”ناظمة خان”.. تحارب العنصرية بـ ”اليوم العالمي للحجاب”
الأكثر مشاهدة
عندما وصلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع أسرتها قادمة من بنجلاديش، لم تكن تعلم أن مصيرا مختلفا ينتظرها، وأنها ستضطر إلى الدفاع عن ما اعتبرته قبلا مظهرا عاديا، وزيا مألوفا، لكن مجتمعها الجديد يرفضه وينبذ المرتديات له.
في الحادية عشر من عمرها، انتقلت ناظمة خان للعيش في نيويورك مع أسرتها، وقتها لم يكن والداها يملكان سوى 10 دولارات، مما يعني أن عليهما عبء البحث عن العمل وتأمين لأبنائهم حياة كريمة في بلد جديد، ليجدا المجتمع يواجههما وأبناءهما بالرفض والتربص بسبب انتمائهم العقائدي.
في مرحلتي الدراسة في المدرسة المتوسطة والعليا، ذاقت ناظمة مرارة الاختلاف عن السائد، فكان حجابها مثار للسخرية والاستهزاء، ورخصة للتعامل معها بطريقة غير لائقة وتحمل كثير من التحقير أو الاستهانة، مما جعلها تتجرع مرارة تحوّل أفضل أيام حياتها كطفلة إلى أتعسها، فالمعلمون يسخرون منها، وزملاؤها يركلونها ويبصقون على وجهها.
وبعد أن انتهت الأيام التي كانت توصف فيها بـ "النينجا" أو "باتمان"، حان الوقت للدراسة في الجامعة، وكانت تعيش ناظمة الخوف والارتياب في كل لحظة من حياتها، بسبب تزامن ذلك مع مع أحداث تفجير برجي التجارة العالمي في سبتمبر 2001، المعروفة بـ 11\9، فكان حجابها يعني أنها مسلمة، ووقتها، اعتبر كثير من الأمريكيون الإسلام موازٍ للإرهاب، فكانوا يطلقون عليها اسم "أسامة بن لادن" و"الإرهابية".
تتذكر ناظمة هذه الأيام، ولم تتخيل كم العنصرية الذي تعرضت له وفقدت بسببه الإحساس بالأمان، وتذكرت كيف أجبرتها إحدى زميلاتها على خلع الحجاب، وعقدت العزم على التخلص من الشعور بالدونية، والهروب من واقع يتعامل معها بعنصرية ورفض.
في الأول من أكتوبر 2010، أطلقت ناظمة موقعا إلكترونيا أسمته stunninghijab، كي تعرض كل مسلمة تجربتها مع ارتداء الحجاب من خلاله، وكانت تستقبل مئات من رسائل البريد الإلكتروني، التي نبهتها إلى أهمية هذا الموقع، فلا تنسى واحدة من الرسائل أرسلتها فتاة في الرابعة عشر من عمرها تعيش في المملكة المتحدة، حين أخبرتها عن المعاناة التي تعيشها بسبب الحجاب، حين تعامل معها زملاؤها بطريقة مهينة، فكانوا يبصقون اللبان الممضوغ على حجابها، وغيرها من رسائل السيدات اللاتي تعرضن للرفض أو الطرد من عملهم بسبب الحجاب.
شعرت ناظمة أنها تحمل مسئولية تجاه هذه الرسائل، وأن تلقيها لهم يعني أن لها دور يجب عليها القيام به، فقررت في 21 يناير 2013 أن تطلق موقعها "اليوم العالمي للحجاب worldhijabday"، وتلقت في غضون 8 أيام رسائل من سيدات في 67 دولة حول العالم من أستراليا وإندونسيا والمكسيك وألبانيا والمملكة المتحدة، متحمسات للفكرة، رغم أنهن غير محجبات ولا مسلمات، وعبرن عن احترامهن للحجاب وتقديرهن للمحجبات.
تحمست السيدة ذات الأصول البنغالية لنشر الفكرة على نطاق أوسع، فقررت أن يكون الأول من فبراير من كل عام يوما عالميا للحجاب، ساعية إلى تحفيز غير المسلمات والمحجبات إلى تجربة ارتدائه خلال هذا اليوم، كنوع من المؤازرة ضد العنصرية التي تواجهها المحجبات في المجتمعات الأوروبية والأمريكية.
لاقت فكرتها ردود فعل إيجابية واسعة، واستمرت منذ أطلقتها في 2013 حتى هذا العام (2018)، جاذبة عدد أكبر في كل عامن واستطاعت أن تجعل من موقعها منظمة غير ربحية في عام 2017، هدفها مواجهة التمييز ضد النساء المسلمات من خلال الوعي والتعليم، ومحو الصورة الذهنية السلبية عن الإسلام، وانتماء المسلمين إلى الجماعات الإرهابية.
تتوقع ناظمة مع مرور الأعوام أن تتنشر فكرتها في كل دول العالم، وتتبناها المنظمات الدولية، بعد أن تفاعلت مع السيدات في ما يقرب من 150 دولة، وأن تنشر من خلالها التسامح ونبذ العنف ورفض العنصرية، وقبول الاختلاف، حالمة أن يصبح العالم مكانا أفضل.
الكاتب
هدير حسن
الخميس ٠١ فبراير ٢٠١٨
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا