”نساء الانتفاضة”.. نائلة عايش اعتقلت وفقدت جنينها بسبب التعذيب
الأكثر مشاهدة
"أكثر من ألف شهيد، و90 ألف جريح، و15 ألف معتقل، تدمير ونسف ما يقرب من 1228 منزلا، واقتلاع 140 ألف شجرة" حصيلة الشعلة التي انطلقت من "جباليا" بغزة لتزحف نحو أرجاء قرى ومدن فلسطين المحتلة، معلنة عن "انتفاضة الحجارة"، الانتفاضة الفلسطينية الأولى، التي بدأت في ديسمبر 1987، واستمرت توابعها حتى توقيع اتفاقية أوسلو بين الجانب الإسرائيلي ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.
شهدت الانتفاضة بسالة الشعب الفلسطيني بداية من أطفاله وحتى شيوخه، متسلحين جميعا بالحجارة في مواجهة الرصاص والدبابات، كما تجلى دور المرأة الفلسطينية "أخت الرجال" التي دعمت وناضلت وضحت بسنوات عمرها في المعتقلات والسجون دفاعا عن الحق في الحرية والكرامة، ورفض الإهانة، وفي هذه السلسلة نستعرض مسيرة أبرز نساء الانتفاضة الأولى تكريما لهن، وإجلالا لدورهن
نائلة عايش
واحدة منهن، هي نائلة عايش، التي تجرعت آلام الفراق، وذاقت مرارة البعد، ولكنها كانت صلبة قوية في مواجهة عدو غاشم، مؤمنة بقضية بلدها، ومناصرة لحقوق المرأة.
ولدت نائلة في قرية لفتا غرب القدس عام 1961، وعاشت في رام الله، ثم أتت لها الفرصة للدراسة بالخارج، ففور اجتيازها للمرحلة الثانوية، حصلت على منحة لدراسة العلوم في بلغاريا، وبعد إتمامها عادت إلى رام الله، حيث تزوجت من القيادي البارز جمال زقوت، وانتقلوا معا إلى غزة.
عانت نائلة من غياب زوجها كثيرا، فكان أحد مؤسسي القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة، مما تسبب في عدم رؤيته لابنهما فور ولادته، فكان يقضي أيامه محجوزا في السجون أو مستبعدا عن أهله، حين اشتعلت الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، التي تعرضت قبلها نائلة للاعتقال والاحتجاز ، حين كانت حامل في شهرها الثالث، وبسبب التعذيب فقدت جنينها وتعرضت للإجهاض، مما أثار حفيظة منظمات المجتمع المدني الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وضغطت على السلطات لإطلاق سراح نائلة، وهو ما حدث بعد 36 يوما من الاعتقال.
تجرع آلام الإجهاض، وفقدان الولد الأول لم يفقدا نائلة إيمانها وثباتها، فبعد احتجاز زوجها ثم استبعاده، وولادتها لابنها مجد في غيابه ظلت على العهد مناضلة ضمن نساء كثيرات في الانتفاضة الفلسطينية الأولى، التي اشتعلت مطالبة بالكرامة والحرية والحق في الحياة الآدمية، فكانت ممن علمن النساء كيف يحافظن على قوت يومهن، ويواجهن قرارات سلطة الإحتلال بالتجاهل.
ساعدت نائلة نساء فلسطين على بناء نظام اقتصادي مُكتفي اقتصاديا، من خلال زرع الخضروات والفاكهة في الحدائق التابعة لمنازلهن، ليوفرن الطعام للجميع، وتستمر الانتفاضة حتى تحقيق المطالب، دون خوف من قرارات الجاني المحتل، الذي كان يعتبر زراعة الخضروات منزليا أمر غير قانوني، مما أظهرهن أقوياء على استعداد لمواجهة استبداده بشجاعة.
ساهمت في تنظيم النساء وقادتهن في سنوات الانتفاضة العسيرة، مما جعل السلطات تحتجزها بصحبة ابنها "مجد" الذي لم يتخطى عمره الستة أشهر عام 1988، ويقضيا معا خمسة أشهر ، ليخرج "مجد" ووالدته بعد إتمامه العام، حين اشتهر كأصغر معتقل في السجون.
لم يتوقف نال نائلة مع هدوء وتيرة "انتفاضة الحجارة"، ولكنها قررت أن تكون المرأة قضيته، وأن تسعى نحو نيل حقوقها فعلى مدى عشرين عاما تولت مركز شئون المرأة في غزة، ليكون واحد من أكثر المنظمات النسوية نجاحا، واشتركت نائلة في عدة مؤتمرات عالمية.
عام 2007، استحقت نائلة التكريم على مشوارها النضالي من أجل حرية المرأة وتمكينها، فنالت الجائزة الرئاسة الإيطالية كامرأة العام 2007، وبعدها بسنوات حصلت على الجائزة الدولية "المرأة والسلام" من المركز الوطني الإيطالي عام 2013، ودائما ما كانت ترى نائلة أن التكريم لا يخصها وحدها، وإنما يخص المرأة الفلسطينية، ويعتبر انتصارا لنضالها واعترافا بحقها وحق الفلسطينين.
الكاتب
هدير حسن
الأربعاء ٠٧ ديسمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا