منى ” : مهنتي كعاملة منزل مش عيب ولا عار !”
الأكثر مشاهدة
في الثانية عشرة من عمرها حُرمت من التعليم " البنت ما تتعلمش البنت تتجوز" في مركز ديروط في محافظة أسيوط زُوجت منى من إبن عمها قسرا ، لم تكن تعي ما يُفعل بها تقول منى أنها تزوجته صغيرة في الوقت الذي كانت تتعلق فيه بالمدرسة و بإحراز درجات مرتفعة
لكن العائلة أخبرتها أن التعليم غير ضروري للبنت و لأنها سمعت من الشيخ أن طاعة الوالدين من رضى الله تركت مدرستي و تزوجت إبن عمي ،أذكر جيداً أني في أول أيام زواجي صرخت " ودوني لأمي " .. تذكر منى تفاصيل ظروف مجتمعية لا تمت للظروف الإجتماعية بصلة ، ظروف مجتمعية جعلتها البنت التي لا يصح في الأعراف الريفية أن تتعلم
أنجبت منى ستة أبناء ثلاثة فتيان و ثلاثة فتيات ، " جوزي بيشتغل أرزقي و الفلوس مش مكفية العيشة و التعليم و مش عايزة ولادي يتحرموا من التعليم ، الي عايز يتعلم هفضل أعلمه للآخر لحد ما يقول انا اكتفيت " ، منى التي عانت مرارة ترك المدرسة و زواجها قاصرة ما دفعها و زوجها للفقر ، لم تتوقف عند تلك النقطة من سوء الظروف المحيطة ، فقررت أن تتحرك و لا تقف حيث هي
في البداية قررت أن تفتح "كشك" بسيط يساعد في دخل المنزل فلم يسد ذلك الكشك أيضا احتياجاتها ، حينها قررت أن تعمل معاونة منزل " عاملة منزل " " و الشغل مش عيب " ، إثني عشرة عامًا و منى تعمل كعاملة منزل ، لم تخجل يومًا من تلك المهنة بل هي تعتز بها فهي المهنة التي يسرت لهم سبل العيش الضيقة وهي المهنة التي زوجت إبنها و بنتها و ذاتها المهنة هي التي تطعم و تعلم باقي الأبناء فكيف أخجل منها و كيف عساها تفعل و هي طوق النجاة الذي تتعلق به
قد تعاني منى العديد من المتاعب في مهنة عاملات المنازل ، و تتمحور جميعا حول فكرة عدم الآمان فهي تعمل لدى أناس لا تعرفهم تقضي اليوم بأكمله في منزلهم ، قد تعتاد عليهم مع الوقت و قد لا تراهم مرة أخرى
تلك المهنة لا تقبل مرضك و لا تقبل عجزك و لا هي تقبل ظروفك الطارئة ، هي لا تقبلك إلا قوية و سليمة لأن يومًا من مرضك يعني يومًا بلا عمل و يومًا بلا دخل و للبعض يومًا بلا طعام ، تقول منى أن سيدة إحدى المنازل و التي تعمل معها على مدار إثنا عشر عامًا حين تغيبت إسبوع لتزويج إبنتي الكبرى " غدرت بيا و جابت واحدة غيري " ، لا يهم كم من الوقت قضته منى في خدمة تلك السيدة المهم أن منى في النهاية في نظر تلك السيدة خادمة كمئات الخادمات يمكن الإتيان بأخرى في أي لحظة
ناهيك عن سوء المعاملة من البعض ، منى أيضًا تقول أن تلك المهنة أرتني من أنواع البشر العديد فمنهم من تعاملك كخادمة من منطلق الدونية لا يجوز لك الأكل معها و لا إستخدام حمام المنزل العمل فقط ما يحق لك فعله ، و البعض الآخر يعاملك كخادمة من منطلق معاونة لها في تنظيف المنزل ، و الغريب أن أخريات تعاملك بلطف إذا كانت وحدها و إذا كانت لديها زائرات تعاملك بتعالي بصفتك الخادمة
مهنتي أعتز بها و علمت أولادي أن يعتزوا بها ، أنا لا أخشى أن يعير أبنائي بي ، العمل الشريف لا يجلب العار ،ما يجلب العار هو أن يعيش أنبائي حرمان الفقر و أن يحرموا من التعليم لأن تكاليف التعليم لا يسدها دخل زوجي الذي يكتفي بعمله كأرزقي و لا يحاول أن يشق الأرض كما أفعل ليكون مستقبل أولادي أفضل و لا يكسرهم العوز
الكاتب
نورهان سمير
الخميس ٢٨ أبريل ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا