نجلاء أشرف تكتب: زهَر اللوز من ضي عيونك
الأكثر مشاهدة
"شو بيلبق لك تتسامري مع القمر
شو بتشبه لك ضحكة الياسمين
ما بدي غير بس شوية من ضي عيونك تنور لي دربي، وشي شوية صبر من شان أقدر أوصل للي بيلبق لك..
يا ضي عيوني مكان قلبك في السماء يحلق مع العصافير، ويا نجمة تشرين ما بقى فينا نبقى على حدى راح يكسر أحلامنا"
لا أدري لما أصبحت أحب اللغة اللبنانية كثيرًا مؤخرًا حتى فضلت أن تكون مقدمة المقال بها بدًلا من العامية أو اللغة العربية العادية، ربما لأن وقعها جميل على الأذن وتضفي جمالًا للجملة وربما لأنها قد تكون كمسكن مختلف لمن يعاني بجرح في قلبه، أحببت أن أتحدث لكل فتاة أو امرأة قد كسرها الحزن أو الألم أو الفقد حتى أنطفئت... وأصبحت تسير في طريقها منكسرة ذابلة لا تحب شيء أو تسعى لتنال شيء، لا تحب أحد ولا تكره أحد... تخشى الخسارة أو التعلق بأي شيء... تخشى الفشل ونظرة المجتمع لها ومرور الوقت بدون أن تفعل ما تريده في الحياة، فتقرر لا إراديًا أن تنسحب من الحياة ولا تفعل شيئًا مطلقًا... ولا تجازف حتى لا تنكسر... فتتعرض لمثل هذا الألم التي قد تعرضت له من قبل... فتذبل وينطفئ الضوء في عيونها، وتكون ممن حملوا لقب الأحياء ولكنهم قد ماتوا منذ أول كسر لم ينتبهوا له في مرآة روحهم.
منهن من لا تشعر بالأمان بعد أن تعرضت لحادث تحرش، فأصبحت تشمئز من كل الرجال تخشاهم وتحتقرهم، تحرق رغبتها في الانتقام رؤيتها لتقبل الماضي وإيجاد حلول، هي لا تسمع ولا ترى سوى أنها تأذت ولم تأخذ حقها، شعور مرير ومقزز بأن تفقد القوة بأن تدافع عن نفسها... فتنغلق وتهرب من مواجهتها لألمها كمن يشعل النار بداخل قلبه عساه أن يدفئه فيحترق...
منهن من أحبت بكل جوارحها شخص مريض لا يعلم ما يريد، كلما تعطيه من أحلامها معه وشغفها وحنان قلبها، يخذلها بردوده الباردة ويحيرها وكأنها تفرض نفسها عليه، لا يعلم كيف يحبها أو يصارحها بتحيره فتبتعد بل يزيد من قربه عساه يفهم فيحرق أجنحتها.. وبدلًا من أن تعطي من أدخرته بداخلها لمن يُقدر ما يحظى، تذبل وتنطوي كزهرة اللوز حين تتفتح في الربيع ثم تطول أوراقها وتظن أنها ذبلت في حين أنها تحولت لثمرة لوز قشرتها الخارجية هي أوراق الزهرة وبداخلها ثمرة لوز جميلة تشربت ما بداخلها وصانته، فأصبح من الصعب للريح أن يكسرها أو لدموع السماء بأن تسقطها، فقد تفهمت حزنها وتقبلته حتى تحولت الزهرة لثمرة جميلة لا تنكسر بل تزين كل ما تضيفه معها...
منهن من لها أحلام ككقطع السحاب لا تستطيع أن تمسكها أو تسيطر عليها بل يجب عليك أن تجاريها وتستأنس بلحظة جنونها وتحمسها، إذا حاولت أن تسيطر عليها وتمسكها تختفي من بين يديك، ولكن إن حاولت أن تستظل بها وتحتويها تزين أرض أحتوائك بندى إمتنانها، ويتحول الجفاء لوصل والعند لتفهم والجنون لسكينة وتدبر...
منهن من لا تزال تبحث عن نفسها ولا تعلم أين سترسى مركب طموحاتها سواء تزوجت أو لم تتزوج، سواء أنجبت أم لا، سواء فازت بإعجاب الآخرين أو ضربت بآرائهم عرض الحائط فتتحرر من قيود الممكن لتسبح في بحار المستحيل...
منهن من تعثرت بسوء الأختيار في أول زواج لها، وحازت بلقب "مطلقة"، فتقاوم تشوهات المجتمع وبحثها عن الجمال بداخلها مرة أخرى، تسعى أن تتحرر من كل القيود ليس القيود الشكلية ولكن التي تأسر روحها وتسحب منها كل ما كان يجعلها تشرق وتتلألأ.
يكسر الحزن أجنحة الفتيات فلا تستطيع أن تحلق بسهولة بعد كل إنكسار... ولكنها في كل مرة تقاوم حزنها وتتحدى الألم بقوة ما بقلبها من يقين... في كل مرة تتعلم شيئًا جديدًا... في كل مرة تتحرر من أوهام المفاهيم المغلوطة وتحتمي بما كونته من مفاهيم كونتها بخبرتها...
ينبت الفقد زهور من نور لا تتعلق سوى بالحبيب الذي لا تزول صحبته أبدًا...
وتعلمنا الظلمة أن ما زال هناك صباحات كثيرة لم نستمتع بدفء شمسها بعد...
وحين يخترقنا الخوف من المجهول تبدده سكينة أن لا يكون في ملكه إلا ما أراد... وأن أفضل أنيس يروي ظمأ التيه هو الرضا بما دبرته الأقدار، واليقين بأن هذا العالم مليء بالأسرار التي لن نكتشفها سوى برؤية صانعها في كل شيء.
لن يذبل قلبًا يرى جمال من يصحبه في سفره في هذه الحياة في كل لحظة...
لن تموت روح تعلقت بالحب حتى أشرقت.....
ستبقى كزهرة اللوز وستزهر... في قلب آخر... مكان أخر.. بشكل جديد.
فلا تطفئي نور روحك في عينيكي حبيبتي وأشرقي... بكل ما وضعه الله فيكي من قوة قاومي حتى تزهري..
الكاتب
نجلاء اشرف
الإثنين ٢٤ أكتوبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا