”بهيجة حافظ”.. أول امراة تؤلف الموسيقى التصويرية للأفلام في مصر
الأكثر مشاهدة
فنانة شاملة، لم تترك مجالا في الموسيقى والتمثيل والإخراج والتصميم إلا طرقته، نشأت في ظل عائلة تهوى الموسيقى، وتخصص لها وقتا، وترى فيها وسيلة للترفيه والتسلية، والرقي بالذوق، فهي ابنة إسماعيل باشا حافظ أحد أعيان الإسكندرية، حيث ولدت بهيجة حافظ في حي محرم بك في 4 أغسطس 1908.
بهيجة حافظ سيدة السينما الأولى
تعلمت بهيجة الموسيقى على يد المايسترو الإيطالي جيوفاني بورجيزي، فتعلقها بالنغمات والأصوات التي يصدرها البيانو والعود، وحبها للموسيقى، الذي عززه تأليف والدها للأغاني وتلحينها، وعزفه على الرق والعود والقانون، وعزف والدتها على الكمان والفيولنسيل، وكذلك أشقائها يعزف كل منهم آلة مختلفة، فكان الأب يجعل من العائلة أوركسترا يعزف كل أفرادها، مما جعلها تتقن الموسيقى مبكرا.
في التاسعة من عمرها ألفت أول لحن موسيقي، وأسمته "بهيجة"، وأهدته إلى والدها، ودرست بمدرسة الفرنسيسكان ومدرسة المير دي ديو، رغم بروز موهبتها الواضح، مع إتمامها الثانية عشرة من عمرها تزوجت بهيجة، ولكن لم تستمر زيجتها طويلا، فانفصلت، وسافرت إلى فرنسا وعمرها 15 عاما لتدرس بالكونسرفتوار، ثم عادت لتستقر في القاهرة وتركت بيت الأسرة في الإسكندرية، بعد وفاة والدها.
بدأت في العاصمة تخوض مجال التأليف الموسيقي بشكل أكثر احترافية، فألفت الموسيقى التصويرية لعدد من الأعمال السينمائية، وتعتبر بهيجة "موسيقى الأفلام ليست كالتلحينن ولكنها يجب أن تنطق المشاعر وتعبر عنها"، وأحبت ما تفعله واخلصت له، ومن ةهنا كان تميزها، فاستضافتها مجلة "المستقبل"، ونشرت صورتها على الغلاف كأول مؤلفة موسيقية مصرية، من هنا كانت بوابتها نحو السينما.
اقرئي أيضًا.. تعرفوا على حكاية جيهان السادات المحاضرة والسيدة الأولى
في أولى مشاركتها السينمائية، قامت بهيجة ببطولة الفيلم الصامت "زينب" عام 1930، والذي يعد من علامات السينما المصرية في مرحلتها الصامتة، وشاركها بطولته سراج منير وزكي رستم مع دولت أبيض وعلوية جميل، بعد أن اختارها المخرج محمد كريم، ولم تكتف بالتمثيل، ولكنها ألفت الموسيقى التصويرية للفيلم، التي قدرت بـ 12 مقطوعة موسيقية.
لم يكن سفر بهيجة إلى القاهرة وبداية احترافها التأليف الموسيقي والتمثيل معا بالأمر الهين، فبعيدا عن تحديات العمل، واجهت بهيجة رفض الأسرة لعملها الفن، الذي أدى إلى انقطاعها عنهم لثلاث سنواتن ليأتي عرض فيلمها "زينب" بالإسكندرية لينهي هذه القطيعة، "والدتي قالت لازم أحضر الفيلم من دون معرفتي، فلما زينب ماتت في الفيلم أغمى عليها وافتكرت أني مت حقيقي، فقابلتها عشان تتأكد أني عايشة، واتصالحنا".
اقرئي أيضًا.. ولادة بنت المستكفي شاعرة الأندلس وحبيبة ابن زيدون
قدمت بهيجة عددا من الأفلام، منها: زهرة، الاتهام، الضحايا، ليلى البدوية، والقاهرة 30، كما ألفت موسيقى أفلام (السيد البدوي، زهرة، الاتهام، الضحايا، ليلى بنت الصحراء، ليلى البدوية)، واتجهت إلى الإخراج أيضا، فبعد دراستها بالخارج، شعرت أنها الأفضل "مكنتش بشوف أنه في حد أقدر أتكل عليه، وكنت بالاقي كل اللي حواليا ضعاف"، فأخرجت فيلم ليلى البدوية، وليلى بنت الصحراء.
أعطت بهيجة للفن كل حياتها، وقدمت له كل ما تملك، فإلى جانب التمثيل والتلحين، والتأليف السينمائي، صممت الأزياء وعملت بالمونتاج، كما أسست شركة للإنتاج الفني والسينمائي تحت اسم "الفنار"، وأنتجت من خلالها عددا من الأفلام، أهمها "ليلي بنت الصحراء" عام 1937، الذي بلغت تكاليفه 18 ألف جنيه مصري، يعذ ذلك مبلغا ضخما حينها، وحاز على جائزة ذهبية من مهرجان برلين الدولي، وكان أول فيلم عربي ناطق يشارك بالمهرجان، وقبل عرضه في مهرجان البندقية تم منعه بطلب من الحكومة الإيرانية، بحجة إهانته للملك كسرى أنوشروان ملك الفرس.
اقرئي أيضًا.. حكاية مروة السلحدار أول قبطانة في مصر والوطن العربي
ورغم أن الفيلم تم اعتباره حدثا في السينما المصرية، كونه يضم ديكورات ضخمة وأزياء مبهرة، تسبب في إفلاس بهيجة وتوقفها عن الإنتاج لعشر سنوات، عادت بعدهم بفيلم "زهرة السوق" عام 1947، ولكنه لم يحقق النجاح الكافي، فكان آخر عهدها بالإنتاج السينمائي، لتكون آخر مشاركتها في السينما بالظهور في فيلم "القاهرة 30" عام 1968، في دور الأميرة شويكار.
ساهمت بهيجة في تحسين مستوى العاملين بالموسيقى، فأنشأت عام 1937 أول نقابة عمالية للموسيقيين استمرت حتى عام 1954، وكانت تستقبل بقصرها الفنانين، وتقيم الندوات الثقافية والفنية بالصالون الثقافي الخاص بها.
رحلت رائدة الفن والموسيقى والإخراج في 13 ديسمبر عام 1983، وحيدة في منزلها لم يعلم أحد بوفاتها إلا بعد يومين، ولم يحضر جنازتها أي من الفنانين، لترحل وحيدة دون وداع يليق بمن أفنت عمرها للفن، وتركت أعمال تميز سيرتها الذاتية، وتكتب اسمها في سجلات التاريخ.
اقرئي أيضًا..
فاطمة السري.. الأم التي قهرتها هدى شعراوي
الكاتب
هدير حسن
الثلاثاء ١٩ ديسمبر ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا