باية محي الدين فنانة الفطرة والسذاجة التي أسرت باريس
الأكثر مشاهدة
لم يكن لأحد أن يتخيل أن طفلة صغيرة تلعب في الطين لتصنع منه أشكالا تسلي بها وقتها، يمكنها أن تصبح واحدة من أشهر الفنانين التشكيلين على مستوى العالم، فالصدفة استطاعت أن تكون بطلة قصة باية محي الدين فنانة الجزائر التي طُبعت أعمالها على طوابع البريد.
في بلدية برج الكيفان بالدار البيضاء في الجزائر، ولدت فاطمة حداد يوم 12 ديسمبر 1931، عندما بلغت الخامسة من عمرها، كانت قد أصبحت يتيمة الأبوين، فنشأت في كنف جدتها، التي كانت تعمل في الفلاحة لدى فرنسيين، وكانت فاطمة تساعدها، ثم انتقلت لتعمل في بيت إحدى السيدات الفرنسيات.
في البيت الجديد، الذي كانت تعمل فيه فاطمة على مساعدة السيدة مارجريت في الأعمال المنزلية، بدأ اهتمامها بالفن، فكانت تقوم باستغلال خيالها الوايع، وتقوم بتشكيل التماثيل الصغيرة للحيوانات والأشخاص من الطين، وعندما لاحظت مارجريت موهبتها، منحتها فرشاة وألوان وأقلام حتى ترسم وتُبدع كما تشاء.
أنتجت عدد من الرسومات والأعمال، التي عرضتها مارجريت على صديقها النحات الفرنسي جون بيريساك، الذي شعر أن موهبة هذه الطفلة، التي لم تكن قد تعدت الثالثة عشر من عمرها، لا يجب لها أن تظل حبيسة، فعرض ما تنتجه هذه الفتاة الجزائرية البسيطة على إيمي ماجيت، تاجر الأعمال الفنية الفرنسي والمؤلف ومدير مؤسسة "مايجت" للفنون".
تم عرض أعمال فاطمة حداد على الجمهور الفرنسي من خلال إيمي مايجت، وذلك عام 1947، ونشرت مجلة Vogue صورة لها، وكانت في السادسة عشر من عمرها، وبدات تحظى بشهرة واسعة في فرنسا وباريس، واهتم كثيرون بالفن الذي تقدمه فاطمة، التي أصبح اسمها "باية".
تعرفي على: بشرى حبالي مغربية نشأت في بلجيكا وتساعد الفنانين العرب
الفن الساذج
لقب "باية" تم منحه لفاطمة كنوع من الريادة والنبوغ، فرسوماتها تم وصفها بالفطرية والسذاجة، وكانت سباقة في التعبير عن نفسها بهذا النوع من الفن، وهو "الفن الفطري أو البدائي أو الساذج"، وهو الذي يشير إلى الأعمال الفنية التي قدمها صاحبها بعد أن قام بتعليم نفسه، قهي رسومات ذاتية التعلم، بها الكثير من البساطة والاسترسال.
في فرنسا، استطاعت باية أن تحظى بشهرة واسعة، وبدأت أعمالها تُحدث الكثير من الجدل والنقاش، وتم عمل أول معرض لها بمؤسسة "مايجت" في باريس، وتلقت كثير من الدعم والاهتمام، فهي موهبة كبيرة في سن صغيرة، واستطاعت أن تحصل على فرصة التعلم على يد الفنان الإسباني العالمي بابلو بيكاسو في ورشته بفرنسا، فتعلمت على يديه الكثير، وإلى جانب الرسم أنتجت تحفا فنية من الفخار أيضا.
اقرئي أيضا: مي وحميد.. الخزف والألوان بأيدي زوجين آمنا بالفن
أعمال باية، التي تركت موطنها في سن صغيرة، كان اغلبها متأثرا بالطبيعة الريفية التي نشأت بها، فكانت ترسم الزهور والأشجار، وشاركت بأعمالها في عدة معارض جماعية في الجزائر وأوروبا واليابان، وبعد أن عادت باية إلى الجزائر، تزوجت من الملحن والموسيقار محفوظ محيي الدين، الذي كان يكبرها بـ 30 عاما، وصارت تذيل أعمالها باسم "باية محيي الدين".
بسبب الظروف السياسية التي مرت بها الجزائر، وأيام الثورة التحريرية، جمدت باية نشاطها الفني لما يقرب العشر سنوات، وفي عام 1963، أصرت مديرة المتحف الجزائري على شراء أعمال باية محيي الدين، وألحت عليها في العودة للرسم وتقديم أعمالها الفنية على الجمهور، فعادت باية وظلت ممسكة بفرشاتها والألوان ححتى رحلت في 9 نوفمبر 1998 في مدينة البليدة بالجزائر.
الذكرى الـ 87 لميلاد باية محي الدين
في ذكرى ميلادها الـ 87، احتفل محرك البحث جوجل بالفنانة التشكيلية الجزائرية باية محيي الدين، التي تعتبر من أوائل الفنانات العربيات والرائدة في الفن الفطري، والتي ما زال متحف لوزان بسويسرا يحتفظ بكثير من أعمالها، وطبعت الجزائر لوحاتها على طوابع البريد، وتمكنت أن تصنع تاريخا فنيا فرلايدا، رغم أنها لم تلتحق بالمدارس ولم تحسن القراءة والكتابة.
اقرئي أيضا:
ساندرا نشأت مخرجة أبعدتها السياسة تهدي الأوسكار لعائلتها
الكاتب
هدير حسن
الخميس ٠٧ فبراير ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا