بالأمومة..”منى” لونت الحياة الرمادية
الأكثر مشاهدة
سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ".. عندما تسقط الحدودُ نهائياً بينكِ وبين القصيدَة.. ويصبح النّومُ على وَرَقة الكتابَة.. ليسَ الأمرُ سَهْلاً كما تتصوَّرينْ.. خارجَ إيقاعاتِ الشِّعرْ.. ولا أن أدخلَ في حوارٍ مع جسدٍ لا أعرفُ أن أتهجَّاهْ..
بحبك...
يصارحها أخيرًا بحبه..كم اشتاقت "منى" لسماع تلك الأحرف من فمه، تعرّفت عليه في قلعة الثقافة – ساقية الصاوي- فكانت "منى" كغالبية جيلها من محبي –الساقية- وفعاليتها الثقافية المتنوعة، يلتقيان ..يتصادقا فيبدأ إعجابها يُنال من قلبها وعقلها، ترغب بمصارحته لكنها تخاف "معرفش هو بيبادلني نفس المشاعر ولا.."، تحتفظ بمشاعرها لنفسها كعادة الفتيات المصريات، ليأتي اليوم الموعود ويصارحها "هو"..
تطير بها الأرض فرحا، تبادله مشاعره..يتفقا على تتويج حبهما وعلاقتهما بالرباط المقدس، وها –هي- متزوجة منه لكن ماذا حدث للحب والعلاقة..فتجيبها "أم كلثوم" الحب كدة!
إنني لا أعاني من عُقْدَة المثقّفينْ.. لكنَّ طبيعتي ترفضُ الأجسادَ التي لا تتكلَّمُ بذكاءْ... والعيونَ التي لا تطرحُ الأسئلَهْ.. إن شَرْطَ الشّهوَة عندي، مرتبطٌ بشَرْط الشِّعْرْ.... فالمرأةُ قصيدةٌ أموتُ عندما أكتُبُها..
"كنت فاكرة إن الرجل مش شرط يكون شرقي صِرف وإن الثقافة بتفرق في خلفية الرجل وتعامله..لكن اكتشفت إن كل ده كلام فارغ، والرجل هو الرجل أي كانت خلفيته الثقافية والاجتماعية.."، تدرك "منى" إن الحب بينهما انتهى ومات إلى متى ستحتمل فتاة في أوائل العشرينات من عمرها عنف أسري لا نهاية أو مبرر له "أنا استحملت فترة ..لا مش فترة ..أنا استحملت كتير، وده كله عشان إيه عشان حب!..عشان طفلة ملهاش ذنب في حاجة، بس خلاص كفاية لازم أحافظ على كرامتي، وكرامة بنتي..أي كانت النتيجة.."
الحــب كـــدة وصــــــــال ودلال و رضا و خصــام...أهو من ده وده الحب كـدة مش عايزة كلام الحب كدة..
"الست لمّا قالت الحب كدة، قالت من ده وده..فيه خصام وفيه دلال، لكن إن الحب يبقى كله خصام وعنف، يبقى أخرته لازم تكون الطلاق .."، انفصلت الفتاة بإبنتها وبدأت تبحث عن حياة مُبهجة ومجنونة لأنثى وطفلة – حلوات- ، انتقلت لدى والدتها كطبيعة العادات المصرية وبدأت رحلة بحثها عن عمل كمُعلمة لغة..
"لقيت شغل وبدأت حياتي العملية اللي قصرت في حقها كتير، وكان عندي ديمًا إحساس اني اتأخرت ونقصني حاجات كتير، بس قدرت أعافر، وبدأت اتنقل بين اماكن بمستويات مُختلفة وتنوعت خبرتي من خلالهم وبقيت بشتغل في أكتر من مكان، عشان أستعيد ما مرّ من عمري وحياتي العملية، بجانب إني أوفر لبنتي الجميلة حياة مختلفة ..حياة بألوان كتير..حياة تستمتع فيها وبأدق تفاصيلها.."
تلعب مع ابنتها ..ويضحكا، لتواصل "أنا مش هقولك إن الموضوع سهل أو إن في حاجة سهلة عامة..لا أنا بواجه مشاكل كتير بسبب أفكار وعادات المجتمع وخاصة اني من حي شعبي، وفي الحي الشعبي المطلقة لازم تتجوز، يعني إيه مطلقة متهتمش بالزواج ويكون تركيزها على مستقبلها المهني ومستقبل بنتها..ويعني إيه مطلقة تكون ملتزمة باحتياجات بنتها المادية وبتسيب أبوها يشوفها وياخدها عنده اسبوعيا.."
وبضحكات ساخرة تقول:" بس أقولك أنا مبهتمش بكل الكلام والعادات الفارغة دي لسبب واحد بس؛ هو اني محتاجة بنتي تتربى على حب أبوها واحترامه وتكون مستمتعة بحب أبوها وأمها متبقاش واخدة حقها من حب وجانب واحد بس.."
تمكنت "منى" بصمودها وضحكتها من هزيمة الحياة –الرمادية- بعاداتها وتقاليدها، وبدأت في حياة موازية مختلفة تستمتع مع صديقتها –المقربة- رغم صِغر عُمرها؛ بكل تفاصيل الحياة..فالطفلة منها و"هي" أيضًا منها وإلى –حضنها- الطفولي الدافيء تعود...
الكاتب
حسناء محمد
الإثنين ٢١ مارس ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا