”مالالا”.. فتاة باكستان التي تصدت لطالبان ونالت ”نوبل”
الأكثر مشاهدة
مالالا يوسف زاي، الفتاة الباكستانية التي اعتبرها العالم رمز التصدي للإرهاب والمحاربة من أجل الحق، فقال عنها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون: "مالالا رمزا عالميا لحق كل فتاة في التعليم"، تكمل التاسعة عشر هذا العام، وتحتفل اليوم مع فتيات أخريات باليوم الدولي للفتاة الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
عندما تحدت مالالا طالبان كانت لم تتخط الـ 15 عاما، فمشوارها بدأ مبكرا منذ أن قامت حركة طالبان بالسيطرة على وادي سوات، شمال غرب باكستان، حيث تعيش مالالا مع أسرتها، وبدأت قيود الحركة تسيطر على الفتيات وتعليمهن بالمنطقة، فأصدرت فتوى في مطلع 2009 يحظر على الفتيات الالتحاق بالمدارس.
وفي نفس العام، اتفق مراسل قناة بي بي سي الأردية مع مالالا أن تقوم بكتابة تدوينات تحت اسم مستعار تصف شكل الحياة في ظل وجود "طالبان" في مدينتها وكيف ترى النزاع بينها والحكومة؟، وبالفعل نشرت أول مقالة لها بعنوان "أنا خائفة"، وظلت ترسل تدويناتها لفترة طويلة وتتناول بها أوضاع عودة الدراسة أحيانا، وتوقفها أحيانا أخرى بسبب نشوب صراعات مفاجئة بين الحكومة الباكستانية و"طالبان".
ومع آخر مقالات مالالا على القناة الأردية يوم 19 مارس 2009، قرر والدها ضياء الدين يوسف زاي، الذي تعتبره مثلها الأعلى، أن يوثق تدويناتها بالحكي عبر فيلم وثائقي، فراسل آدم إليك صحفي بجريدة نيويورك تايمز، وقام بتصوير الفيلم ونشره، فأحدث ضجة واسعة بداية من منتصف 2009، وتم استضافة مالالا في عدد من البرامج التلفزيونية، ثم كشفت قناة بي بي سي عن هويتها.
أصبح تواجد مالالا للحديث عن حق الفتيات في التعليم والحصول على حياة كريمة على شاشات التلفزيون والقنوات الفضائيات أمرا شائعا، حتى تم ترشيحها لجائزة السلام الدولي للأطفال المقدمة من مؤسسة حقوق الطفل الدولية الهندية، وفي أواخر 2011 حصلت مالالا على جائزة الشباب الوطنية للسلام في باكستان، وذاع صيتها، مما أكسبه كراهية وبغض "طالبان" التي توعدها أعضاؤها بالقتل.
وفي 9 أكتوبر 2012، نفذ مسلحون قرار "طالبان"، وحاولوا قتل مالالا، التي اعتبروها "رمز الكفر والفحشاء"، ولكن الرصاصات الثلاث، التي أطلقوها عليها في أثناء عودتها إلى منزلها بعد انتهاء يومه الدراسي، أصابت واحدة منهن مالالا في جانبها الأيسر، بينما تعرضت زميلتين أخرتين لها للإصابة، وظلت مالالا واقعة تحت تأثير الغيبوبة لمدة أسبوع حتى أفاقت وخضعت لعدد من العمليات الجراحية للتخلص من الرصاصة التي كادت أن تؤثر على عمودها الفقري.
بعد عملية إطلاق نار، نالت مالالا شهرة عالمية واسعة، فقد انتبه لقضيتها كثير من مسئولي الدول الأوروبية والولايات المتحدة، فبعد الحادثة احتج أكثر من مليوني شخص في عدد من المدن الباكستانية، وقاموا بتوقيع عريضة للمطالبة بحق الفتيات في التعليم، مما أدى إلى إصدار أول قانون لحقوق التعليم في باكستان.
وفي يوليو 2013، ألقت مالالا كلمتها المؤثرة أمام اجتماع الأمم المتحدة للشباب، وقالت: "دعونا نلتقط كتبنا وأقلامنا، هم أقوى أسلحتنا. معلم واحد، وكتاب واحد، وقلم واحد يمكن أن يغير العالم"، وأكدت أن الحادث لم يثبط عزيمهتا وإصرارها ولكنه أزال اليأس والخوف، وولد الشجاعة، وأسمت الأمم المتحدة يوم 12 يوليو باسم "يوم مالالا"، الذي صادف يوم ميلادها في عام 1997.
أصبحت مالالا أيقونة الدفاع عن حقوق الفتيات في كل أرجاء العالم، وفي أكتوبر 2014 حصلت على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الناشط الهندي كايلاش ساتيارثي لدفاعه عن حقوق الطفل، لتصبح بذلك أصغر حاصلة على الجائزة، وانتشرت نشاطاتها في بلدان العالم، وعبر المؤسسة غير الربحية التي تحمل اسمها قدمت مساعدات لبلدان عدة تواجه تحديات سياسية واقتصادية تؤثر على حقوق الفتيات.
تبرعت بـ 50 ألف دولار للمستاهمة في إعادة بناء مدرسة تابعة للأونروا في غزة، وافتتحت مدرسة في مخيم للاجئين السوريين في لبنان، وتحت عنوان "أنا مالالا" نشرت مالالا كتابا يحكي سيرتها الذاتية بالشتراك مع الصحفية الأمريكية كريستينا لامب، وفي عام 2005 قام المخرج ديفيس جوجنهام بإخراج فيلم "أسماني مالالا"، الذي يروي قصتها، وترشح لجائزة الأوسكار، وتم عرضه في ما يقرب من 80 دار عرض في بريطانيا.
تعيش مالالا، الآن، مع أسرتها في مدينة برمنجهام ببريطانيا، بعد أن نالت شهرة واسعة وجوائز تقديرية، وثقة جمهور واسع من الفتيات يقدر بـ 1.1 بليون فتاة أقل من 18 عاما ينتظرن أن تكون الفتاة الباكستانية صوتهن.
الكاتب
هدير حسن
الثلاثاء ١١ أكتوبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا