بعد تجربتها الخاصة.. سالي أسامة تفتتح أول حضانة للصحفيات
الأكثر مشاهدة
"إحنا محدش حاسس بينا.. ليه ميكونش في حضانة تراعي شغل الصحفيات؟" أمنية صرحت بها سالي لزوجها في اللحظة التي شعرت فيها أنها منهكة بسبب الصراع اليومي مع الوقت لتلحق بطفلها قبل أن تغلق الحضانة أبوابها وينتظرها في الشارع، وداخلها ضيق بسبب عدم مراعاة حضانات الأطفال لظروف عملها.
تعمل سالي أسامة في الصحافة منذ سنوات طويلة، فرغم عمرها الذي لا يتعدى الثلاثين إلا أنها استطاعت أن تثبت نجاحها في مجالات الإعداد والمراسلة التلفزيوني والتحقيقات الصحفية، وعملت في مؤسسات إعلامية وصحفية كبرى كقناتي دريم وTEN، وموقع "دوت مصر" و"المنصة"، كما حصدت عن تحقيقات صحفية جوائز من منتدى الصحافة الإليكترونية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة.
النجاح في العمل الصحفي، كان يواكبه إرهاق نفسي وبدني كي تجد حضانة يمكث بها ابنها مازن، الذي حظيت به منذ خمس سنوات، حتى تنتهي من عملها "كان وقتها عمره 3 سنين ونصف، وكنت بجري كل يوم بعد ما أخلص شغلي عشان ألحق أخده من الحضانة"، فمع حلول الساعة الرابعة تغلق الحضانة أبوابها ويقف الأطفال الذين تأخرت أمهاتهم في الشارع.
"حياتي كانت كلها جري" تضطر سالي أن تنهي عملها عند الرابعة حتى لا يتعرض ابنها إلى الانتظار في الشارع، ولا تملك الوقت أوالإمكانية لتباشر ما يحتاج إلى متابعة بعيدا عن ساعات العمل، لم تكن محاولات اللحاق بمازن ترهقها بدنيا قدر ما تؤذيها نفسيا.
بكلمات عابرة كانت تقصد بها التعبير عن الضيق أخبرت سالي زوجها الكاتب والصحفي أحمد الفخراني أن على إحدى الصحفيات أن تفتتح حضانة للأطفال أبناء زميلاتها، ليوحي لها بالفكرة "طيب ما تعمليها أنتي".
ولأنها اعتادت أن الأحلام لا تتحقق بطريق عشوائية، أخذت الأمر على محمل الجد، وقررت أن تدرس المشروع، فحصلت على دورة تدريبية من البنك المصرفي حول إدارة المشروعات الصغيرة، كما اجتازت دبلومة في الإرشاد النفسي والتربوي، واستطاعت من خلالهما أن تختار بعناية مكان الحضانة المناسب للأطفال والأمهات العاملات بالصحافة.
في جاردن سيتي، افتتحت سالي حضانتها "Mamy 1 nursery"، وراعت فيها أن تناسب مواعيد العمل غير الثابتة للصحفيات والمذيعات، وقدمت للأطفال أنشطة تنمي قدراتهم العقلية وتؤهلهم لدخول المدراس، وتطبق منهج منظمة اليونيسيف للأنشطة "ولأن الصحفيات مش هيكون عندهم وقت، بنقدم وجبات صحية للأطفال، والمكان مفتوح طول الوقت وكل أيام الأسبوع، حتى الإجازات الرسمية"، فحققت سالي ما كانت تتمنى أن تجده في الحضانات الأهلية.
إلى جانب التواجد المستمر بالحضانة، كانت سالي تعمل معدة ومراسلة وصحفية، وتصر على الإشراف المباشر على سير العمل بمشروعها الجديد، لدرجة أنها اعتبرته "بيت تاني" وضعت به "تحويشة العمر" ويعتبر زوجها شريك فيه بالمال والمخاطرة، ورغم ذلك لا تسعى من خلاله إلى الربح الكبير "مش عاوزة أكسب فلوس كتير، أهم حاجة المشروع مغطي مصاريفه وبيوفر لي مبلغ مناسب".
بعد نجاح المشروع، وشيوع الفكرة بين الأمهات الصحفيات واعتمادهن على الحضانة نظرا لمواعيدها المرنة التي لا تتقيد بساعات عمل، قررت سالي أن تبحر في مجال تربية الأطفال بشكل أكبر، فالتحقت بكلية رياض الأطفال، وأنهت هذا العام سنتها الدراسية الثانية "الكلية دي كنز"، حيث تركز على تشريح الجانب النفسي للطفل في مراحله العمرية المختلفة، وتأثره بالعادات والتقاليد.
الدراسة والعمل بالحضانة جعلا سالي تدرك ما الذي قد يؤثر على طفلها بصورة أكبر؟ فوجدت أن التفرغ للحضانة ومنح ابنها مساحة أكبر من الوقت، خاصة، مع بداية دخوله للمدرسة، الاختيار الأفضل "عشان مقصرش تجاه ابني، قررت أزيح أعباء من عليا" وعملت كصحفية حرة بموقعي "المنصة" و"سوبر ماما" حيث تقدم مقالات تربوية.
"أنا صحفية شارع وبحب الميداني والتعامل مع الناس، وده مبقاش متاح دلوقتي" مما شجعها على قرارها بالانحياز للحضانة التي منحتها شعورا بالاكتفاء النفسي "أنا هنا بقدم حاجة ليها قيمة، فالمكان مسئول عن تنمية الأطفال"، واستطاعت أن تفتتح فرع ثاني لحضانتها بنفس المواصفات التي تراعي ليس فقط الصحفيات ولكن الأمهات العاملات بمواعيد عمل غير ثابتة كالطبيبات والمخرجات.
لم تعد حضانتها مكانا لاستضافة الأطفال، ولكنه أضحى مساحة للفضفضة والحوار مع الأمهات، ومشاركة المشكلات الحياتية "90% من الأمهات معيلات، وعندهم ضغوط نفسية، فبقيت بحس بالمسئولية"، فدور الحضانة كما تراه سالي "أكبر من تغيير البامبرز والأكل"، فهي مساحة للود وتعتبر مكمل لدور الأسرة ومساهم في تنشئة الطفل وتربيته.
مشروع سالي شجعها على إنجاب طفل آخر، بعد أن كانت قد اتخذت قرار بالاكتفاء بمازن، إلا أنها رزقت بزينب منذ أربعة أشهر، "حبيت الأطفال أكتر، وبقيت أتمنى يكون عندي 10 أطفال"، ولذلك كانت تحرص على اختيار المدرسات والعاملات بالحضانة، وتزرع بداخلهم حب المكان باعتباره بيتهن الثاني.
الكاتب
هدير حسن
الأربعاء ٠٥ يوليو ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا