بثينة العيسى.. روائية كويتية شغفها الأول ”الكتابة”
الأكثر مشاهدة
في إحدى رواياتها تحدثت عن اللحظة التي تتغير فيها وجهة نظرنا نحو الأشياء، ونبدأ في رؤية العالم بصورة مغايرة، وبالنسبة لها كان "احتلال الكويت" عام 1990، هو تلك اللحظة التي تحول فيها العالم من مكان آمن ومثالي يشبه أفلام الكارتون إلى مكان محتل تحوطه الدبابات وتنتشر فيه جثث القتلى والحكايات عن المفقودين والأسرى.
عندما وجدت بثينة وائل العيسى، الفتاة الكويتية التي ولدت في3 سبتمبر 1982، العالم يتغير من حولها، ويصبح مكانا مخيفا ومركبا ومشوشا لجأت إلى الكتابة لتتخلص من الخوف والذعر "أحبس الأشياء التي تخيفني في الكتابة وكأنني أبعدتها عني وتخلصت منها".
ظلت الكتابة الملاذ الآمن لبثينة، فكانت تختار الموضوعات والقضايا التي تستفزها وتهز أعماقها، حتى أنتجت ما يقرب من سبع روايات آخرها "خرائط التيه" 2015، وقبلها قدمت روايات (السعار، ارتطام.. لم يُسمع له دوي، عروس المطر، تحت أقدام الأمهات، عائشة تنزل إلى العالم السفلي، كبرت ونسيت أن أنسى)، إلى جانب مقالاتها المنشورة بعنوان "حاء، وتجربتها في النقد والتحليل الأدبي بكتاب "بين صوتين: فنيات كتابة الحوار الروائي"، ومجموعة نصوص بعنوان "قيس وليلى والذئب"، وكتاب قصص الأطفال "أسفل الشجرة أعلى التلة".
لم تكن لدراستها الجامعية علاقة بالأدب والروايات، فهي حاصلة على الماجيستير في إدارة الأعمال من جامعة الكويت، ورغم نجاحها في عالم الرواية إلا أن بداياتها مع الكتابة كانت شعرية وكانت قراءاتها في هذا المجال واسعة، فاستخدمت الإنترنت وتواصلت مع المنتديات الثقافية والمواقع المهتمة بالأدب، ونشرت عددا من القصائد الشعرية والمقالات، ولكنها آثرت ألا تكمل طريق الشعر وسلكت الرواية بدلا منه.
"الشعر شفاف، وأشعر معها أني مفضوحة" السبب الذي جعلها تتجه نحو القصص وشخصيات أعمالها الأدبية لتتوارى خلفهم وتعبر عن نفسها من خلالهم بحرية أكبر. لا تؤمن بثينة أن الموهبة فقط يمكنها أن تصنع كاتبا ناجحا ومؤثرا، ولكنها تمثل 1% فقط، والبقية مجهود شخصي للكاتب يصنعه بنفسه ويشكله بالقراءات المكثفة العربية والعالمية، إلى جانب التعرض لمختلف أنواع الفنون من المسرح والسينما والمعارض، والتواصل مع الكُتاب الآخرين.
تلجأ الكاتبة الكويتية، عضو اتحاد كتاب الإنترنت العربي ورابطة الأدباء الكويتية، إلى الهدوء كنوع من التخلص من انسداد الأفكار وفقدان القدرة على التعبير بالكلمات، وتوجه نشاطها نجو الترجمة وكتابة المقالات، فالكتابة ثم الكتابة هي التي غيرت حياتها رغم ما سببته لها من آلام "الكتابة جرح مفتوح، إلى جانب أنها أنقذت حياتي"، ففي خلال أحد فصول روايتها "خرائط التيه" أصيبت بالحمى ولم تشفى منها إلا بعد انتهائها من كتابة هذا الفصل، وهي الرواية التي تم منعها في الكويت كونها "خادشة للآداب العامة".
في مارس 2016، أسست بثينة، بالتعاون مع عدد من كُتاب وأدباء الخليج، مشروع "تكوين" منصة الكتابة الإبداعية، التي قالت في افتتاحها "كل كتاب تقرأه سياخذك خطوة أعمق نحو فهم نفسك، مع مزيد من القراءة ستجد أن الأمر في غاية البساطة. الإنسان كائن قارئ، يقرأ نفسه في الكتب، يقرأ الكتب في العالم، يقرأ العالم في نفسه"، وتعتبر المشروع فرصة للكُتاب لصقل أدواتهم، والتعاطي مع الكتابة بصورة أكثر مهنية.
ويقدم "تكوين" عدد من الخدمات المتعلقة بالكتابة الإبداعية من ورش العمل والتدقيق اللغوي والترجمة، وتتولى بثينة مهام التدريب وبرنامج الترجمة والنشر بالمشروع، معتبرة إياه محاولة للاحتفاء بالإنسان الجميل والخلاق، وإلهام القارئ، فتؤمن بقناعة "ما تكتبه.. يمكن أن يجعل العالم مكانا أجمل.. وهو هدفنا من الأمر برمته.. نحن نعول عليك، أيها الكاتب".
نالت بثينة عددا من الجوائز، أهمها جائزة الدولة التشجيعية عن روايتها "سعار" 2006، ونفس الجائزة عن روايتها "كبرت ونسيت أن أنسى" 2014.
الكاتب
هدير حسن
الخميس ٠٦ أبريل ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا