تحت أشجار العنب تنمو أحلامها
الأكثر مشاهدة
هناك على أطراف محافطة الجيزة قرية صغيرة وكأغلب القري الريفية القريبة من المدن تغلب عليها طبع الحياة الريفية لكن بمزج من حياة المدنية، فتكون النتيجة تجمع بين الحياتين، من هناك أتت "هي" تلك السمراء ذات الأربعة وعشرين عامًا، بعدما أنهت الدبلوم منذ أكثر من سبع سنوات أرادت إكمال تعليمها ودخول المعهد لكن الظروف أجبرتها على الخروج لسوق العمل، فقدمت أوراقها لجهات التعيين في شركة كهرباء حيث تخصصت في دراستها، ولن تلقى جواب على طلبها إلى الآن، فعملت كبائعة في أحد المحال الموجودة بقريتها، لكنها عادت وفضلت مساعدة والدتها في الفرن التي تملكه، والذي تنفق من خلاله عليها وعلى شقيقتها الأثنين بعد وفاة الأب منذ عدة سنين، لتعود وتجبرها الظروف على تجربة عمل آخر ولأن قريتها قرية ريفية قبل كل شيء لم تجد أمامها سوا الإشتغال بالزراعة كما تفعل أغلب بنات قريتها فبدأت العمل كعاملة زراعية.
أشعة النهار الأولي تنسج خيوطها على طول الطريق أمامها وكلما أجتازت العربة جزء من الطريق كلما زاد تألق شمس النهار الأولى، كانت تجلس في "صندوق" العربة تتمازح مع صديقاتها بقدر ما يسمح به بدايات الصباح المنعشة والتي تسبق نهار عمل طويل ستقضيه في العناية بمحصول العنب والذي اقترب وقت جمعه، تشرد لحظات متذكرة زوجها والذي كتب كتابهما قريبًا بعد فترة خطوبة طويلة سبقتها فترة تعارف وحب، والآن لم يبقى أمامها سوى القليل حتى تزف إليه، وذلك ما دفعها العودة مرة أخري للجبل والمزارع حيث العمل الشاق تحت لهيب الشمس الحارقة في الصيف أو تحت وطأة الهواء الشديد والأمطار في الشتاء، لكنها وقد أقترب موعد زفافها ما تزال تحتاج لبضعة أشياء تشتريها.
"مش عايز أي حباية عنب صغيرة"
جاءها صوت المهندس ليقطع عليها الإسترسال في أفكارها الخاصة، ولتبدأ عملها الذي ستقبض عليها في نهاية اليوم يوميتها، وهي تتمنى نهاية سريعة لليوم ولبقية الأيام التي تفصلها عن زفافها حيث لن ترى هذا الإرهاق والتعب بعد زواجها كما تظن، فزوجها يرفض عملها من الأساس في المزارع، لكنها تأمل أن تستطيع إكمال تعليمها بعد زواجها، وربما وببسمة أمل تكمل "أتوظف بعدها كمان" وعادت لإكمال عملها.
الكاتب
نيرة حشمت
الثلاثاء ١٠ مايو ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا