”يسرى المارديني” قادها قارب الموت إلى أوليمبياد البرازيل 2016
الأكثر مشاهدة
فتاة تبلغ من العمر ثمانية عشر، أخرجت الأمل من رحم المعاناة، وواجهت الحرب والدمار بسلاح التحدي، استمدت من ركام الحرب المحترقة حلمها، صارعت أمواج الموت، عندما غرق القارب المطاطي الذي كان يبحر بها وشقيقتها نحو أوروبا، فهي بطلة السباحة السورية (يسرى مارديني).
"نعمل الآن بكل جد من أجل التأهل ضمن فريق اللاجئين في الألعاب الأولمبية، اعتقد أن هذا هو حلمي لا أقول أن هذا هو اعتقادي منذ كان عمرى 12 عاماً حينما بدأت السباحة ولذلك نبذل قصارى جهدنا للتأهل"، وحولت يسرى هذا الاعتقاد والحلم إلى حقيقة باختيارها من ضمن الفريق اللاجئين الذي كشفت اللجنة الأولمبية الدولية، عن تشكيله للمشاركة في أولمبياد 2016 الصيفية التي تستضيفها مدينة (ريو دي جانيرو) البرازيلية في أغسطس المقبل.
كان الشتات هو بداية قصتها، فعندما بدأت الحرب السورية، تنقلت عائلة يسرى بين أكثر من منطقة، "دمر منزلنا، لم يعد لنا شيء نملكه، لم يكن بإمكاني أن أتدرب بسبب الحرب. أحياناً يكون هناك تدريب، فتجد أن المسبح تعرض للقصف، ويمكن أن تشاهد ثلاث أو أربع ثقب في السقف".
في نهاية صيف 2015، غادرت يسرى، برفقة شقيقتها الكبرى سارة، وهي سباحة أيضاً، العاصمة السورية دمشق، في اتجاه لبنان ثم تركيا، أملاً في الوصول إلى ألمانيا، دفعت الشقيقتان أموالاً للمهربين لنقلهما على متن قوارب إلى اليونان، لكن المحاولة الأولى باءت بالفشل.
ولم تعرف معنى العجز ، فكررت المحاولة، إلا أنه بعد أقل من نصف ساعة، بدأ الغرق يهدد القارب الصغير، وهددها شبح الموت، بسبب تدفق المياه إلى داخله واضعة حياة حوالي 20 شخصاً على المحك، تخلى اللاجئون عن حقائبهم أملاً في تخفيف الوزن، وتمكين القارب من الطفو بسهولة، لكن دون جدوى، ولم يكن أمام القادرين على السباحة سوى القفز في الماء، قفزت يسرى وسارة وثلاثة آخرون.
قضى السباحون الخمسة أكثر من ثلاث ساعات في مياه البحر، متمسكين بحبال متدلية من جوانب القارب، قبل أن يصلوا إلى شاطئ جزيرة ليسبوس اليونانية، نقطة عبور اللاجئين الأولى إلى الأراضي الأوروبية، واصلت يسرى، لأسابيع طويلة، وشقيقتها الرحلة براً ( اليونان، مقدونيا، صربيا، هنغاريا، النمسا، فألمانيا).
لم تنتهى الصعاب بل بدأت أمام تحقيق حلم يسرى، فقوانين اللجنة الأولمبية لا تعطي أي امتياز لمنتخب اللاجئين، فعلى جميع أعضائه أن يحققوا، مثل باقي الرياضيين المحترفين، المعدلات الدنيا التي تؤهلهم للمشاركة في مونديال2016.
ولكن هذا لا يختفى عن ذهن يسرى فبدأت رحلتها منذ عشر سنوات، وكللت تلك الرحلة بإحرازها لقب بطولة سوريا في مسابقات 200 و400 متر سباحة حرة وأيضا في سباق 100 و200 متر فراشة، وعلى الصعيد الدولي كانت "يسرى" حاضرة في دورة الألعاب الآسيوية في عام 2012، وشاركت في نفس العام في بطولة العالم للسباحة للمسافات القصيرة في تركيا.
خلال إقامتها في أحد مراكز اللجوء في برلين تعرفت "يسرى" على أحد نوادي السباحة، حيث حصلت على الدعم الكافي هناك وتكلفت إدارة النادي بتحمل رسوم اشتراك يسرى وأختها سارة، التي كانت أيضا بطلة للسباحة في سوريا.
"أن الإصرارهو ما قد يقودها إلى الفوز في الأولمبياد، على الرغم من أن هدفهما، عندما بدأنا التدريبات، كان الوصول إلى أولمبياد طوكيو 2020، الذي ما زال هدفنا على المدى الطويل"، بهذه الكلمات يوصف المدرب "سيفين سبانكيربس" حلم يسرى.
الكاتب
سمر حسن
الأحد ٢٤ يوليو ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا