”أحلام” تزرع من أجل عودة أطفالها
الأكثر مشاهدة
"توتة توتة ولا تخلص الحدوتة"
خمرية اللون صبغت الشمس وجناتها بلون أسمر خمري، وتركت أثارها الحارقة على بشرتها، لأنها لا تخفي وجهها كأغلب زميلاتها في المزرعة بقطعة قماش على الوجه حماية له من الشمس طوال فترة العمل، ثم يخلعنه بعد ذلك، أحلام التي تخطت الثلاثينات بقليل، تذهب يومياً مع بنات وسيدات للعمل كعاملة زراعية باليومية في أحد المزارع توفيرًا للمال الذي تحتاجه لعودة أبنائها لها.
شوقها إليهم فقط ما يحفزها للعمل، ويجدد حماسها ويشحن إرادها للإستمرار في ذلك العمل المضني، الذي يستنفذ طاقتها يومًا عن يوم، لكنها تعود إليه آملة أن يكون سببًا في لم شملها بأبنائها قريبًا، فلم يكن عليها أن تتخطى أزمة طلاقها بعد خمسة عشر عامًا زواج فقط، والذي رزقت خلالها بثلاثة أبناء "بسمة .. شهد .. آدم" لكن أصبح عليها الآن الكفاح من أجل مصاريف المحامي الذي وعدها بعودة أبنائها الصغار إليها.
كانت أحلام قد أنهت شهادة الدبلوم حين جاءتها خالتها بعريس يكبرها ثلاث عشر عامًا، يعمل كموظف صغير، شعرت ناحيته بنفور ولم تقبل زواجها منه، لكبر السن ولأنه لم يكن يملك شهادة أيضًا، لكن أجبرت على الزواج منه بضغط من أبيها وجدها، بعد الزواج انتقلت لبيت زوجها وهو بيت عائلي يجمع الزوج وأشقاءه الرجال في بيت واحد لكل أسرة شقتها، لم تسعد أحلام خلال حياتها هناك فمنذ البداية وجدت الزوج قليل الحيلة ومنعدم الشخصية أمام شقيقه الذي كرهها منذ البداية كونها الشخص المسئول عن الأمور المالية للزوجين كونها المتعلمة وتستطيع مراجعة ما يحتاج من حسابات، وكثيرًا ما تواجهت مع شقيق الزوج، واكتفى زوجها بالا يتدخل ولو طالبته بالتدخل يقول لها "اتصلي بحد من عيلتك".
كانت الساعة قرب منتصف الليل حين دق الباب فزعت أحلام من نومها، بعد جهد العمل طوال اليوم حيث اعتادت العمل بعد زواجها في فلاحة الأرض سواء في أرض يملكها أهل الزوج أو غيرهم، وكان زوجها ذلك اليوم لديه وردية عمل بالليل، جاءها صوت ابن شقيق زوجها فلم تفتح له واستنجدت بزوجها، وانتهى الموقف لكنه أوغل صدر شقيق زوجها عليها، ما جعله يدبر مكيدة لها تحكي "جوزي راح الشغل ونزلت أجيب التموين وأنا ماشية قرب أرض زراعية على أولها أوضة مقفولة ظهر لي أخو جوزي وشدني وقعد يزعق ويقول لقيتها مع واحد" الصدمة شلت أحلام بينما تعارك أصحاب الأرض مع شقيق الزوج وأصر هو على استدعاء الزوج ومأذون قريب لهم وزوج خالة أحلام والذي شهد بما قاله شقيق الزوج، وأجبر شقيقه على طلاقها وأجبرها على التوقيع على أوراق لم تقرأها، وحرمها كذلك من أبنائها، ولم ترهم إلى الآن بعد مرور ما يقارب الشهرين.
عادت أحلام لبيت أبيها مصدومة مما حدث لها، قد تكون سعيدة بعد خلاصها من زوج رفضته منذ البداية لكن لا شيء يمحي ألم فقدان فلذات كبدها، ما تزال تبحث عن طرق تجمعها بهم، وذلك ما جعلها تحتمل ذل العمل، خاصة بعد أن اعترف لها زوج خالتها أن ما وقع كان مكيدة دبرت لها، ما جعل المحامي يطمئنها بسرعة عودة الأبناء لها.
الكاتب
نيرة حشمت
الإثنين ٠٩ مايو ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا