أروى الصليحي.. أول ملكة في الإسلام حكمت اليمن لـ 50 عاما
الأكثر مشاهدة
في التاريخ الإسلامي نماذج عدة لسيدات ساهمن في إدارة شئون البلاد، كانت لديهن القدرة على الحكم والإتيان بأمور السلطة، نافيات الصورة التي ترسخت في الأذهان عن المرأة المسلمة غير المرئية، التي تتوارى في البيوت، وتتحدث إلى الآخرين من وراء حجاب.
ولدت أروى بنت أحمد الصليحي عاو 1048 ميلاديا في منطقة حزار باليمن، توفي والدها وهي في سن صغيرة، وقام بتربيتها عمها علي بن محمد الصليحي، مؤسس الدولة الصليحية، التابعة للفاطميين بمصر، الذين كانوا يولوا اهتماما كبيرا بالتعليم وخاصة للفتيات.
فور انتقالها إلى منزل عمها، بدأت تتلقى العلوم والمعارف والمشاركة في الحكم أيضا على يد زوجته أسماء بنت شهاب، فكانت تستقي منها كيفية التعامل مع السلطة وتدبير أمور الدولة، فأسماء نفسها كانت تشارك زوجها علي الحكم وكان اسمها يُذكر في الخطب وتحضر مجالس شئون الدولة مكشوفة الوجه.
عندما وصلت السابعة من عمرها، تزوجت من ابن عمها المكرم، وكانت إدارة ولاية عدن مهرها كعروس،، وتولت أمورها بجدية، وقامت بتعيين الحكام والإشراف على جمع الضرائب، حتى حدث ما بدل طبيعة حياتها،عندما قُتل علي الصليحي وتم أسر زوجته أسماء من قبل بنو نجاح بن زبيد، وهما في طريقهما للحج عام 1066.
استعد المكرم للقتال دفاعا عن والدته، وذهب ليحررها وبصحبته 3 آلاف من المحاربين، ولكنه أصيب بالشلل (لذي كان يعرف بالفالج حينها) فور رؤيته لوالدته أسماء، ورغم ذلك تمكن من تحريرها وعاد بها إلى اليمن، فتولت أسماء بنت شهاب الحكم حتى وفاتها عام 1074 ميلاديا.
تولت أروى مقاليد الحكم بعد وفاة أسماء، فسلمها غياه المكرم واعتزل الحياة الاجتماعية، وقتها، كانت الملكة أروى لم تتخط السادسة والعشرين من عمرها، وأضحت المسئولة عن تولى أمور الدولة الصليحية، فاضطرت إلى حضور الجلسات والتشاور في أمور الدولة مع الوزراء وهي تخفي وجهها، خاصة، لما تتمتع به من جمال وشباب، ففضلت تلك الطريقة احتراما لمرض زوجها.
أدارت الملكة أروى، التي كان يلقبها اليمنيون بـ "بلقيس الصغرى" و"السيدة الحرة"، ببراعة، فقامت ببناء المساجد، وكان أحدهم يحمل اسمها في مدينة جبلة، كما اهتمت بالدراسات الثقافية وأسست المراكز التعليمية، وحرصت على بناء مستشفى للسيدات يتعلمن فيها رعاية وتنظيم الأسرة، ونشطت في عهدها التجارة والزراعة.
بعد وفاة زوجها عام 1084، منحها الخليفة الفاطمي بمصر، المستنصر، حجة اليمن، و"الحجة" هي أعلى المناصب الدينية لدي مذهب الشيعة الإسماعيلية، كما كانت تشرف على الدعوة في عُمان والهند. كانت تملك أروى من الأولاد أربعة هما علي ومحمد وفاطمة وأم همدان، وبعد وفاة الزوج بوقت قصير توفي ابنها الأكبر ليتبعه بشهور قليلة أخوه الأصغر، مما يعني أنها أصبحت امرأة وحيدة تمتلك زمام الحكم بمفردها.
أمرها المستنصر أن تتزوج من سابا بن أحمد، ابن عم زوجها، ورغم رفضها في البداية إلا أنها اضطرت للموافقة حتى لا تُنزع منها السلطة، واستمر زواجهما حتى وفاة سابا عام 1102، وظلت من بعدها الملكة أروى تحكم منفردة حتى وفاتها عام 1138، ووصلت سنوات توليها للبلاد إلى أكثر من نصف قرن، لم تفقد فيهم يوما حب الشعب اليمني وتقديره واحترامه.
وتم دفنها في المسجد الذي حمل اسمها بمدينة جبلة، وأصبح قبرها مزارا إلى يومنا هذا، وتفككت وانهارت الدولة الصليحية بعد وفاتها، ولذلك ظلت ذكراها الطيبة عالقة في الأذهان، وتحمل اسمها جامعة يمنية عريقة.
الكاتب
هدير حسن
الخميس ١٥ يونيو ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا