”السيدة الأولى” بمخيمات أبو زعبل
الأكثر مشاهدة
" ياللى بتسأل عن الحياة..خدها كده زي ما هيا..فيها ابتسامة وفيها آه..فيها قسيّة وحنيّة.." تواصل دندنتها بصوتٍ مُنغم هادىء وسط مخيمات يعمّها الهدوء، ويقتحم حصونها رائحة الطعام الشهيّ صباحًا لتتحول إلى سوق "فاكهة" بالمساء، " الدنيا بتلعب بينا ليه؟..إيه راح ناخد من دا إيه؟.."
الحكاية بتبدأ بضحكة مُجلجلة لتقول مُبتهجة وهى تواصل "الطبخ" لأصناف مختلفة من الطعام الشرقي، "الطبخ والأكل حياتي ..مكنش في بالي أبدًا اني هشتغل واصرف على عيالي من الطبخ، أنا أخري كنت بعمل أكلة حلوة تلمنا أنا والعيال وجوزي – الله ما يرجعه – بس لو كنت اتعلمت كنت خدت دبلوم زراعة واشتغلت بالطبخ بردو"
الاسم: "تفاحة" والسن: امرأة في منتصف الأربعينات و العنوان: المُخيمات!..أما عن الوظيفة: "طباخة"....
تفاحة؛ أو كما تُلقب بالمخيمات "السيدة الأولى"، امرأة في منتصف الأربعينات ..صامدة ..حنون، فلم يأتي لقبها من فراغ فهي أول من نُزح للمخيمات كما أنها من وضع قوانين وقواعد إدارة المُخيم ( أ )، "أنا جيت المخيم لقيت الست تفاحة فيه..ومع الوقت لقينا نفسنا كتير واتقسمنا لأكتر من مخيم، الدنيا كانت بهدلة في الأول، لكن تفاحة –حطّت- القوانين والأسس اللي ماشين بيها لحد دلوقتي.."
وتواصل "أنهار" وصفها للمُخيم: "وكمان معظمنا من غير اجوازنا ولو واحدة معاها جوزها بيكون شغال في سوق الخضار..فكل الستات- بتجري ورا لقمة عيشها – ومفيش وقت للطبخ والأكل، فبدأت تفاحة تطبخ لينا ولأهل السوق "
تجلس أمام "بوتجازها الكهربائي" مواصلةٍ لعملها وبجانبها ابنتيها ذي الخامسة والسابعة عشر تستعدان لعملهما بسوق الفاكهة مساءً، عيون خجول وضحكات مُتفرقة وللحظات حزينة، يستمعان إلى والدتهما عن منبع الحكاية، "أمي – الله يرحمها- كانت دايمًا تقولي (ضل راجل ولا ضل حيطة) فضلت مصدقاها لحد ما لبست أنا في الحيطة، أنا جيت المخيمات هنا بعد ما بيتنا في السيدة اتهد على دماغنا - ماهو كان بيت قديم ومن غير عمدان-قلت قدر الله وماشاء فعل، بس واضح إن قدري ماكنش في كدة بس.."
تصمت للحظات مُستجمعة لشتات ذكرياتها وتمسح عيناها الباكية، لتواصل "جوزي كان كهربائي وكنا عايشين أحسن عيشة، جينا المخيمات سابنا واتجوز واحدة شغالة في الحي وسافر المنوفية بيها، لكن أنا وعياله نلزمه في إيه.."
وبعد دقائق من الصمت الثقيل الخاطف للأنفاس تقول: "بس اقولك..أنا اللي غلطانة مش بيقولوا (ابنك على ما تربيه وجوزك على ما تعوديه ) اهو أنا بقى ولا عرفت أربي ولا أعود، جوزي رمانا وابني البكر هرب مننا وهو عنده 9 سنين..مستحملش وخاف من مسؤليتنا فهرب زي ابوه!"
الكاتب
حسناء محمد
الإثنين ١٤ مارس ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا