كيف تحدت نساء ”بُدرُس” جدار إسرائيل العنصري؟
الأكثر مشاهدة
تنهال جرارات المحتلين على القرية، الواقعة غرب رام الله، يصاب الأهالي بالذعر وقلة الحيلة، ولكن فتاة في الخامسة عشر من عمرها تحدت الجموع، ووقفت أمام الجرارات، التي سعت لقطع شجرة زيتون، ومنعتها مستبسلة غير عابئة، لتكون الشرارة التي تلهب حماس أهل القرية، وتجعلهم يؤمنون كيف يمكن لمشاركة النساء أن تُحدث فرقا؟
"بُدرُس" قرية فلسطينية في الضفة الغربية استطاعت عام 2003 أن تقاوم مشروع الجدار العازل الذي تعمل عليه إسرائيل منذ عام 2002 وحتى الآن، رغم قرار محكمة العدل الدولية عام 2004 بأن بناء الجدار غير قانوني، ومثلها أقرت المحكمة الإسرائيلية العليا بضرورة تغيير مساره.
أنتجت المخرجة البرازيلية والناشطة الحقوقية جوليا باشا فيلما وثائقيا عن القرية، ومقاومة أهلها للجدار وقدرتهم على الصمود أمام هراوات ورصاصات الإسرائيلين. والسر وراء نجاحهم، كان تظاهراتهم، التي وصلت إلى أكثر من 50 تظاهرة سلمية على مدى 11 شهرا أسبوعيا، وكان أكثر من نصف المشاركين بها نساء، مظهرين قدرة منقطعة النظير على التحدي والصمود أمام اعتقالات والضرب والقتل.
كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي تقضي على خيرات القرى الفلسطينية وتمحي وجودها في سبيل إنشاء هذا الجدار، وتدمر آلاف الدونمات من الأراضي وتقطع أشجار الزيتون، ولكن مقاومة أهالي "بُدرُس" السلمية، التي ألهمت قرى أخرى في الضفة الغربية، استطاعت أن تنقذ أكثر من 1200 من الدونمات، وما يقرب من ثلاثة آلاف شجرة زيتون.
ترى جوليا، بعد اطلاعها على دراسات أكاديمية، أن سبب نجاح "بُدرُس" هو وجود حركة مقاومة سلمية استطاعت أن تمثل النساء بشكل عادل وتمنحهن المساحة لتولي مراكز قيادية، فالحركة تمكنت من خضوع الإسرائيليين لرغبتهم، واضطرارهم إلى تحريك الجدار إلى الخط الأخضر المعترف به دوليا، دون اللجوء إلى محكمة إسرائيلية أو استخدام للعنف.
نجاح الحملات السلمية، كما أوضحت جوليا، لا يأتي من اعتناقها لإيديولوجيا فكرية معينة، أو معتقد ديني ما، أو إيمانها الديمقراطية من عدمه، ولكن المؤشر الرئيسي هو التمثيل النسائي العادل ومشاركة المرأة في الحياة العامة، والترحيب بوجودهن في المراكز القيادية.
الكاتب
هدير حسن
الثلاثاء ٢٧ سبتمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا