تحليل أحداث ”أحد السعف الدامي”..من منظورهن
الأكثر مشاهدة
تزامنا مع الأحداث الدامية التي واجهها أقباط مصر خلال الاحتفال بأحد السعف، وارتفاع ضحايا التفجير لـ43 قتيلا وأكثر من 120 مصابًا، حاول "احكي" التعرف على دوافع الانتحارين للقيام بالعمليات الإرهابية، ومناقشة آليات سبل مواجهة الفكر المتطرف من قبل السلطة والمجتمع.
زحف الإرهاب للدلتا واستهداف الأقباط استراتيجية داعش الجديدة
"العملية بمثابة رسالة من التنظيم بأنه موجود في الوادي والدلتا"، بهذه الكلمات علقت الباحثة في جامعة دورتموند الألمانية في شؤون إعلام الجماعات الجهادية عبير سعدي" على حادث تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية التي تبناها تنظيم "داعش"، وأسفر عنهما 43 قتيلا و119 مصابًا حتى الآن ، لافتة إلى أن الهدف الرئيسي من التفجير كان البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وذلك للتأكيد على قوة التنظيم خاصة بعد الخسائر الفادحة التي تعرض لها في سوريا والعراق.
وعن سبب الهجوم، بينت "سعدي" أن العملية بمثابة رد فعل من قبل التنظيم على الجيش المصري، الذي أعلن في الثاني من أبريل تصفيته أبو أنس الأنصاري، أحد أبرز قادة ولاية تنظيم سيناء، مما دعا التنظيم لإصدار فيديو توعد فيه بالانتقام "هجوم إمبارح متوقع".
وفيما يتعلق بكيفية تنفيذ التفجير، لفتت الباحثة إلى أن استراتيجية تنفيذ العمليات الانتحارية في مصر تعتمد على عناصر من التجنيد المباشر للتنظيم، بينما يعتمد التنظيم في تنفيذ عملياته في دول العالم الغربي على استراتيجية "الذئاب المنفردة".
وفي سياق التعليق على استهداف الأقباط من قبل التنظيم في الآونة الأخيرة، أكدت مدربة السلامة المهنية خلال حديثها مع "احكي" من ألمانيا، على أن هناك العديد من الأهداف للتنظيم من وراء ذلك أهمهم إثبات قوته أمام الحملات الأمنية التي يواجهها من قبل الحكومة المصرية في شمال سيناء، بالإضافة إلى لفت انتباه الصحافة الدولية لتسليط الضوء على عمليات التنظيم مما يكسبه قوة إضافية عن طريق الدعاية عنه، وتوقفت "الصحفية" عند هذه النقطة، داعية الإعلاميين للحصول على الدورات التدريبية من أجل التعامل مع أخبار التنظيمات الإرهابية.
وانتقلت الباحثة المتخصصة في الشئون الإرهابية بالحديث إلى نقطة شائكة، وهي الأسباب الرئيسية التي تدفع الانتحاري لتفجير نفسه، مبينة أنه يتم زرع الأفكار في عقول الشباب بأنهم ينتقلون بهذه العمليات الاستشهادية-حسبما يطلقون عليها- إلى حياة النعيم؛ وذلك من خلال إخضاعهم إلى دورات مكثفة سواء على الصعيد العقائدي أو العسكري، مبينة أن التنظيم حاليا يتجه إلى تجنيد الأطفال واستغلالهم في النزاعات المسلحة بعد ما تم محاصرة التنظيم في الفترة الأخيرة ومنع وصول المجندين الأجانب إلى أراضي التنظيم.
"بماذا يستخدم التنظيم هذا التعاطف؟"، اختتمت "سعدي" بالتساؤل عن ردود أفعال بعض الأشخاص المتعاطفين مع التنظيم، مستنكرة الكراهية التي يتم تغذيتها بالثقافة المجتمعية، لافتة إلى أن التنظيم يستخدم موجة التعاطف من أجل الوصول إلى الحاضنة الشعبية.
مواجهة الإرهاب تبدأ من محاربة "العقول المفخخة"
استهلت الكاتبة والإعلامية "رباب كمال" تعليقها على الحادث الإرهابي، بأنها تنبأت بتصاعد وتيرة الإرهاب ضد قوات الجيش في سيناء وزحفه نحو المدن وذكرت ذلك في كتابها "من وحي العلمانية- 2016"، وانتقدت السلطة ذات الذراع الديني في السبعينيات التي اعتمدت بشدة على التيارات المتشددة دينيًا في محاربة التيارات الأخري المغضوب عليها من قبل الدولة.
وفيما يتعلق بعبارة "تجديد الخطاب الديني" المتكررة في العديد من الوسائل الإعلامية، وينادي بها أصوات من الحقول المختلفة كأداة من أدوات مكافحة الإرهاب، عارضت الكاتبة هذا الطرح قائلة: "اللي بيحصل دلوقتي ترقيع الخطاب الديني"، مؤكدة أن المشكلة تتمثل في التأويلات الفقهية، وتوظيف الدين لتحقيق أغراض التطرف والعنف.
وعن دور الأزهر في تجديد الخطاب الديني، قالت مستنكرة بإن الأزهر هو من يحتاج إلى التجديد "فاقد التجديد لا يعطيه"، مستكملة حديثها بسماح المؤسسات الدينية التابعة للدولة بتداول الكتب التي تدعو إلى التطرف، وتغرس إيديولوجيات التشدد في عقول الشباب، مستشهدة بكتاب "الحجة الباهرة في هدم كنائس مصر والقاهرة"، لشيخ جامع الازهر من الفترة "1767 – 1776م" أحمد الدمنهوري، الذي يركز على حرمانية بناء الكنائس، حيث أورد الشيخ في مخطوطه حرمانية ذلك حسب المذاهب الأربعة (الحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية)، وقال إنه لا يجوز إعادة بناء كنيسة تهدمت حتى و إن هدمت بغير وجه حق، وطبع آخر مرة 2012 ويتم تداوله.
وذكرت صاحبة كتاب "دولة الأمام-2017"، أنه على الرغم من ذلك هناك العديد من الشيوخ دعوا إلى التجديد مثل الشيخ "على عبدالرازق" صاحب مؤلف "الإسلام وأصول الحكم"، والشيخ "عبدالمتعال الصعيدي"، ذاكرة أن عائق التجديد، هو سقف قوانين الأزهر التي تكبل التغيير.
وفي صدد الحديث عن الآليات اللازمة لمواجهة العقول المتطرفة، ذكرت "كمال" أن المواجهة لا بدّ أن تتم على عدة أصعدة، أولها الصعيد السياسي؛ وذلك بإلغاء المادة (98/و) من قانون العقوبات المتعلقة بإزدراء الأديان، والتي تحت طائلتها تُسجن العديد من الآراء، وتغليظ العقوبات المتعلقة بالتحريض ضد دور العباة بواسطة المادة 160-161 من قانون العقوبات .
وانتقلت للمواجهة على الصعيد الثقافي، مركزة آليات المواجهة الثقافية في السماح بالكتابة وعدم التضييق الأمني على الآراء المختلفة عن السائد والداعية إلى نقد الخطاب الديني، والعمل في المجال العام بواسطة مؤسسات المجتمع المدني ذات التوجه العلماني، كما شددت على أهمية الشق الأمني.
"حتى الآن ما زالنا نواجه السيارات المفخخة، ولكن لا بدّ من محاربة العقول المخففة"، بهذه الكلمات اختتمت الكاتبة "رباب كمال" حديثها مع موقع "احكي".
بث الرعب لاستعادة القوة
وفي سياق الحديث عن استراتيجيات تنظيم داعش تواصل "احكي" مع الباحثة الأردنية "انيا عبدالله" صاحبة رسالة "تحليل محتوى الحملات الإعلامية – الدعائية لتنظيم داعش"، بينت أن التنظيم الإرهابي يستهدف الأقباط في عديد من الدول العربية، مثل سوريا والعراق مستشiدة بتدميره لأقدم وأكبر كنائس الموصل، وذبح الأقباط المصريين في ليبيا فبراير 2015؛ وذلك من أجل بث الرعب، وتمرير رسائل إلى الأقباط بأن الحكومة غير قادرة على حمايتهم، وتأكيد على قدرته على الوصول إلى الأماكن المحصنة.
"من أجل استعادة خسائره"، هكذا بينت الباحثة قيام التنظيم بهذه الهجمات خلال الفترة الأخيرة، مدللة بالفيديو الأخير الذي نشره التنظيم والذي توعد فيه بتفجير الكنائس المصرية، واختتمت حديثها متمنية الأمن لجميع طوائف الشعب المصري.
الكاتب
سمر حسن
الثلاثاء ١١ أبريل ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا