غادة تحكي: لم أتوقع أن يعيد السرطان ثقتي بأنوثتي..وأن أصبح ملهمة!
الأكثر مشاهدة
كانت الحياة تسير برتابتها المعتادة بالنسبة لي، فوقتي مقسم بين حياتي العملية في حضانة معروفة، وبين حياتي الاجتماعية "بيتي وأولادي وأهلي" وباهتمامات امرأة تخطت الأربعين، كان لدي شعور بالحاجة لتغيير لم أعرف من أين أبدئه، وفي صباح أحد الأيام تحادثني هاتفيا صديقة لترتيب لقاء بيننا، وتخبرني بعزمها الذهاب لكشف الماموجرام، وبدأت استفسر منها عنه لاكتشف أنه تشخيص الغرض منه التأكد من عدم إصابتها بسرطان الثدي، وأنهيت المكالمة متمنية لها الخير، ولم أهتم حينها بالذهاب معها.
لم أكن أعلم أني على موعد مع التغيير، فقررت خلع الحجاب لعدم شعوري بالارتياح به وخانتني ثقتي بأنوثتي، وبعدها بفترة قصيرة علمت بإصابتي بسرطان الثدي، فربط البعض بينها وبين خلعي للحجاب لكني لم استسلم لخذلانهم، وبدأت مرحلة العلاج الكيميائي، وسقط شعري كله، لكن هناك شيئا ما تغير داخلي، لم أكن المستسلمة التي عرفتها قبل المرض، بل أصبحت محاربة من أجل وجودي، فلم أندب شعرًا تساقط، ولم أندب عمرًا أتوهمه ضائع، بل تعلمت الاستمتاع بالحياة وبكل ما تحضره، لم أخجل من صورتي بلا شعر، بل تعلمت أن أغير من شكلي، وتنوعت ملابسي، فأحيانا أضع "بُرنيطة"، وتارة أخرى "تربون"، ومرات عدة أشكال أخرى، تعلمت حيلاً جديدة في وضع المكياج، وأصبحت شخصًا آخر.
سافرت قبل ثلاثة أعوام لتكملة العلاج بالخارج، ولفت نظري كتاب موجه للأطفال على هيئة قصة مصورة، يوضح كيف يبلغ الطفل بإصابة والدته أو إحدى قريباته بالسرطان الثدي، كانت الفكرة بسيطة وجميلة وتملكتني رغبة لنقله إلى العربية بعد أن أبهرتني بساطة القصة التي تناولت خطابًا للأطفال حول كيفية تفهمهم للمرض، وردًا على أسئلة كثيرة قد تدور بداخلهم، فربما شعروا بالذنب لمرض الأم؟، كل ذلك حمسني أن أبحث عن مؤسسة أو منظمة تتبنى الفكرة، ووجدت ضالتي، بعد عناء، بمؤسسة تهتم وتوعي بمرض سرطان الثدي، وبدأت مرحلة جديدة في المرض.
الناس معادن والتجارب القاسية خاصة هي من تعرفنا حقيقة معادنا وتعلمنا المواجهة والصبر والتحمل وقد تخلق داخلنا إيماناً جديدًا بحب الحياة، هكذا غيرتني تجربة المرض، فكانت الرحلة التي لم أطلبها ولم أتمناها، لكنها كانت ينبوع القوة التي تجلت داخلي، بدأت كمتطوعة مع المؤسسة وهى التجربة التي أفادتني كثيرًا، فقدمت عروضًا تحدثت فيها عن تجربتي، وجدتني أساعد سيدات أخريات على تخطي خوفهن، وخجلهن من المرض، والحالة النفسية مهمة للمريضات لمحاربة مرضهن.
يسألني البعض ألن تنتهى قصتك مع المرض؟
لا أدري ماذا يدور في أذهان الناس عن المرض، لكن السرطان ليس كأي مرض، فهو يتعايش معنا حتى لو شفينا منه، فهو يظل كالشبح يخيم على حياتنا، فنحن نتعايش معه ولا نعيش به، ذلك ما شجعني لمخاطبة المجتمع والمريضات بشكل مبتكر، فتواصلت مع أحد مؤلفين الأغاني المعروفين، وأنتجنا أغنية بعنوان "لسه جميلة"، لتشجيع مريضات سرطان الثدي على تخطي مرضهن، وما يقال لبعضهن حول علاقة المرض وفقدان الأنوثة والحياة، فتقول لهن "انتي لسه جميلة لسه .. لسه عايشة .. لسه حاسة .. كل حاجة حلوة فيكي .. ولا فيكي حاجة ناقصة".
"الطريق مليان تحدي .. واللي كان في اليوم ده أسود .. بكرة ممكن يبقي وردي"
مستمرة في العلاج الهرموني، ومكملة في عملى مع المؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدي، هوعى ستات تانية، وهساعد أنهم يتخطوا الخوف والخجل ويواجهوا المرض، يحاربوه، وهكتب كتاب عن حياتي، عشان ستات تانية تعرف ومتكسفش
الكاتب
نيرة حشمت
الخميس ٠٤ فبراير ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا