”أوراقي- حياتي”..قصة نوال السعداوي على درب الحرية
الأكثر مشاهدة
"لحظات سقطت فى العدم، القلم بين أصابعى والصفحة تحت يدى بيضاء يتحرك القلم دون أن يكتب شيئا ترمقنى الصفحة البيضاء بسخرية، كأنما لم أكتب فى حياتى سطرا تبدو اللغة غريبة كلماتها مبنية للمجهول حروفها مقدسة تخاطب المرأة بصيغة المذكر،كل شئ مذكر فى اللغة حتى الإله والشيطان والموت"، ثارت الكاتبة "نوال السعداوي" في أكثر من 300 صفحة بقلمها في كتاب "أوراقي- حياتي" ضد كل ما هو سلطوي سواء من قبل الأسرة بالمفهوم الضيق، والمجتمع بالمفهوم الواسع.
تستفز "السعدواي" من خلال كلماتها القارىء فتحوله متمرداً على المفروض،ثائراً على الواقع، معارضا لها في بعض أراؤها، ولكنها تجعل المؤيد والمعارض يدخل في طور التفكير. يعرض الكتاب جوانب من السيرة الذاتية للكاتبة والأديبة "نوال السعداوي"، وتركز الكاتبة على المناهضة التي حدثت لها بسبب قلمها فألقت الضوء على السجن الذي تعرضت له في 6 سبتمبر 1981م، في فترة الرئيس الراحل "محمد أنور السادات"، كما تعرضت للنفي نتيجة لآرائها ومؤلفاتها.
وانتقلت إلى القضايا التي رفعت ضدها من قبل إسلاميين مثل قضية "الحسبة" للتفريق بينها وبين زوجها، وتم توجيه تهمة "ازدراء الأديان"، كما وضع اسمها على ما وصفت بـ"قائمة الموت للجماعات الإسلامية" حيث هددت بالموت.
ولم تنفصل السيرة الذاتية للسعدواي عن سرد الأحداث التاريخية من مجرى الأحداث، التي مرت بها مصر في العهد الملكي، وقبل قيام الثورة وبعدها، وعن الصراعات الحزبية التي كانت تدور داخل أروقة الجامعات، وانضمامها للتطوع خلال فترة العدوان الثلاثي على مصر.
وانتقلت بتمردها إلى شرح تجارب زواجها الثلاث، فزوجها الأول كان "أحمد حلمي" زميل دراستها في الكلية، لم يستمر الزواج لفترة طويلة فإنتهى بعدها بعامين، تزوجت مرة ثانية من رجل قانون ولم يستمر هذا الزواج أيضاً، وزوجها الثالث هو "شريف حتاته"، والد ابنها، كان ماركسي الفكر تم سجنه، واستمرت معه 43 عاماً.
وفي الجزء الثاني من الكتاب، سلطت الضوء على قرارها مغادرة مصر، بعد أن تلقت عدة رسائل تهديد بقتلها، ورغبتها في تدوين سيرتها الذاتية، على أساس أن الكاتب تزداد حياته قيمة بالاقتراب من الموت، وأن لا شيء يقهر الموت مثل الكتابة، كما سردت خلال سيرتها علاقتها بالعديد من الأدباء مثل الأديب " يوسف أدريس"، والكاتبة النسوية "لطيفة الزيات"، و"أحمد بهاء الدين".
وتمردت على الأيمان المطلق ووصفته بالأعمي ، قالت: " فى العشرين من عمرى نسيت الأسئلة الطفولية كلها، انشغلت بالدراسة فى كلية الطب والنجاح فى الامتحانات آخر العام، قبل الامتحان بأيام قليلة أواظب على الصلاة، لم أكن أرى أمى تصلى إلا وقت الأزمات، أسمع الشيخ فى الراديو يقول النساء ناقصات عقل ودين، بدأت أتشبه بأبى، أواظب على الصلاة فى غير أوقات الامتحان، بلغ بى الإيمان ذروته عام 1952، حين بلغت الواحد والعشرين من العمر، أصبحت فى الأوراق الرسمية مواطنة بلغت سن الرشد، أحظى بحقوق الإنسان فيما عدا الحقوق التى منحها الله للرجال دون النساء، كان الدستور المصرى ينص على المساواة بين الناس أمام القانون، لكن شريعة الله تنص على أن الرجال أعلى درجة من النساء، كان التناقض واضحا بين الدستور والشريعة، لم أكن أرى هذا التناقض وأنا فى الواحد والعشرين من عمرى، الإيمان المطلق الأعمى يجعلنى كأنما عمياء لا أرى التناقضات الواضحة للعيان".
وتلخص "السعداوي" سيرتها بهذه الكلمات "هذه الأوراق هي حياتي، هي حلم طفولتي وشبابي، هذه الذكريات أحبها رغم الألم، استحضرها أثبتها في خيالي، فهي قصتي مع الحب حين كنت في العشرين من العمر، أي حب يمكن أن يكون أكثر عمقاً من هذا الحب؟ تعاسته كانت نوعاً من النشوة، استغراب الألم يكشف عن آلام جديدة لا يعرفها إلا القديسون والعشاق".
آراء القراء:
"البعض يبحث عن الحرية، البعض الآخر يصنعها،ونوال السعداوي ببساطة، من النوع الذي أحدث ثقبـًا في منطاد الجمود" لخص أحد القراء الكتاب في هذه الكلمات، بينما وجدتها قارئة آخري أن الكتاب بمثابة أداة ثورية على الذات، وقالت أن "السعداوى" تكتب ما يفكر فيه القراء ولا يقدرون على البوح به.
وأثنت قارئة آخري على الكتاب وقالت: "يالهذه المرأة التي كنت أتوجس منها لي عليها العديد من الخطوط الحمرا و لكن بعد أوراق حياتي أصبحت كثيرا أعشقها كثيرا أفهمها كثيرا".
الكاتب
سمر حسن
الإثنين ٠٣ أكتوبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا