إيزابيل إيبرهارت.. متمردة سويسرية رحلت في الجزائر
الأكثر مشاهدة
ملامح أجنبية هادئة لا توحي بالثورة المشتعلة في رأسها، عايشت ظروفا قاسية جعلتها ترفض أن ترضخ وتنصاع لما يبدو غير مريح لها.
ولدت إيزابيل إيبرهارت في جنيف بسويسرا في 17 فبراير 1877، كانت والدتها من أصول روسية رحلت من بلدها إلى سويسرا بصحبة مدرسها الشخصي ألكسندر تروفيموفسكي، وهناك أنجبت ابنها أوجستين وبعدها بشهور وصلها نبأ وفاة زوجها، ثم أنجبت إيزابيل دون زواج من أحد، ولذلك، ظلت إيزابيل لا تعرف من هو والدها، وتم تسجيلها كابنة لقيطة، مما سبب لها الكثير من المعاناة مع أخوتها، الذين رفضوا إعطاءها أي نصيب من الميراث المخصص لهما، كما سبب لها الكثير من المشكلات على الصعيد النفسي، وإن كان يُعتقد أن المدرس الخصوصي لوالدتها هو والدها الحقيقي.
كانت جدتها ترعاها، وتم نسب إيزابيل إلى الاسم العائلي الخاص بها، ولطبيعة الظروف التي مرت بها، ونظرا لجفاء العلاقة بينها وبين أخوتها اتجهت غلى القراءة والعلم والمعرفة، وكانت تهتم بإتقان اللغات الأخرى، فتعملت التركية وتواصلت بها مع عدد من المستشرقين والكتاب الروس، حتى حصلت على كتاب في النظام النحوي في اللهجة القبائلية.
استطاعت إيزابيل أن تتقن ذلك كله، وهي ما زالت في الـ 14 من عمرها، مما أعطاها ثقة بنفسها وبقدرتها على التحرر من قيود المجتمع، فكانت ترتدي ملابس الرجال اعتقادا منها أنها تمنحها حرية أكبر، وفي عام 1897 قررت أن تهاجر إلى الجزائر، وهناك تعرفت على عالم آخر أحبته بعيدا عن الحياة التي عايشتها في سويسرا.
في الجزائر، عملت إيزابيل صحفية تراسل جريدة الأخبار السويسرية لتغطية حياة الجزائريين في ظل الاستعمار الفرنسي، الذي بدأ في 1830، وهناك كان النقطة الفاصلة في حياتها، فاختبرت حياة البدو والقبائل وأحبتها، وقالت عنها "إحساس رائع أن تعيش بسيطا فوق أرض طيبة وشعب لطيف.. سأعيش بدوية دوال حياتي، عاشقة للآفاق المتغيرة والأماكن البعيدة غير المستكشفة لأن كل رحلة، حتى إلى المواقع المعروفة عند الجميع، هي استكشاف".
غير الجزائر كثيرا في ميول واتجاهات إيزابيل الفكرية، وإن كانت لم تغير في طبيعتها المتمردة، فبعد البحث والدراسة اعتنقت إيزابيل الإسلام، وتعاونت مع فرقة المسلمين الصوفيين القادرين السرية، والتي كانت تدعو إلى مواجهة فرنسا ورفض احتلالها للجزائر، وبسبب ذلك تم نفي إيزابيل إلى فرنسا.
في المنفى تعرفت على الجندي الفرنسي، الذي أسلم فيما بعد وأطلق على نفسه اسم "سليمان"، وتزوجا عام 1901 ومنحها الجنسية الفرنسية مما سمح لها بالعودة إلى الجزائر مرة أخرى، حيث كان مثواها الأخير.
قبل رحيلها في 21 أكتوبر 1904، كانت تقطن إيزابيل مع زوجها قرية عين الصفراء على الحدود الجزائرية المغربية لتغطية عمليات الجيش الفرنسي هناك، إلى أن تعرض منزلها الطيني للانهيار جراء الفيضان، وترحل وهي ما زالت في الـ 27 من عمرها.
الكاتب
هدير حسن
الثلاثاء ٠٦ ديسمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا