رحلت ”هى” وبقيت روحها الثائرة تهادينا طلقات الحرية
الأكثر مشاهدة
"دعيني أتقدم ليكون لمصر اليوم مس كافيل"
انطلق صوت هدى شعراوي عاليًا بهذه الكلمات في وجه الجندي الإنجليزي الذي وجه لصدرها بندقيته محاولًا منعها من التقدم، فخجل الجندي وتراجع عن فعلته، رغم أن القوات الإنجليزية استمرت في حصارها للمظاهرة النسائية المنطلقة من بيت الأمة - منزل"سعد زغلول"- حتى تحرك الموقف الخارجي بعد أن هاله موقف قوات الإحتلال من محاصرته لمظاهرة سلمية كان قد صرح بها، وفض الحصار بعد ذلك وانصرفن السيدات على أمل العودة لتنظيم مظاهرة أخرى وتقديم الاحتجاج على السلطة الغاشمة، كما تصفها "هي".
هدى شعراوي وتحرير المرأة
تقول "كم تنميت لو تصيبنى ضربة شمس يومها لتقع مسئوليتها على السلطة الغاشمة، لكن للأسف لم يحدث ذلك"، هكذا كانت هى المندفعة الثائرة التي مكنتها روحها المتمردة من خلق واقع أفضل لنساء أخريات سيأتين بعدها، يحفظن جميلها، وسيغدو اسمها "وصف" لكل من تمتلك روحها الثائرة، فكثيرا ما يقال "تظن نفسها هدى شعراوي"، نعم هى ابنة سلطان باشا المنتمية لمحافظة المنيا الصعيدية، وكـ ابنة باشا تلقت تعليمها في المنزل بقدر ما تسمح به العادات وقتها، لكنها أبت الخضوع لذلك واستغلت كل فرصة ممكنة لها لزيادة ثقافتها، تحكي " صرت أكره أنوثتي ونفسي لأنها حرمتني متعة التعليم، ولأنها تحول بيني وبين الحرية التي أعشقها".
تزوجت "هدى" في سن صغيرة من ابن عمتها "علي شعراوي باشا" وبذلك أخذت لقبه بعدها، وربما زواجها في هذا السن المبكر -حيث لم تتعدا الرابعة عشر- جعلها تكافح لوضع حد أدنى لسن الزواج والذي أقر بـ16 وعدل بعد ذلك لـ،18 وكان شعراوي باشا يكبرها بأربعين عام واشترطت عليه تطليق زوجته ، وعندما نما إليها أنه أعادها بعد طلاقها ثارت ثائرتها، وفارقته لسنوات حتى طلقها وعادت لزوجها وأنجبت منه "بثينة ومحمد".
عرف عنها اهتمامها بالمجال العام واشتراكها في أنشطة خيرية كثيرة، لكن عام 1919 شكل لديها انطلاقة مختلفة بعد أن قادت مع صفية زغلول وغيرهن من السيدات مظاهرات نسائية مطالبة بحق مصر في الإستقلال، وربما الإحتفاء الذي قوبلن به جعلها تتجه أكثر للعمل العام فأسست لجنة الوفد المركزية للسيدات، والتى انشق منها بعد ذلك الإتحاد النسائي المصري 1923، وطالبت بحقوق للمرأة المصرية كالتعليم والعمل والصحة وأخيرًا الحق السياسي، وأسست مجلة مصرية ناطقة بالفرنسية لتعريف العالم الخارجي بما تعانية المرأة المصرية "لاجيبسيان"، كما كانت عضوة مؤسسة في "الاتحاد النسائي العربي" وعضوة بالاتحاد النسائي العالمي.
في استقبالها لعودة سعد زغلول من المنفى، قابلته هدى وهى خالعة لحجاب وجهها وبذلك حررت المرأة من عبأ أخر هو الحجاب الذى سلب منها هويتها بحجبها بالكامل داخل جدران المنزل، وطالبت بإلغاء تعدد الزوجات، وإخضاع الطلاق أمام محكمة وبقرار محكمة.
رحلت هدى عن عالمنا في 1947، لكنها ما تزال باقية في أذهان البعض بأعمالها، وماتزال لها خصوم متجددة من حماة الرجعية الذين يرونها عدوتهم اللدودة، لكن كلما تذكر حقوق المرأة المصرية سيكون اسمها "لامعًا".
الكاتب
نيرة حشمت
الأربعاء ١٦ مارس ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا