ثقافة ” الفضفضة ”الإلكترونية
الأكثر مشاهدة
بقلم / مريم انيس
امتلئت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً بمئات الصفحات التي تناقش جميع الموضوعات المتعلقة بالموضة والعناية بالجمال و دليل لاماكن التنزه وكل ما تريد ان تسأل عنه . اما الظاهرة الغريبة التي بدأت ان تنتشر بكثرة هي " الفضفضة " او عرض المشاكل الشخصية والاسرية شديدة الخصوصية ونشرها علي الملء حتي يعرف الجميع سواء كان من يهمه الامر او لا ما بداخل البيوت والاسرار والظروف الخاصة لصاحب الفضفضة .
هل انتشرت هذه الظاهرة لازدحام الحياة ام لقلة الوقت والاهتمام الذي نعيره لاهلنا او أصدقائنا ؟ هل من الطبيعي ان يحكي شخص مشكله شخصية شديدة الخصوصية ويعرضها علي كل من "هب ودب "كما يقولون وينتظر حل مثالي لما يواجهه ؟ هل انتهت الحلول حتي يتعرض الشخص ان يعرض مشكلته بكل تفاصيلها حتي وان كان يخفي شخصيته الحقيقية وراء حساب او صفحة غير حقيقية وانه سوف يجد الحلول المناسبة اذا تناقش فيها مع الجميع ؟ هل سأل نفسه هل الجميع اهل خبرة وحنكة حتى ينتظر مشورتهم ؟ هل الجميع سيتفقوا علي حل موحد ؟ هل الجميع ينصحونه بما يتفق مع مصلحته ؟ والاغرب ان معظم من ينشرون مشاكلهم هم نساء وايضأ هم من يقدمن الحلول علي هذه الصفحات ؟ اذا نظرنا اليها من منطلق من يري مصيبة الاخرين تهن عليه مصيبته سوف نجد ان هذه هي الميزة الوحيدة لتلك الصفحات . اما اذا تكلمنا عن ما وصلنا اليه من فقدان الخصوصية و نشر تفاصيل حياتنا علي مسمع ومرأى كل من لا
دخل له بالإضافة الي كمية الآراء الخاطئة والمغلوطة التي يعطيها الناس لصاحب المشكلة
هناك صفحات ايَضاَ لتجمعات نسائية يسألون فيها عن كل ما يخص الاسرة والتربية والأطفال وهذا شيء جيد انما يصل الحال الي تصوير الأبناء ونشر الصور و كتابة بجانبها اريد ان انام ولا اتستطيع بسبب ابني او ابنتي نامت اخيرأ او ابني لديه اعراض مرض معينة او إصابة ما ... هل من نصيحة وانا في طريقي للمستشفي ؟. وكأن الانترنت اصبح بملتقي للأطباء والخبراء والاستشاريين .
تداخلت مفاهيم كثيرة في حياتنا , اصبحنا عندما نشعر بالعطش نكتب علي صفحات التواصل بما نشعر , اصبحنا نرى علي تلك المواقع ما يخصنا وما لا يخصنا , أصبحت حياتنا مملة حتي ننشرها علي الانترنت فنصبح سعداء بالاعجابات والتعليقات . أصبحت المشاكل بكل عمقها وتعقيدها هي مجرد سؤال يطرح علي الجميع مثل " كيف اتعامل مع زوجي واهل زوجي ؟ كيف اتعامل مع الجيران ؟ كيف اتصرف مع ابني العنيد ؟ ماذا افعل مع صديقتي ...... ؟
نحن امام تغير كبير في ثقافة مجتمعنا , فالسوشيال ميديا جعلت منا كائنات غير مبالاية وسطحية و منعدمي الخصوصية . ثقافة " الفضفضة " شيء جديد بدأ يظهر وينتشر بقوة وهو يدمر حياتنا و يفتح أبواب كثيرة للقيل والقال والتردد والاقرار والاستسهال ؟
ويبقى السؤال لك عزيزتي ... يا من تريد المشورة وتنشرين مشكلتك علي صفحات التواصل الاجتماعي وتعطي لفرصة لكل عابر سبيل ان ينصحك : هل تثقين في تلك الحلول ؟ هل من ينصحونك اهل ثقة وخبرة ومتخصصيين ؟ هل هم ذووي ثقافة وروئ في الحياة ؟
نصحيتي لك عزيزتي عندما تواجهيم موقف او مشكلة في حياتك لا تركضي لكتابتها علي صفحات التواصل ، فكر اولاَ في اهل المشورة والخبرة ومن يهمه امرك حتي وان كنت في عجلة من امرك و تحتاجين النصيحة بأسرع وقت . تفاصيل حياتنا لا تخص الجميع وليست هي مادة للنشر والتسلية و القيل والقال .
الكاتب
مريم أنيس
الإثنين ٢٨ أغسطس ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا