”أم صابرين”.. بائعة اللبن والبهجة
الأكثر مشاهدة
على أرصفة أحد الشوارع الحيوية في محافظة كفر الشيخ، تجلس سيدة سبعينية مرتدية "الجلباب الفلاحي"، وتكسو وجهها تجاعيد الزمن، تنبعث من أعينها ابتسامة موزعة على النساء والرجال المندفعين أمامها من أجل الحصول على "اللبن" الطبيعي.
"أم صابرين" الاسم المحبب إلى مسمعها، تبدأ يومها بصلاة الفجر ثم تتجه إلى المنازل المجاوزة لها في قريتها الصغيرة التي تبعد 10 كيلو متر عن محافظة كفر الشيخ لتجمع اللبن مفتاح رزقها، ثم تتجه إلى المحافظة بزجاجات اللبن محملة فوق رأسها "باجي من 40 سنة"، فبعد وفاة زوجها وترك ابنتان دون دخل ثابت هو المحرك الأساسي لتحركها للعمل في مجالات مختلفة "مسبتش حاجة ماشتغلتهاش".
عقب رحيل زوجها الذي كان مستأجر قطعة من الأرض للإنفاق على أسرته، فكرت الزوجة وهي في الثلاثين من عمرها لمخرج لأزمتها المالية فعملت في العديد من المهن فعملت بائعة للخضروات، ثم انتقلت إلى المهنة التي هي عليها حتى الآن منذ أربعين عامًا، متنقلة بين الأحياء الحيوية في المحافظة المحتوية على نسبة إشغال سكاني عالية، وكان "الحمار" هي وسيلة مواصلاتها في بدء مشوارها في نهاية السبعينيات.
لم تسلم السيدة في بداية عملها من العديد من المضايقات المتنوعة بين التحرش والطرد، فكانت وسيلتها للتخلص من هذا الأذى، الانتقال بين أحياء المحافظة المختلفة، "لو مجتش يوم واحد اتخنق" هكذا عبرت "أم صابرين" عل مدى تعلقها بالعمل وما يوفره لها من سعادة فتعتبره المتنفس الرئيسي لحياتها، والعرق يتصبب على وجهها انتقلت للحديث بلغة يغلب عليها الرضا "لحد دلوقتي بساعد ولادى وبدلهم فلوس، أنا بجري عشان عيالي"، فلديها ابنتان تتكلف بمصارفيهن حتى الآن.
الولد هو العزوة بلغة القرى الريفية، ولكن "أم صابرين" كسرت القاعدة السائدة في قريتها، ونتيجة لمسيرة عملها اليومية تعرضت إلى حادث وفقدت ابنها قبل أن يخرج إلى النور، وتعرضت لكثير من الانتقادات اللاذعة وصلت إلى حد "المعايرة بأم البنات"، وكان سلاحها هو الفخر بابنتيها، التي ختمت حديثها مع "احكي" متمنية لهن بالستر وسط موجة الغلاء التي تحتاج البلاد.
الكاتب
سمر حسن
الجمعة ٣٠ يونيو ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا