بعد أن مات اكتشفوا أنه أنثى.. ”جيمس باري” وحقيقته الأنثويّة
الأكثر مشاهدة
في قلب إنجلترا، بالتحديد داخل المستشفى الملكي، كان رجل محبوب بين الجميع، ليس فقط لمهارته في تخصصه الجراحي لدرجة أن التاريخ سجّل اسمه تحت أندر عمليات الجراحة القيصريّة الناجحة على مر العصور، ولا لأنه واحدًا من أفضل الرجال العسكريين في بريطانيا العظمى، لكنه محبوب أيضًا لرقيّ أخلاقه، وسلوكه الطيّب مع الجميع، إنّه "جيمس باري" كبير الجراحين بالمستشفى الملكي البريطاني.
في اليوم الخامس والعشرين من يوليو عام 1865 حدث ما لم يكن متوقعًا، خبر زلزل أرجاء القصر الملكي وبريطانيا بأكملها، خبر وفاة هذا الرجل العظيم، وتأثر به البلاط الملكي البريطاني، بدايةً من رئيسه، وحتى أصغر خدامه.
فقدان رجل قضى 52 عامًا مخلصًا لعمله في الحياة العسكريّة، حتى وصل منصبه إلى مفتش عام للمستشفيات العسكريّة فى بريطانيا، لم يكن الخبر الوحيد الصادم للمملكة، وإنما خبر وفاته حمل صدمة أخرى كانت الأكبر على الإطلاق، بعد أن دخلت عليه "صوفيا" والتي كانت خادمته، وما ان بدأت فى تنظيف جسده استعدادًا لمراسم دفنه، شاهدت ما لم يكن متوقعًا على الإطلاق، لقد وجدت جسدًا لامرأة فى كامل أنوثته، أنثى استطاعت خداع المملكة بأكملها خلال كل هذه السنين الطويلة..
فما السبب وراء إخفاء "جيمس باري" حقيقته الأنثويّة؟!
"مارجرت باكلي" هو الاسم الحقيقي لها، ولدت في أيرلندا لعائلة ذات تفكير يختلف عن تفكير المجتمع البريطاني المتخلّف آنذاك، فقد كشفت التحريّات التي تمت بعد وفاتها، أنها التحقت بمدرسة الطب تحت اسم "جيمس باري" وهو في الأساس اسم خالها الفنان الكبير، وأستاذ الرسم في كلية لندن، وذلك تم بمساعدة أقاربها لها، وخاصّة أمها التي بذلت المجهود الأكبر لتحقّق لابنتها حلمها في دراسة الطب.
لجأت العائلة المتفتّحة لذلك التصرّف، لأن المجتمع الإنجليزي في هذا الوقت كان يحتقر الأنثى، ولا يأتمنها على دراسة مصيريّة مثل دراسة الطب، وبالفعل في شهر يناير من عام 1813 نجحت مارجرت باكلي أو "جيمس باري" فى اجتياز اختبارات الكلية الملكيّة للجراحين، وأصبحت بشهادة ملكيّة ضابطًا في الخدمة العسكريّة.
بدأت عملها فى دولة الهند، ثم انتقلت بعد ذلك إلى مستعمرة "كيب تاون" في دولة جنوب إفريقيا، وأخذت تتدرج في المناصب واحدًا تلو الآخر حتى أصبحت مفتش الصحة العامة في المستعمرة بأكملها.
فى عام 1864 تقاعدت باري من عملها بعد إصابتها بمرض الدوسنتاريا"، وبعدها بعام توفّت، لتترك علامات الذهول على أوجه المجتمع البريطاني بأكمله، ذلك المجتمع الذي ادّعى بعد ذلك أنها "خنثى" ليخرج نفسه من مأزق الأنثى التي تلاعب به وبتقاليده المتخلّفة، لكنها رغم تقاليده هي أنثي، طبيبة، وعسكريّة ذكرها وسيذكرها التاريخ.
الكاتب
أمينة صلاح الدين
الأحد ١٠ ديسمبر ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا