صغيري ينزع مني، أخفيت رسالتي خبأتها وسط الأوراق حتى أنسى أن لي صغيرا يجب أن أعايده وأجالسه، أخفيت كل ما يمت بصلة للنص وجعلت بيني وبين الكتب مسافة بعيدة، توقفت على القراءة وأحاول أن أتفهم أني حرمت من اللقاء، ولكن لا وحشة في قبر رضوى، لا أحد يقدر على الرحيل مخلفًا وراءه كل هذا الحب"، كانت هذه الرسالة الختامية لسارة قويسي خلال حواراها مع موقع "احكي"، مبينة أنها تتمنى أن تتحول الصفحة إلى موقع إلكتروني لكى يكون أكثر انتشاراً وإفادة لقرائها، وكشفت أن رسالة الدكتوراه التى تعكف عليها حالياً لا تخلو من ذكر "السيدة".
الكاتب
سمر حسن
الجمعة ٠٢ ديسمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا