”دايب”.. لاجئة صومالية تسعى أن تصبح رئيسة جمهورية
الأكثر مشاهدة
منذ 26 عامًا، وقعت الصومال في براثن حرب أهلية قررت على إثرها عائلة الفتاة الصومالية ذات الثمانية عشر عامًا "فادوما دايب"، التي تقطن مقديشيو، أن ترسلها إلى مكان آمن كلاجئة تنظرا لما تعانيه من فقر وسوء تعليم، وكانت الوجهة شمال أوروبا. لتصبح دايب، الآن، خبيرة في مجال الصحة العامة، وناشطة مدنية تتمنى أن تعود إلى موطنها الأصلي لتنهي الحرب والقتل والفسد وتقود الصومال نحو الازدهار والاستقرار.
تخطط دايب، التي تعيش في فنلندا منذ عام 1990، حيث درست التمريض للحالات الحرجة، وحصلت على تدريب متخصص في مجال الصحة من منظمة الأمم المتحدة، واستطاعت أن تحصل على الدكتوراة، إلى جانب دراستها للإدارة العامة بجامعة هارفارد، خوض انتخابات الرئاسة الصومالية المقرر عقدها في أكتوبر القادم، وهو القرار الذي تسبب في تعرضها لتهديدات تصل إلى الجهر بقتلها، الأمر الذي تعتبره "مجاملة"، ولكنها تؤكد أنها على جانب آخر تتلقى دعما واسعا.
ولدت في كينيا لأبوين صوماليين، وكانت والدتها قد سافرت إليها لتحصل على علاج طبي أفضل من مرض اقتحم عائلتها وقتل 11 شخصًا، وفي عام 1989 تعرضوا جميعا للطرد من كينيا، وفي أثناء محاولاتهم لاستعادة حياتهم في مقديشيو قامت الحرب الأهلية، تقول دايب "أنا آتيت من مجتمع يعتبر المرأة لا شئ، ولا يأخذها على محمل الجد" لذلك ترى أن الرجال خائفون من قدرتها على تحريض غيرها على التغيير.
دايب، الأم لأربعة أطفال، هي المرأة الوحيدة من بين 18 مرشحًا لمنصب رئيس الجمهورية، وتخوض هذه التجربة مدركة أن فرصها في النجاح منعدمة، وتقول "كل شخص كفؤ وقادر على المنافسة لن يُكتب له الفوز في هذه الانتخابات.. إذا لم تكن فاسدا فلن تكون جزءا من هذا النظام، وأنا لن أدفع سنتا واحدا لأي شخص، لذلك فلا توجد أي احتمالية لفوزي"
رغم ذلك بدأت حملتها الانتخابية تُحدث تأثير فعلي، فبدأ كثيرون يعلمون برغبتها في الترشح، وفتح خوضها الانتخابات نقاشا واسعا حول وضع المرأة الصومالية، وجعل الصوماليون أنفسهم، الذين يقدرون بأحد عشر مليون نسمة، يرون إمكانية وجود بديل آخر للنظام السياسي الحالي.
"في 2020 سنحصل على انتخابات ديمقراطية حقيقية، وعندها سننتصر" هكذا تعتقد دايب، فهي تعلم أن ترشحها سبب صدمة للصوماليين "يرون أنني أتيت من العدم، ولكني استطعت أن أتحدى كل من هم في السلطة.. وأصبح كل من في البلاد يعرفني".
وأبرز محاور برنامجها السياسي للترشح للانتخابات، منع الختان وتشويه الأعضاء التناسلية للفتيات، عدم التسامح مع الفساد، إجبار دول الجوار على احترام وحدة الصومال وحدودها الإقليمية، والحوار مع حركة الشباب الصومالية من أجل التخلي عن أسلحتهم والتوقف عن قتل الصوماليين وقطع علاقاتهم مع المنظمات الإرهابية كافة.
رغم معيشتها في فنلندا، كانت دايب تدرك أنها ستعود إلى بلدها يوما ما، فكانت تأخذ من الثقافة الفنلدية ما يناسب مجتمعها الأثلي ودينها، فهي مسلمة، ودمجت بينهما لتصنع شخصيتها المميزة.
تعاني الصومال من أوضاع اقتصادية وسياسية واجتماعية متدهورة، ويرى محللون أن عملية استقرارها ستحتاج وقتا طويلا وجهدا مضنيا نظرًا للتحديات التي تواجهها، مما يجعل الانتخابات خطوة على بداية هذا الطريق، في حين يشكك آخرون في قدرة هذه الخطوة على تخفيف حدة مشكلات الصومال.
وصفت تلك الانتخابات من قِبل الداعمين الدوليين، بمن فيهم الولايات المتحدة وبريطانيا، أنها أول انتخابات ديمقراطية تشهدها الصومال منذ عقود، لكن الواقع تشوبه عدة تعقيدات، خاصة وأن عملية التصويت قد تكون غير عملية لوجود معوقات أمنية ومؤسسية تتعلق بطبيعة الصومال، مما يعني أن الرئيس القادم سيتم اختياره من قِبل أعضاء جمعية وطنية منتخبة من 14 ألف مندوب من زعماء القبائل الصومالية.
الكاتب
هدير حسن
الخميس ٠٨ سبتمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا