”أم هبة” تحكي : أمان الست تعليمها و قرشها !
الأكثر مشاهدة
الوقت ظهرًا، نور الوما عانته خلالها، تعرف بإسم "أم هبة"، تقول عنها جارة لها "أطيب من الطيبة والزمن لا يأتي الا على الطيبات"، وهى أم لأربعة أبناء، إحداهم متزوجة. منذ أربع سنوات اكتشفت مرض زوجها عامل البناء بمرض الكبد، ما أقعده عن شمس ساطعًا، مسال على جدران بيتًا متجردًا من أثاثه، وما تبقى منه تخفيه حجرات البيت الداخلية، تقودنا إلي حجرة داخلية بداخلها تلفزيونًا قديمًا وكنبًا بسيطًا كصاحبته ذات الوجه الخمري المتجعد بفعل سنوات عمرها، العمل،وجعلها تعيش في صراع مع الظروف لتوفير العلاج واحتياجات المريض، وكذلك تلبية متطلبات الحياة لها و لأولادها.
"أم هبة" سيدة مصرية، تعاندها الظروف، وتكافحها هى بإصرار لتوفير حياة أسهل لآبناءها، فبعد أن زوجت الأولى، وانهى الثانى تعليمه، ليعمل سواق "توكتوك"، تبقى أمامها فتاة وصبي، تريدهم أن يكملوا تعليمهم، تعويضًا على ما حرمت منه في صغرها، فترى التعليم كمنقذ لفلذات كبدها من ظلامات المجهول، وبالتعليم ستشرق الحياة لهم، فربما حياتهم اختلفت بالشهادة التي لم تتحصلها، ولديها إيمان راسخ بضرورة التعليم، فترى لو كانت متعلمة كانت حياتها ستكون أسهل، فيسهل عليها سبل العمل، بل ترى أن حال النساء جميعًا سيكون أفضل لو كن متعلمات ويعملن، ففي حالة مرض أزواجهن، يستطعن الإنفاق.
لم تفرغ حكاية "أم هبة"، لكن حكاية أخري تأتيني من الحجرة المجاورة للحجرة التي نجلس بها، صاحبتها فتاة سمراء، ممتلئة الخدين، مبتسمة الوجه، تلف وجهها بإشارب متداخل الألوان "مشجر"، الابنة الثانية الطالبة بـ مدرسة "السلا التجارية" ، هى صاحبة الحكاية الثانية، تتشابه الابنة والأم كلاهما تعاند الأيام أحلامهن، فـ "هنوات"، كانت تريد أن تصبح ظابطة كما رأت ظابطات في المترو منذ صغرها، لتتحول أحلامها في اتجاه مختلف وهو أن تكون مضيفة طيران، لكن تقف أمامها عقبة الواقع الساخر من بساطة خيالنا الجامح نحو السماء، لتدخل ثانوية تجارية، لا تستسلم لكنها تبدل حلمًا بحلم، لكن كما يقول المثل "رضينا بالهم و الهم مش راضي بينا"، ففي أول أيام امتحان العملي تمنع هى وبعض زميلاتها، اللاتي لم تمكنهن الظروف من دفع مصاريف الدراسة، من الامتحان العملي،، وعندما احتججن على منعهن من دخول الإمتحان، كان رده " مكنتوش دخلتوها من الأول".
دفعت كلمات المدير ب"هنوات" للعودة للمنزل باكية، وتشتكي لأمها، التي واستها بكلماتها "حتى لو مسحت السلالم هعلمك"، وتحاول "أم هبة" استدانة نصف المصاريف حتى تستطيع استكمال الامتحان، رغم أن هنوات استكملت بقية الأمتحانات، واتضح أن ما فعله المدير كان "كارت ترهيب" لها ولزميلاتها، ومايزالن مطالبات بالمصاريف.
لم تتزحزح هنوات عن أحلامها ورأيها بل تري "إننا لازم نهتم بالتعليم، ممكن في بنات لا تهتم بالتعليم كثيرًا، لكن التعليم حتى لو لم يوفر لنا عمل، فأهم حاجة وجود شهادة، أحسن من الجهل النهائي".
ما تزال لـ هنوات أحلامها، فتريد إستكمال دراستها حتى الجامعة، وترى أمانها في أن يكون لها مالها الخاص، وليس في زوج يعيلها
الكاتب
نيرة حشمت
الجمعة ٢٢ يناير ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا