نتالينا يعقوب.. ملكة جمال النوبة التي تعتز بـ ”سمارها” وتؤمن بـ ”الحرية”
الأكثر مشاهدة
عندما سألها والدها في صغرها "ما الذي تنوي فعله في المستقبل؟" لم تتمنَ نتالينا أن تكون مهندسة وطبيبة، ولكنها قالت له "أنا نفسي أساعد الناس"، إجابة حددت مصيرها ورسمت مستقبلها في أن تكون مثالا طيبا يعمل لصالح بلده، بأبسط ما يملك.
حملت نتالينا يعقوب، ذات الخمسة وعشرين ربيعا، همّ المنطقة التي ولدت ونشأت بها، فهي ابنة جبال النوبة بثقافاتها المتنوعة، الواقعة في جنوب كردفان بالسودان، وتعاني من حروب وصراعات وتهميش، ورغم المعاناة قررت أن تعكس التراث الذي يحمله 99 جبل، لكل منهم طبيعته وتقليده الخاص.
تدرس نتالينا في جامعة الأحفاد للسيدات بمنطقة أم درمان، وتعمل حاليا على تجهيز رسالتها للماجيستير في مجال التنمية والسلام، مؤمنة أن التعليم هو السلاح والأداة الأقوى لتواجه الظلم والتعسف والامتهان، وتعمل على النهوض بمجتمعها من خلال العمل مع منظمات المجتمع المدني التنموية.
في المهرجان التراثي الثقافي السنوي لجبال النوبة، الذي يجمع ثقافات هذه المنطقة على تنوعها واختلافها بهدف التعريف بها، وإرسال رسالة سلام لباقي مناطق السودان، تحمل شعار أكدته نتالينا في أحد أحاديثها "النوبة مش صحرا، هي ناس بيحبوا السلام والحياة".
في أعوام المهرجان 2014، و2015، ترشحت نتالينا لمسابقة ملكة جمال جبال النوبة، التي يقيمها المهرجان "كل زول (شخص) له جماله الخاص، ولازم نفتخر بهويتنا الإفريقية، وجمالنا الأسود السوداني"، لهذا قررت أن نتاليا أن تساعد الناسن كما كانت تحلمن من خلال فوزها بالمسابقة.
تشترط المسابقة أن تتزين المرشحات بالسوكسوك (وهو زينة يدوية تميز نساء جبال النوبة)، وان تكون متقنة للغة أجنبية، وتنافست نتالينا مع 25 متسابقة أخرى، حتى حصلت على اللقب لعامين على التوالي، وتمثال "الكنداكة كاكا"، الذي يعني المرأة الصامدة أو القوية.
"عاوزة أغير مفهوم المجتمع السوداني عن الجمال" أرادت نتالينا أن يمثل فوزها رسالة للاعتزاز بالهوية الإفريقية، وعدم تقييم الشكل الخارجي دون وجود قناعة حقيقية يحملها الشخص نفسه، فالجمال، كما تراه، هو التنوع وأن تكون سبب سعادة ومحبة الآخرين، مع تقدير طبيعة كل شخص دون تغيير.
"بلا كريمات وبلا تبييض.. كوني أنتي وأنت شجعها" مبادرة أطلقتها وتبنتها نتالينا، رافضة أن يلجأ بنات السودان إلى المساحيق التي تعمل على تبييض البشرة، متنكرات لجمالهن الطبيعي ورافضات له، "الهدف أنه البنت تقتنع بشكلها، وتؤمن أنه كل شخص له هدف ورسالة في المجتمع مهما كان لونه".
اعتبرت أن فوزها جاء لتحقق هدفها في لعب دور في المجتمع، والعمل على تغييره والمساهمة في تحسين أحواله، فتبنت مبادرة أخرى اسمتها "عشان أهلنا"، تعمل على مساعدة الطبقات الأكثر احتياجا في المجتمع، مؤمنة بحق كل شخص في العيش بكرامة دون تهميش، مع تمسكها بحريتها في قول ما تريد وتعتقد دون قيود أو خوف.
تحترم وطنها وتقدره، تعرف نفسها "أنا إفريقية سودانية نوباوية"، تتعامل مع الجميع ببساطة ودون تكلف، عملت في مجال تنمية المراة ونيلها قدر كاف وجيد من التعليم، عملت كمذيعة في أحد القنوات الفضائية، ونالت مؤخرا جائزة العميد (م) جاك بخيت التشجيعية، التي تُمنح للأشخاص أصحاب الأثر في السودان.
ما زالت توجيهات والدها في بالها، دعمها لها وتشجيعه لعملها وتنميتها لنفسها، ساهم في محبتها لمساعدة الاخرين، رغم مرور 12 عاما على وفاته، فما زالت تحفظ في ذاكرتها توجيهاته، التي جعلت منها قدوة لبنات السودان.
الكاتب
هدير حسن
الثلاثاء ٠٩ يناير ٢٠١٨
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا