”أقلامهن × معرض الكتاب”..”الصعيد في بوح نسائه” الحكايات المنسية للجنوبيات
الأكثر مشاهدة
كاتبة اختارت بقلمها أن تغوص في أعماق النفس البشرية لتكشف خباياها، تجولت بشغفها البحثي للحصول على طقوس المناطق المنسية، فذهبت إلى الجنوب لتمنح فرصة البوح لنسائه، فمنهن من تحدثت عن رجلها الذي لم يعد سندا لها، والأخرى ذهبت إلى تلقيبها "بأم الإناث"، لينتهى المطاف بسلمى أنور بجمع نتاج عملها بين محافظات الصعيد لمدة عام بين دفتي كتاب "الصعيد في بوح نسائه".
البحث عن شغف الكتابة بأداة الباحث
شغفت الباحثة الكتابة في وقت مبكر من عمرها، وذاقت طعم الكلمات حتى عرفت طريقها منذ المرحلة الثانوية وبدأت في تأليف الدواوين الشعرية، تخرجت من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 2002، وإلى جانب الكتابة لم يغب عشقها للبحث العلمي، فحصلت على درجة الماجستير من جامعة القاهرة عن أطروحة بعنوان "الأجيال الجديدة من المسلمين في أوروبا بين الاستيعاب والأسلمة"، كما حصلت على ماجستير في حقوق الأنسان من جامعة مالطة.
تجمع بين العملين في آن واحد فتكتب في العديد من المواقع مثل موقع مصريات، وموقع بتانة، وجريدة اليوم الجديد وركزت معظم مقالاتها على قضايا المرأة من زوايا متعددة، وصدر لها كتاب في 2008 يحمل اسم "الله الوطن أما نشوف"، ورواية صدرت في 2015 اسمها "نابروجادا"، إلى جانب ديوانها الأخير "سأعيد طروادة إلى أهلها ثم أحبك"، وعلى الصعيد البحثى تدربت في منظمة الأمم المتحدة، كما عملت في مجال حقوق الأنسان.
الحكايات المخبأة لدى الصعيديات
تنقلت لمدة عام كامل بين القاهرة وصعيد مصر، لم تكتف بمحافظة واحدة من محافظات الجنوب للبحث عن الحكاوي المنسية، ولكن تجولت بين "أسوان وسوهاج وألمنيا وأسيوط"، حتى وصلت إلى أكثر من 24 قصة وليدة مجالس فردية وجماعية مفرودة على 236 صفحة، النصف الأول من الكتاب هو "حكايات النساء في مجالس النساء"، وهي جلسات فردية منغلقة جمعت الكاتبة بالفتيات والسيدات، ليحيكن عن الحب والجواز والطلاق والتعليم والفقر، أما الجزء الثاني فهو "حكايات الصعيد"، التي لا يملكها أحد، وهي جلسات جماعية "حكايات من ستات كبار في السن".
لم يكن طريق القصص وكتابتها مفروشا بالورود، ولكن قوبل طلبها بالرفض في بداية الأمر، ولكن سرعان ما وفق حظ سلمى وبدأت بالانصهار داخل مجتمع المرأة الصعيدية وأصبحت كالبحر الذي يحمل العديد من السفن المحملة بالحكايا التي تقص لأول مرة، وتنوعت الوسائط التي حملت القصص المخفية تحت غبار الزمن بين القصص التي تروى على ألسنة أصحابها أو القصص التي تنقل عبر وسيط، ودارت قصص "سلمى" في فلك الفئات العمرية الأكبر سنا والأصغر سنا ولكن متوسطات العمر رفضوا الحكي خوفا على أسرهم.
تقاليد الموت الوثنية
"الأساطير المتبعة في الجنوب حتى اليوم ، آثار الفراعنة المدفونة تحت الأرض، تدبير الأمور المعيشية"، عدد من موضوعات القصص التي فاق عددها عن العشرين قصة التي نقبت عنها الكاتبة حتى وصلت إلى الصمت المدفون تحت أوجاع قلوب نساء الصعيد.
"حكايات تقاليد الموت كانت لوقت قريب وثنية جدا"، من أكثر الحكايات التي استوقفت الكاتبة (العدودة) وتقوم سيدة كبيرة السن بقيادة باقي النسوة عند إلقائها العديد ويتنوع بين حل النساء لضفائرهن والتقلب في الطين والتجول بالصريخ في شوارع البلد، وتأتي الطوفة أكثر الطقوس حزنا، وعرفتها "أنور" كما قيل لها، أنها عبارة عن الطقس الذي ترتدي فيه زوجة الفقيد الشاب جلبابه والعمة التي كان يلف بها رأسه بعد أن تحل ضفائرها وتخرج إلى الجمع لتتدحرج أمام أعين الجميع في الطين حتى يغطي رأسها ووجهها وجسدها بالكامل، ثم تأتي بطبق معدني كبير فتقلبه ليصبح أشبه بدُف ضخم رنّان ثم تبدأ في العديد على رنين الدُفف العالي لتُـسمع القرية بأكملها رثاءها زوجها.
"سر البراسي"، "زريعة الغولة"، "حكاية يعقوب، جد الحفارين"، "الثعبان الوفي والحية الخائنة" عنواين تخفى ورائها العديد من المعتقدات الصعيدية التي لا يستطيع أهل الصعيد تشكيكها تحملها أورقة كتاب المرأة المريدة التي حركتها إرادتها لنيل هدف وتسليط الضوء على كنوز نساء الصعيد المنسية.
الكاتب
سمر حسن
الأحد ٠٥ فبراير ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا