”دينا” تعاند المجتمع وتعمل ”حلاقة للرجال” منذ 8 سنوات
الأكثر مشاهدة
هدير حسن - سمر حسن
في مشهد غير مألوف على المجتمع المصري، نجد في إحدى المحال المتراصة على جانبي شارع من شوارع حي الزمالك الراقي فتاة يغلب عليها الطابع الهادىء تمسك بتمكن "شفرة الحلاقة"، وبمهارة المتمرس تصل إلى حلاقة الذقن المناسبة، وفور انتهائها ترتب أدوات الحلاقة ثم تنتقل إلى تنظيف الأرضية فهي صاحبة أكثر من مهمة في صالون الحلاقة الرجالي.
خرجت "دينا أمين" من رحم منطقة شعبية تحكمها العادات والتقاليد، ووصلت في التعليم إلى المرحلة الإعدادية، ووفقا لظروفها الصعبة اضطرت أن تكمل مشوارها التعليمي من المنزل وهي الآن في الصف الثاني الثانوي التجاري. نظرا لظروف عائلتها العصيبة أصبحت الفتاة التي تبلغ من العمر 29 عامًا المعيلة لأسرتها، وخرجت إلى سوق العمل فاتجهت في البداية إلى صالونات التجميل النسائية، ونظرا لكثرة المشاكل التي تعرضت لها تركت العالم النسائي.
"اشتغلت في الرجالي استريحت وفي الحريمي مكنتش مستريحة" ورغم اقتصار عدد من المهن في المجتمع على الرجال وحظرها عن السيدات، فمن المألوف أن نجد أشهر رواد التجميل الذين يعملون داخل صالونات التجميل النسائية رجال، في حين ينفر كثيرون من وجود فتاة داخل صالون حلاقة رجالي، ولكن كسرت "دينا أمين" هذه القاعدة فهي تعمل منذ 8 سنوات في أكثر من محل حلاقة للرجال.
صمتت "دينا" بُرهة من الزمن وعادت لأول "زبون" قامت بحلق ذقنه "أول زبون حلقتله دقنه كان دكتور جراح"، ثم تحدثت عن أسرار المهنة التي تعلمتها من زملائها "مسكة البنزة اتعلمتها لما عورت صاحب المحل" ومن تلك اللحظة تمرست في مسك البنسة، أما حلاقة الذقن تعلمتها بالنظر .
لم يقتصر عملها في صالون الحلاقة الرجالي على تصفيف الشعر وحلاقة شعر الرأس والذقن، بل يشمل تنظيف البشرة وتقليم الأظافر والعناية بالقدمين واليدين، وكانت أصعب المهام لدينا التي تستمر في العمل أكثر من هي "الباديكير" وتقليم الأظافر، مبررة ذلك بأنه يحتاج إلى فن ومهارات معينة ففي بعض الحالات يكون علاجًا أكثر من كونه تجميلًا "أنا داخلاها عند وتحدي مع الرجل".
لم تسلم الفتاة من التعرض للعديد من المواقف السيئة من قبيل المعاكسات، ففي إحدى المرات تعقبها زبون واتبع أساليب عدة لمضايقتها ولكن قادها حسن التصرف للخروج من الموقف .
"بوري الناس أني بشتغل في كوافير رجالي وبتعامل مع الرجل وأن البنت بتتعامل مع جميع الناس"، وبنظرة عتاب لامت الصورة النمطية المتكونة عن الفتيات اللاتي يعملن في مهنة "الكوافير"، متمنية أن يتم النظر إليهن بشكل إيجابي. وفيما يتعلق بالنقطة السابقة استكملت حديثها مع "احكي" عن ارتباط الرجل بالفتاة التي تعمل في صالونات التجميل الرجالي "الرجل المصري لا يرضى الارتباط بفتاة تعمل كوافير"
كما تحمل دينا على عاتقها مسئولية أسرتها، ومساهمتها في مصروفات المنزل، لم تتركها الظروف وحالها، ولكن القدر أضاف إليها أعباء جديدة، ففي سبتمبر العام الماضي (2016) علمت دينا بإصابتها بسرطان الرحم "اللي أعرفه انه المرض ده لما بيجي بيموت"، وكان لا بدّ من خضوعها للجراحة بشكل عاجل.
قررت أن تسير في طريق العلاج دون أن تخبر أحدا من أسرتها، بل حرصت في ووسط أزمتها أن تسافر هي وأسرتها في نزهة كى لا تشعرهم بما تحمله بداخلها، وفور عودتها أجرت العملية ثم اتجهت إلى العلاج الكيماوي.
تعتبر دينا أن تجربة مرض السرطان صعبة لكنها استطاعت أن تتخطاها "مرحلة قوتني وموتتني في نفس الوقت"، فأضحت أكثر صلابة وقدرة على مواجهة المواقف، رغم أنها ما زالت تحمل بداخلها آلم عدم الشفاء إلى الآن، والخوف من مستقبل قد تُحرم فيه من نعمة الإنجاب.
الكاتب
احكي
الخميس ٠٦ يوليو ٢٠١٧
احمد
ممكن العنوان أو التليفون