أمينة الصاوي.. كاتبة الدراما الدينية التي تمنت ”إعادة التاريخ”
الأكثر مشاهدة
تربية أزهرية دينية أثرت على رؤيتها للفن والدراما، وجعلتها تنتج أعمالا تلفزيونية تطوف بلاد العالم العربي والإسلامي، اختلفت عن السائد في جيلها، وقررت أن تبسط مفاهيم أمهات الكتب الدينية الإسلامية في "كبسولة درامية مشوقة".
ولدت أمينة، ابنة الشيخ مصطفى الصاوي، أحد علماء الأزهر الشريف، في الشرقية عام 1922، وكما تتلمذ على يد والدها أبرز علماء وشيوخ الأزهر مثل الشيخ محمد متولي الشعراوي، تلقت هي أيضا العلم وقرأت في الدين، وتعلمت منه الخطابة وحفظ القصائد.
داخل منزل الوالد، كانت المكتبة تتسع لكتب علمية ودينية، انجذبت لها أمينة الصاوي، ورأت فيها كنزا يستحق أن يُروى ويظهر للناس بصورة مختلفة، فوضعت نصب أعينها حلم تبسيط مفاهيم أمهات الكتب الدينية الإسلامية وشرحها، وان تستخدم الدراما والتلفزيون لتوصيل هذه المفاهيم بشكل مشوق.
درست النقد في المعهد العالي للفنون المسرحية، وكانت أولى خريجات المعهد، الذي منحها ميدالية ذهبية تحمل اسمها، كما عملت- لفترة- كأستاذة للإعداد والتاريخ الدرامي بالمعهد. كتبت المقالات في الصحف، وعملت على تقديم معالجات درامية ومسرحية لعدد من الكتب والروايات، أهمها زقاق المدق وقنديل أم هاشم، ونالت عنهما جائزة الأدب المسرحي، كما قدمت 17 كتابا، وشهد لها نجيب محفوظ أنها أفضل من حولت رواياته إلى أعمال مسرحية.
يتذكر الجميع سلسلة الأعمال الدرامية الدينية التي قدمها التلفزيون المصري، ولكن قليلون من يعلمون أن وراءها أمينة الصاوي، التي قدمت أول مسلسل ديني "على هامش السيرة"، وكان لنجاحه وإقبال المشاهدين عليه محفزا لها لإكمال المسيرة، فقدمت "لا إله إلا الله" بأجزائه الأربعة، ومسلسل "الأزهر الشريف، و"الكعبة المشرفة".
وقدمت برنامج تلفزيوني "من قصص القرآن"، كانت تستهدف به الأطفال، وتعمل من خلاله على تفسير القصص القرآنية بصورة درامية، فكانت تشرح القصة على هيئة تمثيلية درامية، ووجدت أنها حققت نجاحا أدى إلى إقبال الكبار والبالغين على البرنامج أيضا.
خلال فترة الستينيات، تعرضت أمينة لواحد من أكثر المواقف التي أثرت في مشوارها، بعد أن قدمت معالجة مسرحية لكتاب عن القرامطة للكاتب أحمد علي باكثير، واعتبر المسئولون وقتها أن المعالجة تشير إلى الماركسيين واليساريين بصورة مسيئة، فتم فصلها من العمل في التلفزيون، حبنها قررت الرحيل، وكانت السودان وجهتها.
في السودان، قدمت أعمالا إبداعية للإذاعة، فانتبهت لها إحدى الشركات السعودية، فانتقلت إلى جدة وأقامت بها لفترة طويلة، حتى عادت مرة ثانية إلى مصر، واستكملت كتاباتها الدرامية للإذاعة والتلفزيون.
قبل رحيلها بفترة وجيزة كانت تتمنى أمينة أن تقدم عملا دراميا ضخما عن نهر النيل، فكانت تعكف مع مجموعة من العلماء والكتاب على إنتاج هذا العمل الذي يعرض تاريخ النيل من الناحية الجغرافية والتاريخية، ويتعرض للحضارات والمجموعات البشرية والصراعات التي قامت على ضفتي النهر، ولكن يبدو أنها رحلت قبل أن تشرع فيه.
في أيامها الأخيرة، كانت تعكف على الصلاة في أحد المساجد التي شيدتها أسرتها بمنطقة السيدة زينب، ورحلت أمينة في 22 مارس 1988، في حادث تصادم أمام إحدى قرى الساحل الشمالي، قبل أن تحقق أهم أمنيها بإعادة كتابة التاريخ المصري.
الكاتب
هدير حسن
الأربعاء ٢٢ مارس ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا