نجلاء أشرف تكتب: كأنك تحمل عنها الندى
الأكثر مشاهدة
قالها محمود درويش في "انتظرها" ليجسد معنًا خالدًا في إحتواء الرجل للمرأة ولكن هل اختفى هذا المفهوم وسط الكثير من المصطلحات الزائفة ما بين انتشار الذكورة دون الرجولة وتوضيح أن الرجولة شرف تنازل عنه الكثير من الرجال وتمسكت به العديد من الفتيات بكل ما تحمله من قوة.
"كأنك تحمل عنها الندى"... ترى هل الندي ثقيل إلى هذا الحد ليحمل؟ أجد أن في ذلك وصف دقيق لمعنى احتواء الأحبة.. الندى ليس بالشيء الثقيل ليحمل ولكن أن يتحمل الحبيب مسئولية المشاركة حتى الحمل الخفيف مع من يحب هو من يصنع الفرق. أن تفهم ما تحتاجه أنت وما يحتاجه من تحب، وانتظار أن ينضج بالشكل الذي يسمح للأخر أن يتعايش معه، فينضجوا سويًا بتحمل المسئولية والتضحية المتوازنة المتبادلة في سبيل علاقة سليمة.
ينتشر الآن مفهوم غريب مريض عن أن الرجال يفضلون الارتباط بالفتاة الضعيفة الساذجة التي لا تعلم الكثير خارج دائرة أسرتها حتى إذا خرجت من بيتها تتوه!!! وفي المقابل من ينتصرون للمرأة المستقلة القوية التي لن يحمل همها زوجها ويستطيع أن يلقى بجميع مسئوليته عليها وهو مستريح.
للأسف أشفق على النوعين، منهم من يريد أن يحي كطفل مدلل وفي نفس الوقت على رأسه تاج من ريش يزينه التعجرف والضعف، يريد أن يتمتع بحب فتاة جميلة ساذجة يشكل شخصيتها كما يشاء ويسخرها كما يهوى لا تخرج سوى بصحبته، يتحمل كامل مسئوليتها ويعرفها على العالم من منظوره هو، حتى لا تخونه أبدًا ويكون أبيها وأخيها وزوجها... ولكنه لا يعلم أنه يقتلها بتحكمه ويقتل أي فرصة لأن يكون لها شغف أو شخصية أ و حياة مستقلة، فتذبل بين يديه حتى وإن لم ترى هي ذلك سوى بعد سنوات، بعد أن يكبر أبنائها وهي كما هي لا تدري أأحسنت تربيتهم أم لا، وهل حققت ذاتها أم لا، وتكون المشكلة أكبر إذا تطلقت في منتصف الطريق فتكون في متاهة الحياة بلا عمل بلا زوج بلا حياة تكتشف ذاتها من البداية وتكره كل أشباه الرجال.
أما النوع الثاني وإن كان ليس بسوء الأول إلا أنه يتخلى عن مسئوليته تحت ستار أنني اخترت من تستطيع أن تحمل العبء كله وحدها فلما لا؟؟؟
لم لا تتحمل هي المسئولية كاملة ويكفي أن أشارك بالمال، وفي أحيان أخرى لا يشارك حتى بالمال، ويتحجج بذلك بأن زوجته تعمل فهي ليس بحاجة إليه أو بماله...
أما في كتالوج المثالية والذي لا يتوفر سوى بمعجزة إلاهية توفيقية أن تتوفر الأم التي تربي ابنها أن يكون شخصية سوية تتحمل المسئولية وتعامل الطرف الآخر بما يُرضي الله وليس بما يُرضي هواها والأسهل لها. فيكون متحمل للمسئولية وناضج يساعد زوجته في المنزل وفي إمدادها بما تحتاجه من حضوره وسماعه وتشجيعه لها في أحلامها، وهي بالمثل. فيبنيان سويًا جدار منزلهما بالحب والود والرحمة والتفاهم، وتنضج شخصيتهم بل وترفرف أرواحهم الحرة لتعطي كل واحد منهما ما يحتاج من صبر وإحتواء.
أن يكون هناك سند ومودة ورحمة وتشارك وليس مجرد مسمى قميء شكلي يرغم طرفان على ممارسة طقوس يومية باهتة تحمل شكل اجتماعي يسمى الزواج وتنتج أطفال مشوهة مفرغة من الحب تائهة مثل من رباها ما بين الغرور والعنجهية أو عدم تحمل المسئولية المقنع!!!
الزواج منظومة تربوية متكاملة تحتاج مننا أن نتعلم كيف نكون أسوياء أولًا، ولنتعلم بعد ذلك كيف تكون مشاركة الأرواح المتآلفة.
الكاتب
نجلاء اشرف
الثلاثاء ١١ أكتوبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا