من داخل المملكة..قيادة النساء للسيارات بين الترحيب والامبالاة
الأكثر مشاهدة
مثل يوم الثلاثاءالموافق 26 سبتمبر يومًا تاريخيًا في مسيرة المرأة السعودية عقب نضال استمر لربع قرن من المواجهة والاحتجاز والمطالبة، على خلفية قضية منع المرأة من القيادة في المملكة، وأتى قرار العاهل السعودي الملك سليمان ليمنح المرأة متنفس من الحرية واستجابة لمطالبتها، فأصدر بيانًا بالسماح للمرأة السعودية بالقيادة وفقًا للضوابط الشرعية، على أن يكون التنفيذ ابتداءً من يونيو 2018، وفي ضوء ذلك تواصل (احكي) مع مجموعة من السيدات الوافدات والمواطنات في عدة مناطق مختلفة في المملكة للتعرف على كيفية استقبالهن للخبر والخطوات اللاتي يقمن بها عقب ذلك.
ربع قرن من النضال
كانت السعودية البلد الوحيد في العالم الذي يفرض حظراً على قيادة النساء للسيارات، وظلت ناشطات في المملكة يتابعن حملة منذ أكثر من 25 عامًا للسماح للمرأة بقيادة السيارة، وفي سبيل ذلك استخدمن عدة طرق للمواجهة منها، قيادة سيارتهن على الطريق، وإرسال عرائض إلى الملك، ووضع مقاطع فيديو لأنفسهن على مواقع التواصل الاجتماعي وهن يقدن سياراتهن.
وظهرت أولى الحركات المناهضة للمنع في تسعينيات القرن العشرين بعد تنظيم 47 امرأة احتجاجاً قاموا من خلال بقيادة سيارات في شوارع العاصمة الرياض فيما عرف باسم مظاهرات قيادة المرأة، وعقب ذلك قامت عدة احتجاجات في سنوات متفرقة موضحة في الإنفوجراف التالي، حتى وصلن إلى حظر المنع بقرار العاهل السعودي التاريخي.
وعقب خروج القرار إلى النور تكاثرت الأقاويل حول الشروط التي تقع على كاهل المرأة السعودية لاستخراج رخصة قيادة، مما دفع السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، الأمير خالد بن سلمان بنفي تلك الشائعات، موضحًا إن قيادة المرأة في المملكة للسيارة لن يتطلّب إذناً من ولي أمرها، حسب شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، مضيفًا بأنها لن تحتاج إلى وجود ولي معها في السيارة أثناء القيادة، وسيسمح لها أيضًا بالقيادة في أي مكان بالمملكة بما في ذلك مكة المكرمة والمدينة.
وعن الشروط الازمة لاستخراج رخصة القيادة، أكدت المحامية بيان زهران لـ"العربية.نت" وضوح الأمر السامي بتطبيق ذات قواعد المرور المعمول بها حالياً، كما نص المرسوم على تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية، بما فيها إصدار رخصة القيادة، على الذكور والإناث على حد سواء.
قراءة مختلفة من المواطنات
اختلفت ردود أفعال المواطنات السعوديات مقارنة بالناشطات اللاتي قدن حملات مواجهة المنع "استقبلته بفرحة كبيرة زي باقي السعوديات" هكذا عبرت "مريم الدوسري" المقيمة في محافظة الخبر بالمنطقة الشرقية، والتي تواصل معها (احكي) عبر برنامج (الواتس آب) استقابلها للأمر، موضحة أنها لم تعاني من قرار الحظر مقارنة بمواطنات أخريات، وذلك بسبب تواجد والدها وزوجها دائما بجانبها وتوصيلها للمكان الذي ترغب الذهاب إليه، بينما وضحت أن قرار الحظر مثل معاناة شديدة لسيدات يواجهن الحالات الطارئة "ممكن تكون واحدة عايزة تروح المستشفى عشان وضع طارىء، أو توصل أولادها المدرسة".
وعن انعكاسات القرار على حياة السيدة التي تعمل ،مسئولة قسم نسائي في شركة سيارات، عزمت النية على شراء سيارة واستخراج رخصة، مبينة أن الحكومة اتخذت القرار في الوقت المناسب بعد مدة وافية من الدراسات الشرعية والعرفية "القرار جه في الوقت المناسب، وهطبق القرار ضمن الضوابط اللي رسمتها الحكومة".
"كل واحدة هتقدر تسوق سيارتها بنفسها"، وفقًا لعمل "الدوسري" في شركة سيارات كشفت أن الغالبية العظمى من الموظفات السعوديات لديهم سيارات مسجلة بأسمائهم، ويوجد أقسام في الشركات مخصصة لمبيعات النساء، بينما يقودها الزوج أو الوالد أو السواق الخاص.
واستكمالًا للنتائج الإيجابية التي تعود على المرأة السعودية من رفع الحظر على القيادة، أعدت شبكة "روسيا اليوم" الإخبارية، إنفوجراف، حول عدد من الوظائف المتوقع توافرها فى المملكة العربية السعودية، وتلك الوظائف هي، مدربة قيادة، خدمة تاكسى، دليل سياحى، شرطية مرور، سائقة خاصة، إدارة مشروعات صغيرة، خدمات توصيل، خدمات إسعاف.
فيما استقبلت "ندى سعود" المقيمة في مدينة مكة المكرمة، الخبر بشكل محايد "أنا لا مع ولاضد"، مبررة ذلك بوجود زوجها والسواق الخاص بها، ولم تفكر بامتلاك سيارة خاصة بها في الفترة الراهنة، بينما وجدت فائدة كبيرة تعود من رفع الحظر على فئة نسائية معينة "الأرامل والمطلقات أكتر ناس مستفيدة، ما عندهم أحد يوديهم ويجيبهم".
في سياق آخر، وصفت الفتاة العشرينية القرار بطوق النجاة من استغلال السائقين "بيكون أسهل للبنات اللي بتشتغل وتطلع أي مكان تبغاه"، لافتة إلا أن المجتمع سيتقبله بصعوبة في بدء الأمر ثم تدريجيا يصير طبيعيًا خاصة في القرى مقارنة بالمدن لما توفره لسهولة القيادة.
وفي سياق الحديث عن الحملات المناهضة لمنع قيادة النساء في المملكة، التي سبقت القرار "ما قد شفتهم أصلا ماأدري مين هذول الناس، أتوقع الأغلب متجنسات"، مستنكرة تلك الحملات
مصريات بالسعودية.."فرحنا بالقرار رغم عدم الاستفادة"
يصل عدد المصريين في المملكة العربية السعودية إلى نحو 2.5 مليون شخص يمثلون نحو 800 ألف أسرة، وعقب القرار تواصل (احكي) مع مجموعة من السيدات المصريات المقيمات في عدة مناطق مختلفة حيث تتكون السعودية من 13 منطقة إدارية، وتنقسم كل منطقة إلى عددٍ من المحافظات، واتفقت معظم الآراء على عدم جدوى القرار بالنسبة لقطاع المغتربات.
استهلت "غادة عطوة" التي تسكن فى منطقة الخبر منذ سبع سنوات، بالتأكيد على عدم استفادتها من القرار "أنا بخرج بكريم وأوبر"، لافتة إلى أن زوجها يستمر في عمله طوال اليوم ومعه السيارة، مبينة أنها لم تقوم بشراء سيارة خاصة بها.
بينما حاولت "سمر خالد" أن تحصل على جدوى من القرار، فقررت أن تتعلم القيادة ومن ثم تحصل على رخصة "القرار خلاني برده هتعلم السواقة وأطلع رخصة"، فيما اتفقت مع "غادة" في أنه لا فائدة أخرى من القرار على معظم المغتربين سوى ذوي المرتبات العالية التي تمكنهم من شراء أكثر من سيارة "مش هنزل غير لما تكون العربية بتاعة جوزي متاحة".
في معرض الحديث عن فوائد السماح للمرأة بالقيادة في السعودية، قالت سمر المقيمة في عاصمة المملكة وأكبر مدنها بمنطقة الرياض، أن الفائدة تعم على السيدات السعوديات مقارنة بالمغتربات، مستكملة أنه في حالة قدرة المغتربات للحصول على سيارة لم تنجو من قائمة الغرامات المرورية في السعودية "كسر الأشارة هنا فيها حبس".
لم تختلف في الرأي "وفاء عبدالعاطي"، صاحبة مركز تعليمي، والتي تسكن في مدينة "أبها"، المقر الإداري وعاصمة منطقة عسير جنوب غرب المملكة العربية السعودية، مؤكدة بلغة صارمة "مش هيفرق معايا كمغتربة نهائيًا"، مبينة فرحتها بالقرار مصحوبة بمجموعة من التخوفات من نسبة الحادث المرتفعة في المملكة، فتعاني السعودية من ارتفاع نسب حوادث السيارات وتعد من أكثر البلدان تسجيلا للوفيات بسبب الحوادث، والتي تصل إلى 20 حالة وفاة يوميًا.
وعلى الرغم من تعلم السيدة التي تعمل في مجال التسويق الإلكتروني في إحدى المراكز الطبية القيادة إلا أنها لم تستطع الحصول على سيارة، منتقلة للحديث عن السعوديات المحيطات بها في المنطقة "مش هيجيبوا عربية ولا هيسوقوا الحوار مش حوار قرار عاداتهم وتقالديهم تمنعهم من السواقة".
الكاتب
سمر حسن
الأحد ٠١ أكتوبر ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا