”هبة عادل” محامية برتبة إنسانة..جلسات الحكي سلاحها للدفاع عن المرأة
الأكثر مشاهدة
مكتب مُشبع بالكتب، جدرانه تختفي من فرط الشهادات المعلقة أعلاه، تجلس أمامه امرأة في العقد الثالث من عمرها، منهمكة في العمل بين أوراق القضايا التي لا حصر لعددها، وعلى بعد 15 دقيقة من وسط المدينة، تقضي المحامية "هبة عادل" في مقر مبادراتها جل وقتها، للمطالبة بحقوق المحاميات، من أجل تمكينهن للدفاع عن القضايا التي تعاني منها المرأة المصرية.
ولدت مُؤسسة مبادرة المحاميات المصريات "هبة عادل" في محافظة القاهرة، وساعدها ترتيبها الأول وسط إخوانها في تحمل المسئولية منذ نعومة أظافرها، فهي الأخت الكبرى لثلاثة شقيقات وولد وحيد "أهلي كانوا متفهمين جدا، وأنا كنت مميزة في البيت، مفيش فرق بيني بين أخويا الوحيد"، نظرًا لمفهوم المساواة السائد في الأسرة ساعدها على المطالبة بالحقوق والتصدي للقضايا منذ مراحل تعليمها الأولى "أبويا بيعتبر رجل مغامر" لما منحه لها وشقيقاتها من الحرية بداية من اختيار الطريق التعليمي مرورًا باختيار الملبس والاختلاط مع الزملاء.
لم يأتي التحاقها بمهنة المحاماة من باب الصدفة، بل وضعته نصب أعينها منذ الصغر تلبية لرغبة والدها في المقام الأول، ورغبتها الخاصة في المقام الثاني، فتخرجت من كلية الحقوق جامعة عين شمس 2001، وسرعان ما التحقت بمكتب محاماة لمزاولة المهنة بعيدًا عن الكتب والمحاضرات "من الأول كان عندي إدراك للمحاماة الحقيقية"، منتقدة النظام التعليمي في مصر"إحنا متعلمناش حاجة في الكلية".
بدأت "هبة" الصراع وسط مناخ ذكوري، ومجتمع لا يرحب بالمحاميات "اللي بيروح لمحامية ويثق فيها لأما أسرة مغامرة أو هناك علاقات ثقة سابقة"، لم تستلم لتلك التحديات بل عافرت وسط معوقات عدة حتى وصلت إلى شبكة علاقات جيدة، وأصبحت تترافع في قضايا ثقيلة، ورجعت بالذاكرة إلى الخلف خلال حديثها مع "احكي" مستحضرة ثناء القاضي لمرافعاتها في إحدى القضايا.
انتقلت بالحديث إلى وضع المحاميات في مصر، مُلقية باللوم على بعض"المحاميات بيتعاملوا مع المحاماة كأنها ترانزيت"، مشيرة إلى المحاميات اللواتي يتخذن المهنة كوسيلة لتحقيق هدف الزواج فقط، مما يسبب أضرار كثيرة منها نقص رواتب المحاميات مقارنة بالمحامين، إلى جانب نوعية المهام الإدارية التي تسند لهن ليس لها علاقة بالمحاماة.
في سياق الحديث عن معالجة الوضع المهني للسيدات طالبت مؤسسة المبادرة إلى حل القضية من جذورها، من أجل الوصول إلى الأسباب لطرح الحلول المناسبة، وعندما وجدت وضع المحاميات يسوء أكثر، دشنت بالشراكة مع 25 محامية مبادرة المحاميات المصريات 2013، ثم فُتح باب الأنضمام لكل من لديه رغبة.
تسعى المبادرة لتحقيق عدة أهداف منها تعزيز المشاركة المجتمعية، وتمكين النساء من تولى مواقع اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تعديل التشريعات الغير منصفة للنساء، ومن أهم القضايا التي ساهمت فيها المباردة، كانت من ضمن الموقعين على بيان حول تعديل نصوص قانون الطفل والتي كانت تهدف إلى وقف تجريم ختان الإناث، بالإضافة إلى تيسير وضع النساء في التعامل مع بنك ناصر "كان فيه مشاكل بتواجه السيدات اللي بتصرف النفقات من بنك ناصر."
إلى جانب ذلك نوهت "هبة" إلى دور هام تقوم به المبادرة، وهو العمل على تدريب المحاميات، وتدريب النساء في المحليات لتمكينهن من الخوض في الانتخابات، وخاصة أن المبادرة أطلقت علم عام 2018 "عام محاميات يصنعن القرار" من أجل تعزيز دور المرأة النقابي، ذاكرة أن أخر امرأة دخلت مجلس النقابة كان عام 1992.
وعن نية ترشحها، امتنعت بشدة عن الترشح لأي منصب داخل النقابة، بينما تسعى في المراحل القادمة إلى تدريب 200 محامية في محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية ، ومثلهما على مستوى خمس محافظات أخرى من أجل التأهل لانتخابات النقابة 2019.
في سياق الحديث عن قضايا المرأة وجدت أن الدولة لابد أن تتدخل في تحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين، فيما يتعلق بالفرص الوظيفية المتاحة، ضاربة المثل بمواد الدستور التي تعزز ذلك في حين أنه لا يطبق على أرض الواقع مستشهدة بقضية منع تعيين الفتيات قاضيات في مجلس الدولة حتى الآن، مندهشة من أن تخرج المشكلة من قضاء مجلس الدولة الذي وصفته بالقضاء المنشأ و المشرع "البرلمان بياخد رأيه في تشريع القوانين.
"المشرع لما بييجي يصيغ القانون بيصنع حلم يكون مكتوب في ورق"، بنبرة صوت مخلوطة بألم التجارب التي تقص عليها، استعرضت المحامية مجموعة من القضايا التي تعمل عليها مثل قضايا العنف الأسري والنفقة " كل أما اشتغل على قضية أقول ديه أقسى قضية ييجي اللي بعدها تكون أكتر ألما بكتير"، تعمل هبة دائما بالفصل بين ما تسمعه وبين العمل "فيه قصص كتير بتأثر بيها بس مهنيا بفصل، إزاي أخد من فضفضتها الحاجات اللي تخليني أوصل لنقطة إيجابية في قضيتها".
لافتة إلى الصعوبات التي تقابل النساء عندما يقررن اللجوء إلى القضاء منتقدة وتيرة العدالة في مصر وعدم تهيئة المحاكم للسيدات، كتكلفة الوصول وحماية النساء داخل أروقة الحاكم من التحرش والمضايقات "تكلفة المحاكم ساعات بيكون أصعب من العنف الواقع عليها"، مطالبة بالقضاء الناجز "رايحة المحكمة يعني معاكي سلاحين الفلوس والوقت".
وعن سؤالها المتعلق بالقوانين المتعلقة بالمرأة في مصر انتقدت بشدة قانون الأحوال الشخصية الحالي "لازم القانون دا يتنسف من بابه ويطلع قانون جديد" بمفهوم حماية ورعاية الأسرة.
"أنا راضية بكل اللي وصلتله، واللي حلمت بيه بيتحقق قدامي"، رجعت مؤسسة مبادرة المحاميات إلى الخلف وبابتسامة تملأ الوجه، عبرت عن رضائها التام عن مسيرتها في عمل المحاماة التي مر عليها 15 عامًا، متمنية قسط من الراحة نتيجة الضغوطات التي تتعرض إليها بشكل يومي.
الكاتب
سمر حسن
الأحد ٠٣ ديسمبر ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا