”نساء الانتفاضة”.. زهيرة كمال وزيرة المرأة وراعية السلام
الأكثر مشاهدة
"أكثر من ألف شهيد، و90 ألف جريح، و15 ألف معتقل، تدمير ونسف ما يقرب من 1228 منزلا، واقتلاع 140 ألف شجرة" حصيلة الشعلة التي انطلقت من "جباليا" بغزة لتزحف نحو أرجاء قرى ومدن فلسطين المحتلة، معلنة عن "انتفاضة الحجارة"، الانتفاضة الفلسطينية الأولى، التي بدأت في ديسمبر 1987، واستمرت توابعها حتى توقيع اتفاقية أوسلو بين الجانب الإسرائيلي ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.
شهدت الانتفاضة بسالة الشعب الفلسطيني بداية من أطفاله وحتى شيوخه، متسلحين جميعا بالحجارة في مواجهة الرصاص والدبابات، كما تجلى دور المرأة الفلسطينية "أخت الرجال" التي دعمت وناضلت وضحت بسنوات عمرها في المعتقلات والسجون دفاعا عن الحق في الحرية والكرامة، ورفض الإهانة، وفي هذه السلسلة نستعرض مسيرة أبرز نساء الانتفاضة الأولى تكريما لهن، وإجلالا لدورهن.
زهير كمال
أيام "انتفاضة الحجارة" تولت زهيرة كمال مسئولية تنظيم جهود الفلسطينين، وقامت بقيادة الجبهة الديمقراطية مع بداية الانتفاضة وحتى عام 1990، حين كانت عضو فاعل وبارز في اللجنة القيادية للفريق الفلسطيني لمفاوضات السلام 1990- 1993.
ولأن التاريخ يكتبه الرجال، كما تقول زهيرة، فمن الوارد أن يغفل دور النساء في صنع تاريخ النضال الفلسطيني. ولدت زهيرة كمال عام 1945 بالقدس، درست العلوم الطبيعية والفيزياء بجامعة عين شمس في القاهرة، وحصلت على البكالوريوس عام 1968، ثم حصلت على دبلوم في التربية من الجامعة الأردنية عام 1978، وعملت كمدرسة للفيزياء في كلية العلوم والتربية برام الله لمدة 22 عاما، كما اجتازت دبلوم في تعليم معلمي العلوم من جامعة ليستر ببريطانيا، وخضعت لعدد من الدورات التدريبية في مجالات التخطيط والإدارة والنوع الاجتماعي والتنمية.
بعيدا عن المجال الأكاديمي والعلمي، بدأت زهيرة نشاطها السياسي مع الانضام لحركة القوميين العرب عام 1960، وقتها لم يكن عمرها تجاوز الـ 15، واستكملت نشاطها بالحركة مع الدخول للجامعة، وبعد نكسة 1967 انضمت زهيرة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي أصبحت الجبهة الديمقراطية فيما بعد، وتم اعتقالها إداريا عام 1979، كما فرضت عليها الإقامة الجبرية مع بداية عام 1980 وحتى 1987، ومع بداية الانتفاضة الفلسسطينية الأولى، أسست حركة "فدا" الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني.
السلام كان الهدف الذي سعت زهيرة إلى تحقيقه طوال مشوارها النضالي والسياسي، فمشاركتها ضمن مفاوضات السلام التي استمرت 3 سنوات، كان تطمح من خلالها أن يعم السلم بين الشعب الفلسطيني، فكانت عضو مؤسس للجنة التوجيهية للهيئة الدولية للنساء من أجل سلام عادل ودائم بين الفلسطينين والإسرائيليين، كما شاركت في لقاءات الحوار مع مجموعات السلام الفلسطينية الإسرائيلية
مساهمة زهيرة في مجالات تمكين المرأة ونيلها لحقوقها لها معالمها الواضحة، فعام 1996 تم تعيينها كمدير عام لإدارة تخطيط وتطوير مشاركة المرأة، كما تولت إدارة برنامج تنمية المرأة في البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة خلال الفترة 1993 إلى 1995، إلى أن تم إنشاء وزارة شئون المرأة، وكانت زهيرة أول وزير لها في الفترة من 2003 إلى 2006.
وبخلاف المناصب الإدارية والحكومية، أسست وساهمت في إنشاء عدد من المنظمات النسوية، مثل: لجان العمل النسائي الفلسطيني، طاقم شئون المرأة، مركز الدراسات النسوية، مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، مركز القدس للنساء، جمعية صاحبات الأعمال، كما تتولى إدارة مركز المرأة الفلسطينية للأبحاث والتوثيق (أحد مشروعات اليونيسكو بفلسطين) منذ عام 2006، تعتبر زهيرة أول سيدة فلسطينية وعربية تتولى الأمانة العامة لحزب سياسي، ففي عام 2011 تولت الأمانة العامة لحزب الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا".
تهتم زهيرة بتمكين المرأة الفلسطينية ومناقشة القضايا التي تشغلها وتثيرها في لقاءاتها الإعلامية والعلمية، وترفض الصورة النمطية للمرأة التي تُظهرها كتابع للرجل، وعملت من خلال المناصب التي تولتها على تعزيز مشاركة المرأة في صنع السياسات واتخاذ القرارات دون تهميش لدورها، كما نشرت العديد من الكتابات والمقالات حول المرأة والمواطنة وتعزيز الآليات الخاصة بالنهوض بالمرأة في ظل الصراع والاجتياح الإسرائيلي.
نالت زهيرة عدد من الجوائز التقديرية على مدى مشوارها النضالي، منها: وسام مواطنة الشرف من إيطاليا، وجائزة الحرية وحقوق الإنسان من سويسرا، وكانت من ضمن ثماني نساء تم ترشيحهن لنيل جائزة نوبل للسلام.
الكاتب
هدير حسن
الثلاثاء ١٣ ديسمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا