”إبرة وخيط”..أداوت نسجت حلم ”جاسمين” نحو الـ” چازو”
الأكثر مشاهدة
"چازو حلمي اللي بيتحقق"، جملة مكونة من أربع كلمات، وضعتها المرأة التي تخرجت من كلية التجارة الخارجية نصب أعينها لكي تسير بخطى ثابتة في اتجاه هوايتها، وعملت بتخصصها عدة سنوات، لكي ترسى المركب في ميناء أحلام "جاسمين سمير"، وتحول مجموعة خيوط مبعثرة إلى لوحات فنية، وراكمت العثرات التي واجهتها كجبل تقف عليه من أجل تحقيق حلم "جازو" الذي بدأ منذ 10 سنوات لتخرج بمنتجات من فن الكروشيه تجذب الجميع.
الهواية بدأت منذ نعومة الأظافر
هوت جاسمين الحرف اليدوية منذ نعومة أظافرها، فرؤية المجسمات تجذبها، ومن هنا اكتشفت حبها لـ "النجارة"، ورافقتها هواية حب الكروشيه طوال سنوات التعليم، حتى تخرجت من كلية التجارة الخارجية، وعملت في سلسلة متاجر "كارفور"، وارتادت أكثر من شركة، وعملت مدرسة في فترة من حياتها.
وكان انفصال "جاسمين" عن زوجها منذ 10 سنوات بداية تعلم فن الكروشيه حتى وصلت إلى الاحتراف، ودفعها إلى ذلك رغبتها في العمل المستقل، فاتجهت إلى عملها الخاص لفن الكروشيه، ومرت بالعديد من الخطوات المتعثرة، فلم تجد من يعلمها، وطرقت العديد من الأبواب ، وكانت الإجابة جلب مزيد من العقبات، ولكنها اتخذت من تلك التحديات عصا تتكأ عليها من أجل الوصول إلى حلمها.
الشغف انتصر على العقبات
"كنت بفك طلاسم من الكتب عشان أتعلم أي حاجة، مكنش فيه فيديوهات، ومكنش فكرة أنك تتعلمي بنفسك موجودة"، كانت وسائل تعلم فن "الكورشيه" آنذاك مقتصرة على السيدات كبار السن، وحفنة من الكتب القديمة، لكن حبها للتعلم قادها لشغف البحث عن وسائل تساعدها للوصول إلى حلمها فاستمرت خمس سنوات تتجول بين أغلفة الكتب لكي تترجم الطلاسم التي تحتويها لتصل في النهاية إلى تعلم غرزة أو جلب معلومة.
"مديرة المدرسة هي اللي علمتني إزاي أمسك الأبرة"، لم تقف موقف المتفرج أمام الصعوبات وذهبت إلى مديرة المدرسة التي تعمل بها من أجل التعلم، وبدأت أولى خطواتها نحو التعلم وأنتجت أشياء بسيطة، ومن أجل تشجيعها قام المحيطون بها بشراء منتجاتها "أنا لما ببص للحاجاتا اللي عملتها في بداية عملي في الكروشيه بستغربها".
"ست سنوات متواصلة مبخرجش من البيت"، لم تقف صعوبات جاسمين عند حد عقبة تعلم فن الكورشيه، ولكن حمل لها القدر من 12 عامًا مرض يسمى بـ "نوبات الذعر المفاجيء"، وقالت في هذا الصدد "فجأة وأنا فى الشارع رعب ومقدرتش أتحكم فى نفسى بقيت أصرخ وأمى تحاول تهدينى".
وبدأت تسرد التغير الذي حصل في حياتها، "جه اليوم اللى غير حياتى تانى جالى الخوف شديد أوى، وأنا مع ابنى وأختى فى الشارع، وابنى بقا بيبصلى مش فاهم مخضوض روحت بأعجوبة اليوم دا وقررت أني مش هأخرج تاني من البيت من كتر العذاب اللى بحس بيه وخوفى على ابنى"، ولزمت منزلها لمدة خمس سنوات لم ترى الشارع إلا لجلب أدوات عملها "أبعد مشوار رحته بعد بيتى بشارعين، كل حياتى فى البيت".
ولم ينقطع أملها ولو لحظة واحدة، وعرفت بعد سنوات من الحيرة أن مرضها عضوي وليس نفسي "عندي غدة فوق الكلى بتفرز بطريقة غلط أو مش منظمة اسمها الغده الكرظية، وبتدى إشارات غلط للمخ فبيسبب الخوفى اللى مش طبيعى"، وبعد تشخيص المرض بدأت رحلة العلاج عام 2015 وتعافت وبدأت الخروج مرة أخرى منذ ثمانية أشهر.
تحويل المنحة إلى إنجاز
استغلت "جاسمين" جلوسها في المنزل، وحولت المحنة التي مرت بها إلى إنجاز يشهد له الجميع، وبعدت عن الأعمال النمطية، ووضعت النموذج الأجنبي في فن الكروشيه نصب أعينها لتخرج من النمط التقليدي وتصل إلى عمل أكثر ابتكارًا.
"بتحطي روحك وروح شغلك في الحاجة"، لم تجعل المرأة الشغوفة بفن الكروشبه التقليد أساس عملها ولكن جعلت روحها تنعكس على منتجاتها لتصل في نهاية المطاف إلى التصميمات الخاصة بها، وكان السجاد والبطاطين هم أكثر منتجين يتم التركيز عليهم من قبل جاسمين.
"أنا بحب النجارة والخشب جدا من وأنا صغيرة"، بنبرة صوت ممزوجة بفرحة، كشفت جاسمين عن شغفها منذ عمر السبع سنوات إلى مهنة النجارة وقالت إن حبها لم ينته بعد قربها من الأربعين عاما، وقالت إنها سوف تمزج بين الخشب والكروشيه لكي تحقق معادلة هوياتها بمهنتها الحالية لكي تخرج بمنتج أكثر جمالا.
وتبدأ أسعار جاسمين للبطاطين والسجاد من 500 جنيه إلى 1400 جنيه لافتة إلى غلاء الأسعار المرتبط بارتفاع سعر الدولار انعكس على زيادة "الخيط"، وارتفع سعره إلى ثمانية أضعاف.
وعندما تمكنت "جاسمين" من عمل الكروشيه بشكل متميز، دشنت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" من أجل عرض منتجاتها تحتوي على 5000 عضو، وبعد ذلك دشنت "جروب" على فيسبوك يحمل اسم "Jazzo" ويضم أكثر من 7000 عضو، وقالت إنها حظت على تفاعل كبير من قبل الأعضاء حيال منتجاتها، ويصل إليها الكثير من الرسائل اليومية وتتنوع بين الأسئلة عن المنتجات والأسعار.
لم تبخل جاسمين على من يطلب منها التعلم، وبينت أنها مستعدة على مساعدة أي شخص يرغب بالتعلم سواء كان بالسؤال أو الذهاب إلى منزلها مبررة ذلك بالصعوبات التي واجهتها خلال رحلة عملها من امتناع البعض عن مساعدتها وتعلمها.
"نفسي يبقى عندي الجاليري بتاعي" أنهت "جاسمين" بهذه الأمنية حديثها مع "احكي"، ورغبت في بداية العام الجديد أن يحمل لها مزيد من السعادة والتطور في عملها.
الكاتب
سمر حسن
الأربعاء ٢٨ ديسمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا