مروة الصابوني.. مهندسة سورية اعتبرت العمارة سر الحياة والحرب أيضا
الأكثر مشاهدة
"نسيج مدننا ينعكس على نسيج أرواحنا" هذا ما تؤمن به المهندسة المعمارية السورية مروة الصابوني، التي تعيش في مدينة حمص منذ ولادتها وحتى منتصف عقدها الرابع، الآن، فلديها طفلان وعائلة تتمنى أن تعيش معها في استقرار.
ترى مروة أن الاستقرار والهوية والاندماج المجتمعي هما منتج ونتاج العمران الفعال، فبعد تدمير أكثر من 60% من أحياء حمص بالكامل، خلصت الصابوني إلى أن العمارة هي أحد أسباب نشوب الحرب في سوريا، بخلاف الأسباب الأخرى المتعلقة بالسياسة والاقتصاد والمجتمع.
بعد انهيار المدينة، انهار أيضا مكتب الهندسة المعمارية الذي كانت تعمل به الصابوني مع زوجها، مما جعلها تلجأ إلى العمل كمدرسة بدوام جزئي، وعمل زوجها على عدة وظائف أخرى مكنتهم في النهاية أن يقوموا بفتح مكتبة صغيرة في المدينة اسمها "مركز نور الشام للكتاب".
تعرض عدد من معالم حمص للتدمير الجزئي والكامل مثل مسجد "خالد بن الوليد"، وكنيسة "القديسة مريم"، وقلعة "الحصن" الصليبية التي تعتبر أحد مواقع التراث العالمي- حسب اليونيسكو- والتي ترغب مروة في القيام بإعادة بنائها مرة أخرى، فهي تتساءل دوما "ما الذي أدى إلى هذه الحرب التي لا معنى لها؟".
سوريا التي تعرفها الصابوني بلدا متسامح ويجمع مختلف المعتقدات والطوائف والأعراق دون تمييز، معبرة عن التعايش، الذي كانت تحكيه العمارة الإسلامية التي جاورت الحضارات المعمارية التي سبقتها، ولكنها أضحت منقسمة ويعاني أهلها العزلة قبل قرن مضى بعد تعمد الاحتلال الفرنسي إلى تفكيك الشعب السوري على أساس الطبقة والعقيدة والثراء، وتم إهمال وتدمير العنصر الجمالي، فأصبحت العمارة كما تحلل مروة "وسيلة للتمايز وحكرا على النخبة".
من ويلات الحرب، أيقنت مروة "أنه يمكننا التعلم كيف نعيد البناء مرة أخرى"، ولكنها تساءلت عن الآلية، فهل سيكون البناء كما كان عليه قبل الحرب قائم على التقسيم الطبقي والمجتمعي؟ أم سيعبر عن هوية المجتمع واختلاف معتقداته، ولهذا أصدرت كتابها "معركة من أجل الوطن: مذكرات مهندسة معمارية سورية" في أبريل 2016 باللغة الإنجليزية عن دار نشر "تايمز آند هودسن" البريطانية، الذي تضمن 32 مخطوطة رسمتهم الصابوني بنفسها لأهم معالم حمص، وخرائط للشوارع المدمرة، وخطط لإعادة بناء حي بابا عمرو بالمدينة.
تصميم حي بابا عمرو لمروة الصابوني
تعلم مروة أن الحرب ستنتهي ولكنها تتساءل عن العمارة والمباني المتهدمة "كيف سنعيد بناءها؟ وما هي المبادئ التي علينا أن نتبناها من أجل تجنب تكرار نفس الأخطاء؟"، ولهذا وضعت تخطيط جديد بالكامل لحي "بابا عمرو"، الذي تم تدميره بالكامل منذ عامين، يقوم على فكرة إنشاء نسيج حضري مستوحى من الأشجار، قادر على النمو والتمدد، وتقدمت الصابوني بهذا التصميم لمسابقة الأمم المتحدة للإسكان من أجل إعادة بنائه، وفازت بالجائزة الأولى عام 2014.
مروة ما زالت تعيش مع أسرتها في حمص، ولم تسع لهجرها والسفر، متمنية أن ترى العمارة تحقق التجانس بين أفراد المجتمع، وتخلق بينهم روح الانتماء بدلا من تضخيم الصراعات والاختلافات.
الكاتب
هدير حسن
الأربعاء ٢١ سبتمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا