”نانسي كارم”..الباليرينا المحلقة في أروقة البحث العلمي
الأكثر مشاهدة
فتاة في بداية العشرينات من عمرها، العلم هو الحصن المنيع الذي تواجه به الجميع، لم يشبع طموحها الدراسي سوى الحصول على المركز الأول، طوعت موهبتها الفنية في خدمة أهدافها الدراسية، فاتخذت من الباليه الرغبة في الوصول إلى الكمال العلمي كان "الإنسان" الهدف الرئيسي لبحثها، والحجة والبرهان ركيزتها في المناقشة، تحدت شبح "السرطان" الذي يهدد حياة الملايين، لتخرج بدواء يسعى للقضاء على الخلايا النشطة فقط، فهي الطالبة صاحبة جائزة أفضل بحث علمي في مجال السرطان بفرنسا "نانسي كارم".
الولع بالعلم
"العلم نور والجهل ظلام"، وضعت الفتاة بالفرقة الرابعة بكلية التكنولوجيا الحيوية بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب، هذه المقولة نصب أعينها حتى وصلت إلى اختيار فكرة مشروع تخرجها الأول، وأجرت بحثًا بعنوان "تقييم فعالية دوكسوروبيسين كعقار مضاد للسرطان باستخدام تقنية ذرات النانو تكنولوجي لتوصيل الدواء".
التفوق لم يكن زائر جديد على "نانسي"، فحصلت على الدبلومة الأمريكية وحازت المركز الأول فى مدرستها والتحقت بكليتها الحالية برغبتها، رغم أن درجاتها العالية مكنتها من تعدد الاختيارات أمامها، ولكنها صارت خلف شغفها بالتكنولوجيا.
تم اختيارها هي واثنين من الطلبة "هشام أشرف" و"هويدا سمير" من قبل الدكتورة المشرفة "ريهام محسن" لاستكمال بحثها العلمى الخاص فى جامعة "باليرمو- Palermo" الإيطالية لمدة ثلاثة أشهر بدءا من شهر سبتمبر 2016، وعادت في شهر يناير بالأمل الجديد لمرضى السرطان، وهو الوصول إلى علاج يستهدف الخلايا السرطانية وحدها، وهذا ما يفرقه عن العلاج الكيماوي الذي يستهدف الخلايا النشطة والسليمة، حيث يعمل الدواء على الخلايا السرطانية فقط لأول 16 ساعة دون تأثير على خلايا الجسم السليمة.
كانت "نانسي" هي المسئولة عن تركيب الدواء بطريقة معينة، لتستهدف الخلايا السرطانية، وتم تجريب التركيبة على فأر مصاب بالسرطان وآخر متعافي، لتصبح نتيجة التجربة القضاء على الخلاية السرطانية فقط.
تتويج النجاح بالمنح
وبدأ تتويج المجهود بالنجاح من قبل الجامعة بحصولها على امتياز، وعلى الصعيد الدولي عرض البحث في مؤتمر "cancerpol grand sud _ouset conference" الذى ينظمه المعهد الفرنسي القومي للأورام وتدعمه الحكومة المحلية ومجموعة من الشركاء الأكاديميين وجمعيات المرضى.
"تم سؤالي من فريق بحثي لمدة 45 دقيقة متواصلة"، شرحت نانسي في حوارها مع "احكي" على الكواليس التي تم فيها اختبار بحثها الذي كلل في النهاية بحصولها على المركز الأول بعد إشادة لجنة التحكيم بالبحث من بين مجموعة من الباحثين من 10 دول مختلفة جميعهم في مرحلة الماجستير والدكتوراة، وكانت هي الوحيدة من المنطقة العربية والتي ما زالت في طالبة جامعية.
"مشروعك هائل جدا وسيكون لها تأثير هائل لمرضى السرطان ويكون أمل ليهم"، كانت هذه الكلمات بمثابة الدعم المعنوي من قبل وزير التعليم العالي والبحث العلمي "خالد عبدالغفار"، الذي قدم لها منحة كاملة بتمويل وطني لدراسة الماجستير والدكتوراة واستكمال أبحاثها في الدولة التي ترغب السفر إليها، بالإضافة إلى المنحة الدراسية التي حصلت عليها من فرنسا.
وكان مثلها الأعلى في الحقل العلمي هو العالم الراحل "أحمد زويل"، كما تمنت أن تتحلى بقوة الشخصية والعاطفة الجياشة مثل الدكتورة نوال الدجوي رئيسة الجامعة التي تدرس بها.
"دائرة مغلقة من الحفظ"، انتقلت صاحبة أفضل بحث بالحديث عن وضع التعليم المصري الحالي وقالت إنه يختلف من مدرسة لأخرى، ورغبت في تطوير مناهج التعليم القائمة على التلقين والحفظ واستبدالها بالتعلم القائم على التفكير النقدي وغلبة الجزء العملي والتطبيقي على النظري.
ولكي تسير في مشروعها النهائي فهى تحتاج إلى تمويل لكي يمكنها من تنفيذ مشروعها على أرض الواقع، وقالت إن خطواتها القادمة التركيز على الدراسة ولن تقف عند علاج السرطان ولكنها سوف تركز على أدوية أخرى لعلاج أمراض مثل فيروس (HIV).
الباليه الملاذ الأمن
إلى جانب العلم، حرصت الفتاة العشرينية على تنمية هواياتها على الصعيد الفني كراقصة باليه، الذي بدأت في تعلمه منذ عامها الرابع حتى أصبحت مدرسة باليه منذ أربع سنوات في دار الأوبرا المصرية، ولكنها توقفت منذ عام بسبب انشغالاتها العلمية الحالية، وحرصت أن تذهب في أوقات الفراغ والإجازات.
"آخرك إيه تتجوزي وتقعدي في البيت"، انتقلت الفتاة للحديث عن المجتمع المصري الذي وصفته بالمنغلق والذكوري، فيحصر دور المرأة في الزواج دون وضعها في مكانتها القوية التي تستطيع أن تصل إليها، وأردفت أن البنت حرة في أن تختار الطريق الذي تريد أن تسلكه شريطة أن تكون البنت أخلاقها هي رفيقة مسيرتها.
"متستسلميش للضعف وأنتي قوية" كانت هذه رسالتها للمرأة المصرية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يوافق 8 مارس، موصية بأن تعمل المراة جاهدة وتتحدي الظروف بأن تصل إلى هدفها أيا كانت العوائق.
الكاتب
سمر حسن
الخميس ٠٢ مارس ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا