”هيلد” لم تأكل منذ 6 سنوات بسبب مرض نادر
الأكثر مشاهدة
ست سنوات من الألم دون معرفة السبب الحقيقي، ودون وجود إجابة واضحة، تناول أي طعام أو شراب يصاحبه دوما إعياء شديد وشعور بالتعب والإرهاق، هكذا كانت تعيش ماكنزي هيلد، الفتاة الأمريكية، 26 عاما، لتنتهي معاناتها على يد طالبة في السنة الرابعة بكلية الطب.
بدأت معاناة هيلد مع مرض نادر، وهي في الـ 19 من عمرها، فكانت تصاب بآلام في المعدة بعد تناولها لأي شئ، مما أفقدها القدرة على تناول الطعام، وكان وزنها لا يتعدى 35 كيلوجراما، مما أصاب والديها بالخوف والقلق، فخضعت لعدد من التحاليل والاختبارات لكافة الأمراض، وكانت النتيجة دائما "سلبية".
اعتقد كثيرون أن هيلد فقدت شهيتها، أو أنها تعاني من الإجهاد، إلى جانب أسباب أخرى توفعوها مثل: رغبتها في جذب الانتباه، أو السعي للكمال، أو هو مجرد الم عادي في المعدة، ولكن هيلد كانت تخبرهم وهي تبكي "الأمر ليس كذلك، أتمنى ان أكل ولكني لا استطيع".
الألم المصاحب لتناول الطعام كان يستمر لأربع ساعات بشكل يصعب تحمله، وكانت أمنية هيلد في هذه الأوقات ان تعرف سببه فقط "لم اكن أعرف ما هو السبب الحقيقي"، وهو الأمر الذي كان يصيبها بالجنون أحيانا، فكانت تُعرض على عدد من الأطباء والخبراء لمعرفة كيف تزول هذه الألام؟ ولكن دون جدوى فنتائج التحليلات والاختبارات تخبرهم أنها لا تعاني من أي مرض.
البداية كانت مع سفر هيلد إلى أفريقيا، فقد تمنت منذ طفولتها أن تكون طبيبة هناك، ففي عام 2009، وهي طالبة في السنة الثانية بجامعة واشنطن، ذهبت إلى أوغندا للعمل في عيادة ريفية لمدة 3 هور، وبعد عودتها كانت قد خسرت 7 كيلوجرامات، اعتقدت أن السبب هو الأدية المضادة للملاريا، ولكنها لم تكن كذلك، فالألم المصاحب لتناولها الطعام كان اخف ولكنها لم يختف.
سافرت هيلد مرة أخرى إلى رواندا للعمل ضمن مجموعة مساعدات طبية على مرضى فيروس نقص المناعة البشرية، ولكن هذه المرة عند عودتها صُدمت أسرتها بعد رؤيتها في المطار، فآلام المعدة أصبحت اشد، وأفقدتها ما يقرب من 15 كيلوجراما، فخضعت لعدد من الفحوصات الطبية والأوبئة والفيروسات مثل كورنا، ونقص المناعة الشرية، وكذلك الاضطرابات الهضمية ولكنها كنت سلبية.
وفي أثناء دراستها الطب بجامعة هارفارد، شعرت بإعياء شديد نُقلت على إثره إلى مستشفى بوسطن، وقام الأطباء بفحصها، وجعلوها تتوقف عن الدراسة والذهاب للجامعة، وفي النهاية اضطروا إلى تركيب أنبوب تغذية بأنفها، في ربيع 2011، ليتوقف ألم المعدة وتعتمد على هذا النبوب في تغذيتها بشكل كامل، ثم سمحوا لها باستئناف الدراسة بعد أن وصل وزنها إلى 47 كيلوجراما.
وخوفا من إصابة معدتها بالضمور، وبعد أن سبب هذا الأنبوب التهابات في جيوبها الأنفية، قام أحد الأطباء باستبداله بأنبوب آخر تم زرعه في المعدة، وخضعت لنظام يعمل على تسريع الهضم، وبدأت هيلد تتناول أدوية للتحكم في آلام المعدة، التي لم تتوقف يوما.
لم تسمح هيلد لحالتها أن تتحكم بها، وتوقفها عن هدفها الرئيسي، ففي مايو 2014، بعد تخرجها، قررت السفر إلى جنوب أفريقيا للعمل ضمن مشروع عن وفاة الأمهات في القرى الفقيرة، وفي اثناء ذلك تواصل والداها مع طبيبة متخصصة في الحلات الحرجة والمعقدة، وهي جيسيكا جولد، 29 عاما، الطالبة في السنة الرابعة بجامعة كاليفورنيا.
قضت جولد ما يقرب من 50 ساعة في محاولة ربط الأفكار والوصول إلى حل، حتى وجدت حالة نادرة عن وجود رباط مقوس يمتد من الحجاب الحاجز وحتى الشربان الأورطي ومنه إلى المعدة. وهو عيب خلقي موجود لدى ما يقرب من 10 إلى 20% من سكان العالم، ولكنه ينشط ويتطور لدى 1% منهم، ويدعى MALS.
وفي النهاية، وبالتعاون مع دكتور كريستوفر سيكلي، رئيس جراحة الأوعية الدموية في المركز الطبي بجامعة شيكاجو، خضعت هيلد لجراحة بهدف تخفيف آلام المعدة في 18 مارس 2015، استمرت ساعتين ونصف. كانت هيلد قبل الجراحة غير مصدقة، فأتت من جنوب افريقيا بعد ساعات من الاتصالات عبر سكايب مع الأطباء وتمنت أن يكون هذا هو السبب الفعلي لآلامها.
وفي اليوم التالي للجراحة، تناولت هيلد وجبة خفيفة من البيض في المستشفى، وبكت بشدة لأنها أخيرا لم تعد تشعر بأي ألم، وقالت "لم أستطع أن أصدق أن هذا العدد الكبير من الأطباء غاب عنه هذا، وكنت سعيدة بإيجاد الإجابة أخيرا". وعادت لاستكمال ما بدأته في أفريقيا بعد ما أكسبتها محنتها وجهة نظر أخرى للحياة وللطب أيضا.
الكاتب
هدير حسن
الأربعاء ٢٨ سبتمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا