مارجريت تاتشر كيميائية أصبحت أول رئيسة وزراء في بريطانيا
الأكثر مشاهدة
"لا أعتقد أنه ستكون هناك امرأة رئيسة للوزراء في حياتي" هذا ما صرحت به مارجريت تاتشر عام 1973 أي قبل ست سنوات من أن تصبح أول سيدة تتولى رئاسة الوزراء في بريطانيا، والأكثر بقاء في هذا المنصب خلال المائة عام الأخيرة في المملكة المتحدة.
في 13 يوليو عام 2016، تولت تيريزا ماي رئاسة وزراء بريطانيا كثاني سيدة تتولى المنصب بعد مارجريت تاتشر، ليفصل بينهما 26 عاما، منذ كانت تاتشر تتولى المنصب لمدة 11 عام، لتسطر ابنة البقال تاريخا من القوة التي غيرت بها شكل بريطانيا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
في عالم السياسة وصناع القرار، لا يوجد صواب وخطأ، ولا يمكن أن تجد صاحب منصب اتفق عليه الجميع، ومارجريت تاتشر واحدة من هؤلاء الذين اتفق معهم البريطانيون بقدر ما اختلفوا معهم، ولكنها حازت على احترام وإعجاب الجميع بقدرتها كأول سيدة تتولى منصب رئاسة الوزراء في بريطانيا وأوروبا، وتملك الثقة والقوة على أدائه بنجاح، رغم ما واجهته من اعتراضات.
اقرئي أيضا: مروة السلحدار أول قبطانة في مصر والوطن العربي
من هي المرأة الحديدة
لأسرة متوسطة الحال، ولدت مارجريت هيلدا روبرتس في مدينة جرانثام في 13 أكتوبر عام 1925، فوالدها يعمل بالبقالة، كما يهتم بالسياسة، فكان عضوا في الأنشطة السياسية المحلية بمدينته، مما أورثها اهتماما بالعمل السياسي والشئون العامة لاحقها ما تبقى من حياتها.
كانت مارجريت طالبة متفوقة ونشيطة، استطاعت أن تحصل على منحة دراسية لدراسة الكيمياء في كلية سمرفيل بجامعة أوكسفورد البريطانية عام 1943، وبعد التخرج من الكلية بمرتبة الشرف عام 1947، أتى ترتيبها في المركز الثاني على مستوى الطلاب المتخرجين، ثم عملت لما يقرب من أربع سنوات في القطاع الكيميائي، درست بعدهم القانون وامتهنت المحاماة.
انخرطت تاتشر، المعروفة أيضا بـ "ابنة البقال"، في السياسية منذ سنوات الدراسة، فالتحقت بجمعية المحافظين في جامعة أوكسفورد، ثم انضمت إلى انتخابات حزب المحافظين كأصغر عضوة شابة في الفترة من 1950 إلى 1951، حتى تعرفت على زوجها دينيس تاتشر، الذي حملت لقبه بعد الزواج، وأنجبت من طفلين توأم هما مارك وكارول في عام 1953.
رغم أنها تفرغت قليلا للزواج والإنجاب، استطاعت تاتشر أن تحصل على دعم زوجها لممارسة نشاطاتها السياسية، فتم انتخابها كعضوة في البرلمان (مجلس العموم البريطاني) عام 1959، وكانت لها مساهماتها في وقف استخدام الكرباج كوسيلة للعقاب، ووجود قوى بين الأعضاء أهلها لتكون رئيسة حزب المحافظين عام 1975.
وتولت أولى مناصبها الوزارية كوزيرة للتعليم والعلوم في مجلس الوزراء، وأثناء توليها للمنصب عام 1973 رأت أنها لا تعتقد أنه يمكنها أن ترى سيدة تتولى رئاسة وزراء بريطانيا، لتتغير نظرتها خلال ست سنوات، أصبحت تاتشر فيهم وزيرة للبيئة والإسكان، وواجهت الاتحاد السوفيتي في واحدة من خطاباتها عام 1976، وانتقد السياسات والنظام الشيوعي، فلقبتها أحد الصحف الروسية بـ "المرأة الحديدة".
جاء اللقب الذي لازمها طيلة حياتها من أكثر الناس عداوة لها، ولكنها رأت فيه مثالا لقوتها وقدرتها على التأثير، حتى جاء اليوم التاريخي 4 مايو 1979، بتولي مارجريت تاتشر رئاسة وزراء بريطانية، كأول سيدة في هذا المنصب، لتصبح ممثلة لحزب المحافظين خلفا لجيمس كالاهان زعيم حزب العمال وقتها.
حملت تاتشر أفكارا جديدة للاقتصاد البريطاني للحيلولة دون انهياره، فكانت داعمة للاقتصاد الرأسمالي الحر، ورافضة للأنظمة الشيوعية، مما جعلها تواجه كثير من الاعتراضات، التي وصلت إلى اعتبار سياساتها سبب في تراجع الصناعات التحويلية في بريطانيا وارتفاع نسب البطالة.
تعرفي على: نادية مراد العراقية الفائزة بجائزة نوبل للسلام
مكثت تاتشر في السلطة لما يصل إلى 11 عاما، واجهت خلالها كثير من الانقتادات والاعتراضات، كما حازت على ثقة المؤيدين، ورغم ما كان يعانيه الاقتصاد البريطاني من عثرات، كان تاتشر تفكر في حماية السيادة البريطانية، فلم ترضخ لقيام الأرجنتين عام 1982 بالاستيلاء على جزر الفوكلاند، الواقعة على بعد 480 كم من الأراضي الأرجنتينية، واعتبرات أن وجود العلم البريطاني على هذه الجزر كافي للحرب من أجلها، فخاضتها وانتصرت، واشتهرت مقولتها "في السياسة عندما تحتاج إلى الكلام اسأل الرجال، وعندما تحتاج إلى الأفعال عليك بالنساء".
بعد الانتصار، حازت المرأة الحديدة على شعبية واسعة، مكنتها من تولي رئاسة وزراء بريطانيا للمرة الثانية في عام 1983، تغلبت بعدها على إضرابات العمال، وخاصة عمال المناجم، وتعرضت في 1984 إلى محاولة اغتيال بعد هجوم الجيش الجمهوري الإيرلندي على مؤتمر لحزب المحافظين، ولكنها نجت منها واعتبرته يوما يجب أن تنساه.
مع إعلانها لسياستها لإدارة الضرائب المحلية، قام أقرب الحلفاء بالتخلي عنها، كما فعل جيفري هاو باستقالته من منصب مساعد رئيس الوزراء، علمت مارجريت تاتشر أنها في طريقها للخسارة والهزيمة التي لا تقبلها، ولذلك قررت أن تقدم استقالتها في 28 نوفمبر 1990.
اقرئي أيضا: معلومات عن منال عوض ميخائيل محافظ دمياط
لم تر تاتشر في الاستقالة هزيمة، ولم تتوار بعدها عن الأنظار، ولكنها استطاعت أن تظل محتفظة بصورتها القوية لدى الجميع، فظهرت في المقابلات التلفزيونية تتحدث في أمور السياسة والاقتصاد، معتبرة أن قرارها بالانسحاب جاء من أجل الحفاظ على وحدة حزب المحافظين، وإعطاء الفرصة إلى أعضاء آخرين من الحكومة.
حازت تاتشر من العائلة المالكة البريطانية على لقب "البارونة" عام 1992، وأصبحت بهذا اللقب عضوة في مجلس اللوردات، كما تم منحها وسام الحرية الرئاسي عام 1997 من الرئيس الأمريكي رونالد ريجان، الذي كان يعد صديقا مقربا لها، كما نالت لقب الفروسية عام 1995، وهو أعلى لقب في المملكة المتحدة، إلى جانب مجموعة أخرى من النياشين التي أشادت بدورها السياسي في تاريخ بريطانيا والعالم.
لم تكن الراحة سبيل تاتشر، فسعت بعد ابتعادها عن العمل السياسي إلى كتابة مذكراتها في مجلدين "سنوات داوننج ستريت" عام 1993، و"الطريق إلى السلطة" عام 1995، كما تولت في الفترة من 1993 إلى 2000 جامعة وليام وماري في الولايات المتحدة الأمريكية، كما شغلت منصب عميد جامعة بكنجهام في المملكة المتحدة، ولكنها تقاعدت عن المنصب عام 1998.
تم تنصيب تمثال من البروتز للبارونة مارجريت تاتشر، امرأة بريطانيا الحديدية، في مجلس العموم البريطاني، كأول شخص في هذا المنصب يحصل على هذا التقدير، وتم رفع الستار عنه في فبراير 2007، بعد أن انتهى الفنان أنطوني دوفورت من تصميمه، ويقع أمام تمثال ونستون تشرشل، ويُظهر تاتشر واقفة بذراع ممدودة كما لو كانت تخاطب أعضاء البرلمان.
توفي زوجها الذي كان يكبرها بعشرة أعوام، وكان أكبر داعم لها عام 2003، ومع كبر العمر، وإصابتها بعدد من السكتات الدماغية، فضلت تاتشر أن تبتعد عن الأنظار، كما فضلت ابنتها الصحفية والكاتبة كارول تاتشر، فإصابتها بمرض ألزهايمر لم تجعلها قادرة على التواصل والتذكر، وكان آخر ظهور لها في العلن عام 2007.
وفي صباح يوم 8 أبريل 2013، توفيت مارجريت تاتشر عن عمر ناهز الـ 87، وحظيت جنازتها الملكية بحضور ما يقرب من 2300 من الشخصيات العامة حول العالم، فشهدت مراسم دفنها حضور رئيس دولة و11 رئيس وزراء و17 وزير خارجية، وأُقيمت في كنيسة القديس بولس بلندن.
اقرئي أيضا:
أشهر الحركات النسوية على مر التاريخ
معلومات عن رئيسة كرواتيا كوليندا كيتاروفيتش
الكاتب
هدير حسن
الخميس ١٨ أكتوبر ٢٠١٨
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا