بالصور .. مي ”وسط الضلمة أنا عندي ضي”
الأكثر مشاهدة
"أبيك أوي يا ماما" يعني بحبك أوي يا ماما بس بلهجة "ضي"، الكلمة بترن في ودني يتبعها بوسة وحضن يمداني بالطاقة اللازمة لمتابعة خطواتي التي قررتها منذ سنوات بعد إستقلالي عن أسرتي في القاهرة والعمل بها، وحتى مقابلتي مع والد ضي لم تفتر همتي فزواجنا جاء بمحض اختيارنا وليس كما يحدده المجتمع، فكانت الشراكة والإشتراك سويا في تجهيز المنزل والصرف على حياتنا، لكن "ضي" جاء بعد شوقة وخناق بين تخوفه هو من المسئولية وأمنيتي أنا في طفل في تلك المرحلة من عمري، واتفقنا على الإنجاب وجاء اختيار اسم المولود وككل شيء اخترناه سويا، فاختارنا "ضي الله" من ديوان جلال الرومي الذي كنا نقرأه معًا.
تصوير:أحمد نبيل - آلاء عبد النبي
"وسط الضلمة أنا عندي ضي"
منذ ولادته وأنا وهو نبنى صداقة بيننا فلدي مبدأ في تربيته وهو أن علاقتنا لن تقوم على ملكية مطلقة له فأنا أرفض أن تكون حياتي محورها كلها حوله ما يجعلني أشعر بأنه مدين لي فيما بعد، لا ليست هذه حياتي أو حياة ضي، فلم تتوقف نشاطاتي كلها بعد ولادته، فأنا أنهيت رسالة الماجستير وأنا على سرير الولادة ولأن رسالتي كانت عن الأغاني الشعبية احتجت للنزول وعمل تسجيلات ميدانية اصطحبت "ضي" معى،كما سيشاركني نشاطات كتير بعد ذلك، فنحن نقسم الأسبوع ثلاث أيام لنشاط "ضي" وثلاث أيام لنشاط "مي".
التجارب الحياتية تضعنا دومًا بقسوة أمام واقع أقسى بوجوده، "إلى الآن لا أعرف كيف مرت عليا خمس أيام دون علمي أين هو "ضي" أو هل سأراه مرة أخري"، بعد أن استحالت الحياة بيني وبين والد "ضي" فظهرت اختلافات داخل كل واحد منا أبعدت بيننا واتفقنا على الإنفصال والطلاق وأردت الحفاظ على علاقة صداقة بينا لأجل ضي، لم أمنعه عن ضي لذا عندما ذهب لأخذ ضي من الحضانة قبل يوم المتفق علي للطلاق لم أخونه، كأب له حقوق أن يراه، حق أردت احترامه لكنه لم يحترم مني ذلك، فقد فوجئت برسالة منه أنه أخذ ضي ولن أراه مرة أخرى، دارت بي الدنيا وتملكتني كل الخيالات والأفكار الأليمة، سيكبر ضي ولن أراه، هل سيبحث عني هو عندما يكبر، هل سيجدني؟ هل سيعرفني وأعرفه؟ وبدأت رحلة البحث عنه طوال خمسة أيام لم ولن أنسى عذابهاولو بعد عشرين عامًا، وكيف تنقلت بين المحاكم والنيابات في الصباح وبين أقسام الشرطة، وبين معارفي ولقاء بلطجية، لم أترك باب الا واستجديت منه طاقة أمل في العثور عليه، القانون خذلني فلم يكن به ما يغطي حالتي ونصحني أحدهم "أكسري كنبة واعملي محضر تبديد عفش لملاحقته قانونيًا"، يبدو أن حرقة قلب أم أو أب على أولادهم ليست بأهمية الكنبة!
مشهد:
ضي ينزع عني نظارة العين، أخاله يلعب بها، لكن لمسة ندية على جفوني، ضي يقبلني في عيني.
كوني أم وحيدة مسئولية كبيرة، طول الوقت في زي قرين معاكي وحواليكي، ليس هناك تخطيط لأي شيء دون أن يشمله، والإستقرار المادي أصبح أساس حياتي فلم يعد لدي رفاهية الإختيار بين عمل أحبه وأرتاح فيه وعمل لا، فحتى عملي الذي أحبه ورغم مراعاته لظروفي وظروف "ضي" وبالإضافة إلى ظروف دراستي لكني مضطرة بجانبه العمل في أكثر من عمل كعمل حر أصبحت متطلباتي مادية، لأني مهتمة أن يكون على درجة جيدة بل و ممتازة من التعليم ، لن أترك له ورث لكني سأترك له شهادات تنفعه في حياته، ليست كل الأماكن متاح اصحطاب طفل بها فأنا منذ ما يقرب الثلاث سنوات لم أشاهد عرض باليه، وبالطبع هناك أنشطة وورش لا توافق المؤسسات المنظمة لها باصطحابي له، حتى رصيد أجازاتي أصبح ملكه.
كل اللي بحاول أزرعه فيه أنه يكون إنسان مؤمن بالعدالة والمساواة، ويقبل بالتنوع والإختلاف، وقتها سأشعر أن نجحت معه.
الكاتب
نيرة حشمت
الأربعاء ٢٣ مارس ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا