دماء ”أنثوية” منسية من جمعة الغضب
الأكثر مشاهدة
على شاشات التليفزيون المصري، ظهر كوبري قصر النيل خاليًا، الحياة تسير برتابتها العادية، لا مظاهرات لا تظاهر، تجلس أمام الصورة تلاحظ أشياء، الصورة تعاد وتتكرر، بنفس أشكال
السحاب الصافي، ليست حقيقة.
"انقطعت وسائل الاتصال، لم يعد هناك شبكة محمول تعمل، أو إمكانية الدخول على شبكة الإنترنت، انعزل الشعب عن بعضه .. فكان الحل المتبقى النزول"
انتهت صلاة الجمعة، وخرجت المسيرات الغاضبة صوب التحرير، وعند كوبري قصر النيل، تغير مشهد الهدوء المترقب الذي ساد قبل الصلاة، حل مشهد دمويًا سيتكرر كثيرًا بعد ذلك، لكن سيبقي ليوم جمعة الغضب صدارة المشهد، انهال الرصاص والقنابل المسيلة للدموع. كلما حاولوا التفرقة، زاد الالتحام، يحاولون تقليل العدد، فجاء المدد من كل صوب.
منظر لن يُنسي تساقط القنابل المسيلة للدموع كأمطار غازية تغرق المتظاهرين، وتقدم مدرعة تسحق المتظاهرين..تساقط "الورد اللي فتح في جناين مصر"، وأسفر عن شهداء وشهيدات عدة.
ثلاث وردات "أميرة 23سنة، نسمة26 سنة، ليزا20 سنة"، جمع بينهن تقارب الأعمار، وفي آخر أيام أعمارهن، جمع بينهن الغضب ورفض الظلم، أو ربما الحلم والأمل، فشاركوا في مظاهرات الغضب ليقعوا ضحايا لـ "أبو دبورة وكاب"،في التحرير.
لم يكن "ميدان التحرير"، المقبرة الوحيدة التي هندسها رجال النظام آنذاك، بل امتدت لأماكن آخري، سقاها الظلم دماءًا طاهرة، قربانًا لسحر أسودًا "الحكم"، "السلطة"، "النفوذ".
على سطح أحد منازل "الزواية الحمراء"، وقفت مريم ذات ال16 عامًا، تصور الاشتباكات التى تحدث بين الأمن والمتظاهرين، فانطلقت رصاصة غادرة، نفذت لها أمنية أخيرة "حيث تمنت الموت شهيدة في أحداث كنيسة القديسين".
"حرام عليكو تقتلوا الشباب"، الكلمات الأخيرة لمهير 40عامًا، حين صرخت في أحد الظباط بمنطقة بولاق الدكرور، ولم يمهلها الرد دقائق، حتى صارت في عداد الشهداء، برصاصة اخترقت الكتف لتستقر في الكلي مرورًا بالقلب والرئة.
تعالى خطاب مبارك من التلفزيون، صاحبه صريخ طفلة في أحد بيوت حدائق القبة، فخرجت الأم "هبة" 27عامًا، إلي الشرفة لتأتي ببنطالًا نظيفًا لابنتها، فعاجلها القدر بطلقة، اردتها شهيدة.
تسير مع حفيدها تحسه للنزول، تقول "الشباب دول نازلين عشان الغلاء، وعشان مبارك مستولي على كل حاجة وعاوز يورث البلد لابنه"، الحفيد لم يتعدا ال14 عامًا، والجدة تخطو إلى العقد السابع من العمر، وقع هرج ومرج، انفصلت أيدي الجدة والحفيد، يبحث عنها، وهو يسمع صوت الصريخ من حوله، يصاحبه صوت عربة الأمن، تدهس في المتظاهرين، يرفع رأسه يجد شهيدًا جديدًا وقع، يدقق نظره، يجدها جدته "زكية"، استشهدت تحت عجلات عربة الأمن المركزي.
وفي الإسكندرية، عاصمة مصر قديمًا، خرجت الاحتجاجات والمسيرات الرافضة للنظام، وعلى نهج العاصمة الحالية، تساقط الرصاص، والقنابل المسيلة للدموع حاصدة للأرواح، فلحقت "صابرين" و"هدى" بركاب الشهيدات.
الكاتب
نيرة حشمت
الثلاثاء ٢٦ يناير ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا