ملكة جزماتي.. لاجئة سورية تحافظ على التراث الشامي بـ ”المطبخ”
الأكثر مشاهدة
من بلاد الشام، وبعد حرب أشعلت سوريا، وأثرت في الحضارة والتاريخ، اجتمع شمل ملكة جزماتي بزوجها محمد في برلين، لتعيش في بلاد الغرب كلاجئة سورية استطاعت أن تجعل المطبخ السوري والأكلات الشامية حديث قاطني ألمانيا.
أتت ملكة، 27 عاما، إلى ألمانيا عام 2015، درست العلاقات الدولية والعلوم الدبلوماسية، كلنت تعمل ضمن برامج الإغاثة فؤ الأردن، ثم عملت بقناة "أورينت" الأردنية، وكانت تقدم برامج جادة لها علاقة بالشأن السياسي، لتقودها الصدفة نحو "ملكة الطبخ" البرنامج الذي قامت بإعداده وتقديمه على نفس القناة، وهي لا تعرف عن إعداد الطعام سوى "الاسباجيتي".
حاز برنامجها، الذي تزامن عرضه مع شهر رمضان، شهرة ونجاحا واسعا، كانا المؤهل والدافع للشهرة التي نالتها الأطباق التي تعدها في ألمانيا، فرغم البداية التي كانت تستعين فيها بوالدتها لكي تظهر حلقات برنامجها بنجاح، ولكنها استطاعت أن تبرز مهارتها وتصنع لنفسها اسما وعلامة مميزة.
البداية كانت مع قدومها إلى برلين، حيث كان يحاول زوجها تأمين إقامة لهما، وفي السكن الذي يجمع مختلف الجنسيات والأديان شعرت ملكة أنها يجب أن تحدث فارقا بوجودها، ورفضت أن تكون عبئا على المجتمع، وبدأت في التخلي عن المساعدة الاجتماعية التي تقدمها الحكومة للسوريين، وتعد وجبات الطعام للقاطنين معها، ثم ذاع صيتها فطلب منها آخرون أن تعد وجبات لحفلات تخرج وأخرى لأعياد ميلاد.
وبدأت تفتح مكان السكن كمطعم، ولكنها تعتبره مشروع ذواقة المطبخ الشامي، كما تطلق عليه، وتقدم بلدية برلين والكنيسة البروتستانتية وبعض المؤسسات الخيرية دعمل ماديا لمشروعا، وتعتبر ملكة الطعام وسيلتها لإحياء ذكرى وطنها سوريا، فتقدم الفتوش والبراك والكبة مستخدمة التوابل.
استطاعت أن تصل بمكونات مطبخها الشامية إلى داخل المستشارية الألمانية، وأبدت المستشارة انجيلا ميركل إعجابها بما أعدته ملكة، وخاصة الشاورما، مما جعل ملكة تشعر بالفخر والسعادة "أنه أهم حدا بالدولة، تدوق أكلي وتنبسط.. هادا شهادة كبيرة بعتز فيها".
عندما قدمت الوجبات لمجموعات مسرح استعراضي، وشركات كبرى، وجامعات، وحتى مهرجان برلين السينمائي اقترح عليها أحدهم أن تقوم بتدوين ما يخص الطعام والوصفات السورية في كتاب، وهو ما اقدمت على فعله في مايو الماضي، حين قررت أن تصون التراث السوري عبر كتاب للأكلات الشامية باللغة الألمانية حمل اسم "ملكة.. وصات مشتهاة من وطني الأصلي".
لم يتناول الكتاب وصفات الطعام فقط، ولكنه يحمل جزءا ثقافية وتراثيا، فجانب كل أكلة أو وصفة طعام يوجد شرح لسبب تمسيتها، والمدينة التي أتت منها، والمناسبة التي يتناولها بها السوريون، وبماذا ترتبط في أذهانهم؟ فهو ليس طعاما خالصا، وإنما هو الثقافة التي تقف وراء الطعام.
قالت ملكة في مقدمته "أتيت من وطن تشرق فيه الشمس كل يوم، ويعيش فيه الناس باحترام غلى جانب النباتات. وهنا تزدهر كل من الطبيعة والروح البشرية على حد سواء، لهذا السبب أصبحنا فنانيين نبتكر صورا جميلة من النباتات ونحول ثمار الأرض إلى عمل ممتع وصحي".
تعتبر ملكة محاولتها في إعداد الطعام ليس حبا فيه، وإنما رغبة منها في أن تشارك "مش حابة أكون مجرد صفر"، ورأت في الطبخ وسيلة للتواصل لا تحتاج إلى إتقان اللغة، فهي تحاول أن تظهر السفرة السورية بألوانها الزاهية إلى ألمانيا.
يساعد زوجها محمد، ويعتني بطفلها حسان، ولذلك لا تعتبر ملكة المشروع يخصها وحدها، ولكن يساهم به كل من شجعها وجعلها تؤمن بقدراتها، وتطمح أن تكون شخصية مؤثرة مثل أوبرا وينفري، ولا تعتبره حلما بعيد المنال.
الكاتب
هدير حسن
الثلاثاء ٠٥ سبتمبر ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا